قبل عام تقريبا اعددنا ملفا تحت عنوان «ثورة يناير تبحث عن مطرب» وعبر استطلاع لآراء الثوار فى الميدان جاء حمزة نمره مطربا صنعته الثورة وكان جزءا من وجدان ميدان التحرير، وبالمصادفة نشر الملف فى 11 فبراير يوم التنحى ومع لحظة الميلاد الجديد لمصر كلها ولد نمره كأحد نجوم الغناء فى زمن الثورة، وخلال عام أصبح حمزة نمره رقما صعبا فى سوق الغناء ونجح بألبومه الأخير «إنسان» ان يحتل مكانة متميزة بقوائم مبيعات الألبومات طوال الأشهر الخمسة الماضية ليؤكد ان هناك تغييرا قد طرأ على سوق الكاسيت يسمح لأصحاب التجارب الغنائية المختلفة بأخذ مواقع على السلم التجارى لسوق الكاسيت تتناسب مع القيمة الفنية لأعمالهم. وعقب الألبوم طرح نمره أغنية «لسه العدل غايب» ليبقى مشتبكا مع الأحداث السياسية.
قال حمزة: هناك اختلاف كبير وتغير فى حياتى ما بعد طرح ألبوم إنسان، وهى اختلافات ليست على مستوى شخصيتى الإنسانية أى اننى لم اشعر بالنجاح ولم أعشه ولكن على المستوى الفنى خاصة أن الألبوم حقق نجاحا فاق توقعاتى أو توقعات الشركة المنتجة. وهو نجاح بعد صبر ولم يكن مفاجئا وهو مستمر منذ طرح الألبوم وحتى الآن.
● تقول انك لم تشعر بالنجاح؟ لم أشعر به بالطريقة التقليدية التى قد يقع فيها الكثيرون بمعنى اننى لم اعتقد اننى عبقرى وتفوقت وانما شعرت بأننى أسير على الطريق الصحيح دون فرقعات أو طفرات.
● ما هو مقياسك للحكم على الالبوم انه نجح؟ هناك مقياسان الأول ما يخصنى وهو وصول الألبوم لأكبر قدر من الناس ولشرائح جديدة من الجمهور فمثلا سمعت أغانى الألبوم موضوعة فى كوليكشن مع شخص بسيط يركب موتوسيكل وسمعتها فى شارع المعز وغيره من شوارع مصر بل ان أغنية يا هناه كانت تغنى فى محال بيع الأدوات المدرسية وفى طابور الصباح بإحدى المدارس.
المقياس الثانى خاص بالشركة المنتجة وهو مقياس المبيعات وزيادة الاقبال على الحفلات والشركة لديها ما يثبت رقميا النجاح فى توزيع الألبوم.
● بمناسبة المبيعات هل بالفعل تخطت مبيعات ألبومك مبيعات ألبوم عمرو دياب؟ طبعا وهذا أمر أسعدنى وان كنت لا أهتم بهذه النوعية من المقارنات بصراحة «مش فارقة معايا» لأنها ليست نهاية المطاف بالنسبة لى ولم تكن من بين أهدافى أصلا ان أنافس عمرو دياب أو غيره من نجوم سوق الكاسيت أو ان أكون على قمة المبيعات ولكن كان هدفى الأساسى ان أقدم فنا له قيمة ويؤثر فى قطاع كبير من الناس.
● هل كنت واضعا أهدافا محددة لأغنياتك الجديدة قبل البدء فيها؟ بالفعل قبل البدء فى العمل بهذا الألبوم جمعت كل الفريق الذى قررت ان اعمل معهم وقلت لهم بالحرف «مش عايز ألبوم لا بره ولا جوه السوق انا عايز ألبوم فوق السوق» بمعنى اننى لن اقدم ما تفرضه السوق وأكرر تجربة احلم معايا بتقديم البوم يرضينى فقط بعيدا عن حسابات السوق وانما قررت ان أقدم ألبوما يجمع بين القيمة الفنية ومفاتيح النجاح فى سوق الكاسيت واقتصاديات المنافسة.
● فى رأيك ما هى مفاتيح النجاح فى السوق الغنائية؟ المفتاح الأساسى لنجاح أى أغنية عربية هى الكلمات فالأغنية تدخل قلوب الناس من كلامها ولذلك كنت اراجع كلمات الألبوم بالكلمة وكنت حريصا على ان تكون كل كلمة معبرة عن الفكرة التى أرغب فى توصيلها للناس ثم تقديم الألحان وتوزيعات جديدة وهذا كان السبب الأساسى لتوزيع الألبوم كاملا فى تركيا.
● بمناسبة الألحان قمت بتلحين معظم أغانى الألبوم فهل هذا يحرمك من التنوع؟ ليس التنوع بالعمل مع عدد كبير من الملحنين ولكن التنوع بالاطلاع والمذاكرة الدءوبة لجديد الموسيقى فى العالم، مع العلم بأن أشهر نجوم الغناء فى العالم يقومون بالتأليف والتلحين لأنفسهم ولو استعانوا بآخرين يكون ذلك فى اضيق الحدود، ولابد ان اوضح اننى محكوم بشخصية فنية اركز على تكوينها ورسم ملامحها لذلك اسعى للتنوع من خلال ما يتناسب مع أهدافى وملامحى الفنية.
● هل تعتقد ان أغنياتك نجحت للاسباب التى ذكرتها أم لأن السوق نفسها تغيرت؟ بالفعل السوق تغيرت ومزاج الناس تغير وهذا ليس مجرد سبب للنجاح ولكنه أساس نجاح اغنياتى ووصولها لشرائح جديدة بل اننى انا شخصيا تغيرت ولا يمكن ان نقول ان الجمهور بعد الثورة لم يختلف ولم يرتفع مستوى وعيه واحساسه بالفن الذى يعبر عنه وهذه الأرضية التى عليها حققنا ما نسميه بالنجاح فى الوصول لجمهور جديد.
● لديك شعور دائم بأنك لم تكن واصلا لشريحة كبيرة من الناس؟ اعترف طبعا اننى كنت معروفا ومسموعا على نطاق ضيق وعندما اطلقت البوم احلم معايا كنت اعرف انه لن يصل لكل الناس وان هناك شريحة محددة ستستوعبه وتسمعه ولكن تفكيرى تغير وأصبحت حريصا على الوصول لشرائح أكثر وجمهور أكبر وأتمنى ان أصل فى الألبومات القادمة لشرائح أكثر.
● بعد الألبوم طرحت أغنية «العدل غياب» لماذا؟ الأغنية طرحت تفاعلا مع حالة المماطلة والضبابية وعدم الرؤية التى كانت سائدة قبل أشهر قليلة فلم نكن نعرف هل سيتم تسليم السلطة للمدنيين أم لا لدرجة ان بعض الأصوات خرجت وقتها تبشر بثورة جديدة وهذا ما أشارت له كلمات الأغنية.
«لسه العدل غياب.. طب إيه الأسباب؟! لو بتقولوا إن أنتوا معانا طب ليه بتصفوا حساب؟!.. ليه عايزنا فى ضلمة بعد ما شفنا النور؟!.. ليه خايفين من كلمة، يا عُباد المأمور!.. لسه الحق مجاش ومفيش دم بلاش.. قطر الناس قشاش، مين مستنى الدور؟!.. مش قابلين بالحاصل لو صوتنا ماهوش واصل.. طيب فاصل ونواصل ونكمل ونثور».. وانا اتفاعل مع ما يحدث حولى كمواطن مصرى يملك وسيلة الغناء للتعبير عن افكاره ومواقفه وبالتالى من حقى مثل أى مواطن ان انتقد السلطة التى تحكمنى.. وان كنت أرى ان الصورة الآن تغيرت واكتملت الانتخابات وأصبح تاريخ تسليم السلطة واضحا وان كنا نأمل فى موعد أقرب مما هو معلن والآن علينا الصبر.
● لديك أغنية بعنوان «الوشوش» أصبحت مثالا للهجوم السياسى الآن؟ بصراحة هذا الاستخدام للأغنية يعد تحريفا للهدف الأساسى منها وهو التعبير عن حال كبار فلول النظام السابق الذين كانوا يساندون مبارك وتانى أيام تنحيه حاولوا ركوب موجة الثورة.
● هل أفادك اهتمامك بالسياسة أم أضرك؟ بالنسبة لتجربتى الشخصية أرى ان تفاعلى سياسيا كان مفيدا لأنه يكمل صورتى كإنسان مصرى لديه هموم وأفكار ومشاكل يومية ويمنحنى فرصة للتعبير عن أفكارى على عكس بعض المطربين الذين حرموا انفسهم من التعبير عن أفكارهم بسبب اصرارهم طوال السنوات الماضية على الظهور فى صورة المحايد الذى لا يقف أى موقف محدد خوفا من ان يخسر الجمهور.
● اذن انت لا تخشى ان تخسر الجمهور؟ على العكس انا حريص أن اكسب الجمهور ولكن بطريقتى بمعنى اننى اتفق مع من اتفق ومن اختلف معه سنختلف بطريقة متحضرة لا تصل بنا إلى ان نخسر بعضنا البعض وسأقدم نفسى على انى مواطن لا يستطيع الانفصال عن مجتمعه والجمهور سيستوعب ذلك.
● تُعد أحد المطربين الذين ولدوا فى الميدان كيف ترى مصر فى 25 يناير المقبل؟ اتوقع الخير وأتمناه ثقة فى ان الله لن يترك مصر لأى سوء ولكن لدى تخوفات من بعض الاندفاعات غير المسئولة بعد ان تأكد ان هناك من يريد السوء لمصر والثوار وخصوصا اننى الآن اعترف ان هناك خطأ كبيرا وقعنا فيه وهو عدم وجود كيان رسمى يمثل الثوار وينسق خططهم فأصبحنا رد فعل على أفعال الآخرين.