سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شاهندة مقلد (أم الفلاحين) تتحدث ل(الشروق) عن كيفية صياغة علاقة جديدة بين الفلاح والدولة مبارك أنهى حكمه بالقضاء على الزراعة رغم أهميتها فى الاستقلال الوطنى
«قصة الزراعة ليست قصة الفلاحين فقط، قصة الزراعة هى قصة استقلال مصر فى توفير الغذاء وبالتالى استقلال مصر فى اتخاذ القرار السياسى، وهذا ما ينبغى على الدستور الجديد والنظام المقبل أن يعيه جيدا»، هكذا قالت شاهندة مقلد أيقونة الحركة الفلاحية فى مصر. مقلد تحدثت ل«الشروق» عما تراه واقعا مؤسفا لحال الزراعة والفلاحين وما تراه حتميا من قوانين وآليات يجب أن تتخذ وتفعل مع الأسابيع والشهور المقبلة لتتحول الصورة من الرمادى إلى الأخضر.
لقد أنهى مبارك حكمه وقد فقدت الزراعة المصرية الكثير من مقوماتها الرئيسية ففقدنا القطن طويل التيلة ونسينا حلم الاكتفاء الذاتى من القمح وفتح باب الاستيراد على مصراعيه فنستورد الغذاء الأساسى ونصدر أرزا استهلكت زراعته مياها يجب أن نتحسب كثيرا فى استخدامها.. والحقيقة أن هذه السياسات بدأت فى النصف الثانى من السبعينيات واستمرت عبر العقود التالية.
لقد تسببت السياسات الزراعية خلال العقود الماضية فى تقويض ذراع مهمة من أذرع الاقتصاد المصرى وهى الزراعة كما أنها نالت من حال الفلاح المصرى الذى أصبح يفتقر للعمل فى ظل سياسات زراعية رشيدة تدعم عملية الانتاج الزراعى وتنميها بعد غياب بنوك التسليف الزراعى فتراكمت الديون على الفلاح وضربت العلاقة الإيجارية بين صغار الملاك الذين لا يزرعون أراضيهم وصغار الفلاحين الذين يتقوتون من زرع أيديهم فترك ملايين المصريين العمل بالفلاحة.
اتحاد الفلاحين المستقلين الذى بدأ نشاطه فى مطلع الثمانينيات ولم نسع لترخيصه إلا بعد ثورة 25 يناير تفاديا لأية احتكاكات مع أجهزة الدولة يسعى اليوم لأن يساهم فى صياغة جديدة للعلاقة بين الدولة والفلاحين وبين الملاك، خصوصا صغارهم، والزراع، والهدف اليوم هو إلغاء كل القوانين التى صدرت ضد مصالح الفلاحين.
يجب بداية إلغاء جملة من القوانين بداية من القانون 117 لسنة 1976 الذى بموجبه تم إنشاء ما يسمى ببنوك القرى التى تسلمت مهام ومقدرات وأموال ودور الحركة التعاونية الزراعية بكل ما ترتب على ذلك من إهدار للانتاج الزراعى وتدمير لحياة الفلاحين، وكذلك القانون 96 لسنة 1993 الخاص بالعلاقة الإيجارية الذى ألغى العقود الإيجارية القائمة حتى عام 1997 والذى أعطى الملاك الحق فى طرد المستأجرين بإرادتهم المنفردة وبدون أى تعويض.
بالتوازى مع ذلك لابد من إلغاء حق حيازة المستثمرين الأجانب للأراضى الصحرواية بالمجان أو إيجار رمزى لأن التجربة أثبتت أن هذا القانون لم يؤد إلى توسيع الرقعة الزراعية بل أدى فى الحقيقة إلى فتح الباب أمام ظاهرة ما عرف بتسقيع الأراضى وبيعها لبناء مشروعات هى فى الأرجح غير داعمة للاقتصاد المصرى بالمعنى الحقيقى، والأجدر من إهدار الأراضى فى سيناء مثلا أن يتم بناء مجتمعات زراعية متطورة هناك تقوم بالسعى نحو تحقيق مصر الاكتفاء الغذائى.
سنضع مجلس الشعب الجديد، الذى تقول أغلبيته أنها أتت تحمل الخير لمصر، أمام مسئوليته نحو النهوض بالزراعة المصرية، وسنطالبه بتبنى قوانين جديدة تخدم أهداف التعاون الزراعى.
تبدأ هذه القوانين والإجراءات بتسهيل الحصول على مقومات الإنتاج لتسهيل العملية الزراعية والإسهام فى تحديد أسعار مجزية للمحاصل الزراعية، خصوصا المحاصيل الاستراتيجية، كما أنه لابد أن تكون هناك قوانين تعيد دور الدولة الداعم والمنسق للسياسة الزراعية وسندعو كل القوى السياسية للتعاون معنا فى ذلك رغم كون الفلاحين مستقلا عن كل الأحزاب السياسية.
طبعا لنا مطالب تتعلق بالدستور وسابقة على سن القوانين فنحن نريد أن يقرر الدستور بلغة صريحة أن الصيغة التعاونية هى أحد المقومات الرئيسية فى العملية الزراعية وأنها من مسببات استقرار العملية الزراعية وحقوق الفلاحين وبالتالى تحقيق العدالة الاجتماعية.
كما أنه لابد أن يؤكد الدستور أيضا على أن أراضى مصر المزروعة والقابلة للزراعة هى أراضى المصريين دون غيرهم وكذلك التأكيد على سلامة وترشيد استخدام الموارد المائية.
إلى جانب ذلك سنطالب بأن يؤكد الدستور على قيمة الأراضى الزراعية وأن يتم إصدر قوانين لوقف عمليات التجريف مع الأخذ فى الاعتبار حاجة الفلاحين للتوسع السكنى والتعامل مع هذه الحاجة من خلال بناء تجمعات سكنية موازية للتجمعات الريفية فى الظهير الصحرواى لكل محافظة، وهذه مسئولية الدولة التى لا يمكن أن تبقى غير معنية بحال الزراعة والفلاحين، وهذه فى رأيى هى الوسيلة الفضلى لحماية الأراضى الزراعية من البناء العشوائى الذى يعمل على تآكل الرقعة الزراعية التى هى ملك للاجيال الحالية، والأجيال القادمة بل إنها موروثة لهذه الأجيال عن أجيال سابقة.
الفلاح كان مشاركا فى ثورة يناير من خلال وجود بعض التشكيلات الفلاحية فى الميدان، وكان أيضا مشاركا بقوة من خلال أجيال من أبناء الفلاحين والفلاحات عملوا وكدوا لبناء جيل متعلم، لذا من حق الفلاح أن يسهم فى استمرار الثورة من خلال استمرار المطالبة بتحقيق الأهداف الرئيسية للثورة وفى مقدمتها العدالة الاجتماعية.
وصوت الفلاح المصرى فى الانتخابات التشريعية ذهب لمن كان يقدم له المساعدة فى كثير من الأحيان وذلك جراء عمليات التقويض الاقتصادى التى تعرض لها، ولا يمكن القول إن صوت الفلاح المصرى سيذهب إلى مرشح رئاسى بعينه لأن الفلاحين ليسوا كتلة تصويتية واحدة ولكن بالطبع فهناك من يتحدث بوضوح عن المشكلات الزراعية وأحوال الفلاحين أكثر من غيره، وأظن أنه يجب على كل مرشح رئاسى أن يضع القضية الزراعية على أجندة أولوياته، فقصة الزراعة ليست قصة الفلاحين فقط، هى قصة استقلال مصر فى توفير الغذاء وبالتالى استقلال مصر فى اتخاذ القرار السياسى، وهذا ما ينبغى على الدستور الجديد والنظام المقبل أن يعيه جيدا.