تعرف على الأوراق المطلوبة لتسليم التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي    للمعتمرين.. تعرف على سعر الريال السعودي اليوم    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    سفير بنما يغادر مطار القاهرة بعد انتهاء فتره عمله    إسرائيل تعلن اغتيال رئيس منظومة الأركان بحزب الله في غارة جوية على بيروت    اغتيال رئيس منظومة الأركان بحزب الله في غارة إسرائيلية على بيروت    عاجل:- ترامب يتعهد بتحويل غزة إلى وجهة عالمية أفضل من موناكو    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 5 متهمين في واقعة أعمال سحر مؤمن زكريا    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 8-10-2024-تفاصيل    عبد العاطي يبحث مع نظيره المكسيكي حادثة مقتل ثلاثة مصريين    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهم بقتل السائحة السويسرية في الفيوم    المشرحة والإجهاض.. إيمان العاصي تكشف عن أصعب مشاهدها في «برغم القانون»    ارتفاع الإصابات بفيروس ماربورج، أمريكا تنصح رعاياها بعدم السفر إلى بلد إفريقي    طن الحديد يرتفع 1169 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    هل إمام عاشور صفقة القرن للأهلي؟.. رد مفاجئ من أمير توفيق    «متاح التسجيل الآن» رابط التقديم على وظائف بنك مصر 2024    قفزة جديدة.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    30 دقيقة تأخير لخط «القاهرة - الإسكندرية».. الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    ترامب يكشف قيمة المساعدات الخارجية المقدمة لكييف    إيمان العاصي: «حياتي كلها متلخصة في بنتي ريتاج»    ابنة علاء مرسي تتحدث عن والدها....ماذا قالت؟ (فيديو)    رئيس "دينية الشيوخ": مبادرة "بداية" محطة مضيئة على طريق وطننا العزيز    وزارة الصحة في غزة: إسرائيل تعمدت تدمير القطاع الصحي    تصاعد المواجهة بين حزب الله وجيش الاحتلال.. غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    تامر عاشور وحماقي في حفل واحد، اعرف الميعاد والمكان    ريحة من الشيخ زايد إلى الحدائق، أسباب انتشار الدخان الخانق في 6 أكتوبر    أبو الوفا رئيسا لبعثة منتخب مصر في موريتانيا    اكتشفي أهم فوائد واستخدامات، البيكنج بودر في البيت    تغطية إخبارية لليوم السابع حول حقيقة انفجارات أصفهان وسيناريوهات الرد الإسرائيلى    6 سيارات إطفاء لسيطرة على حريق محطة صرف صحي ب أبو رواش    مفتي الجمهورية الأسبق يكشف عن فضل الصلاة على النبي    هل يوجد إثم فى تبادل الذهب بالذهب؟ أمين الفتوى يجيب    جريمة هزت أسيوط| قتل شقيقه ووضعه في حفرة وصب عليه أسمنت    خطة النواب: مصر مطالبة بدفع 1.3 مليار دولار لصندوق النقد الدولي لهذا السبب    معلومات عن إلهام عبد البديع بعد طلاقها.. انفصلت في نفس شهر زواجها    ملف يلا كورة.. مجموعات الأبطال والكونفدرالية.. تصريحات أمير توفيق.. وقرعة الدوري المصري    «أخذت أكبر من حجمها».. تعليق صادم من عصام الحضري بشأن أزمة قندوسي    رياضة ½ الليل| 76 ركلة جزاء بين سموحة والزمالك.. الأبرز    لماذا كان يصوم الرسول يوم الاثنين والخميس؟.. «الإفتاء» تجيب    بلاغة القرآن| تعرف على تفسير سورة الناس    أمن مطار القاهرة يحبط محاولة تهريب كمية من النقد الأجنبي بحوزة مسافرة عربية    منير مكرم يكشف آخر التطورات الصحية لنشوى مصطفى: عملت دعامات وخرجت من المستشفى    «أحمد» يحول بدلة تحفيز العضلات إلى علاج لزيادة قدرة التحمل: تغني عن المنشطات    خمسة لطفلك| تعرف على أهمية الوجبات المدرسية للأطفال    صحة المنوفية تنظم دورات تدريبية للأطقم الطبية    «إسقاط عضوية إسرائيل».. ننشر بيان مؤتمر التحالف التقدمي العالمي    حدث منتصف الليل| تفاصيل عودة خط قطارات السكة الحديد لسيناء.. والمهن الطبية تعلن زيادة مساهمات الأمرا    ننشر نص التحقيقات مع صاحب الاستديو في واقعة سحر مؤمن زكريا| خاص    رئيس مجلس أمناء حياة كريمة: تجار أعلنوا رغبتهم المشاركة فى حملة توفير اللحوم بأسعار مخفضة    بالصور.. محافظ المنيا يشهد حفل الجامعة بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    المدير الفني لنادي بلاك بولز: الزمالك أحد أكبر فرق إفريقيا ومواجهته صعبة.. والمصري البورسعيدي مميز    حسام حسن يحدد موعد انضمام صلاح ومرموش لمنتخب مصر    أبناء الجالية المصرية بالسعودية يحتفلون بذكرى نصر أكتوبر المجيد    القس منذر إسحق: نريد الحياة للجميع ولا سلام دون عدل    مصرع 5 أشخاص وإصابة 5 آخرين إثر انهيار منجم في زامبيا    عمرو خليل: فلسطين هي قضية العرب الأولى منذ عام 1948.. فيديو    بعد الموافقة على عدد من الاتفاقيات.. النواب يرفع جلساته العامة للغد    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مولد الفنون الشعبية التلقائية على أرض الميدان والمعارض الفنية تصارع من أجل البقاء
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 12 - 2011

لم تعد ثورة 25 يناير النكتة المصرية فقط من جديد، أو تفجر أشكالا من الأغنيات الشعبية والوطنية مستعيدة السامر الشعبى البدائى، بل وُلدت على أرض التحرير وميادين مصر المختلفة أشكال من الفن التشكيلى الفطرى التلقائى لا حصر لها.

هذا الزخم من الأشكال الفنية لابد أن يعكف على تحليله ودراسته ليس فقط باحثو العلوم الاجتماعية، بل منظرو تاريخ الفن أيضا. منذ أيام الاعتصام الأولى، ظهرت الحاجة الفطرية للتعبير الفنى والتواصل مع الآخرين والتعبير عن الرفض والاحتجاج، فكانت المعارض الفنية التى تولد فى الميدان، من رسوم كاريكاتيرية تقدم على «حبال الغسيل» فى الهواء الطلق، أو ورش فنية أقامها الفنان محمد عبلة مع الجمهور فى قلب الميدان، أو رسوم حرة تبنتها ودعت إليها «رابطة فنانى التحرير» تدعو الشباب والمعتصمين والزائرين للميدان أن يشاركوا فيها برسومهم، واختارت أن تعرض الأعمال فى موقع لا يخلو من دلالة، بجانب محل كنتاكى الشهير الذى كان بطل اتهام الثوار بالعمالة للخارج وتنفيذ أجندات أجنبية أيام اعتصام الثمانية عشر يوما قبل تنحى الرئيس السابق. وصارت هذه الأشكال الفنية التلقائية مادة توثيقية بالغة الأهمية تسير بموازاة الأحداث الجسيمة التى يمر بها الميدان، تهب عاصفة «موقعة الجمل»، فيقيم الشباب رسومهم الكاريكاتيرية، وتعلق اللافتات الساخرة، ويقوم المعتصمون بأداء فنى ساخر ينتمى إلى الفن الأدائى المعاصر أو «البرفورمانس» (مثل نموذج الثائر الذى ارتدى ملابس الحكم وقد وضع صفارة الإنذار فى فمه وعلق على صدره إنذاره للرئيس بأن يرحل). ويستعين الثوار أيضا بنفس الحجارة التى كانت سلاحهم الوحيد ضد قنابل الغاز والخرطوش ليكونوا بها لوحات فنية على الأسفلت فى حب مصر وفى الدفاع عن الثورة. ولم يكن غريبا أن يلتقط ائتلاف الثقافة المستقلة هذه الظاهرة الفنية الفطرية لدى المواطن ليقيم تظاهرة فنية شعبية بامتياز هى «الفن ميدان» التى تمثلت نفس مطالب التحرير وأقامت عروضها الفنية بالتوازى معها فى ميدان عابدين، يوم السبت الأول من كل شهر، لتكون شاهدا حيا على ميلاد وعودة فنون أيقظتها الثورة مثل الأغنية الوطنية والطقطوقة بروح معاصرة وفن تحريك العرائس والدويتو الغنائى المرح وغيرها.

وبالإضافة إلى الأشكال التلقائية، كان الميلاد الحقيقى لفن الجرافيتى من رحم الثورة، وهو الرسم الاحتجاجى الذى كان يعلو الجدران عند كل اعتصام. الجرافيتى (يعنى فى معناه الحرفى النقش على الحائط) الذى ارتبط عالميا بروح التمرد والاحتجاج منذ الحرب العالمية الثانية وعرفته جدران الثورات والاحتجاجات فى أمريكا اللاتينية وفى عواصم العالم المختلفة، والذى لون الجدار العازل الفلسطينى معبرا عن رفض العزلة والاستعمار، ليس فنا مصريا جديدا، بل كان وسيلة اجتماعية معروفة للدعاية التجارية أو الانتخابية على الجدران فى الشوارع ووسائل المواصلات، لكنه نما وصعد صعودا مذهلا على أيدى فنانين جرافيتى وشباب هاو وجد فيه ضالته. فمنذ اندلاع ثورة 25 يناير فى ميادين مصر، صار الشارع معرضا فنيا مفتوحا يتبارى شباب رسامى الجرافيتى، وشباب الثوار بفطرتهم الفنية، فى ملء حوائطه كتابة ورسما يزأران بالرفض. حتى إذا ما بلغتها «الأيدى الخفية» لتمحو آثار الاحتجاج وتعيد طلاء رسائل الرفض والثورة باللون الأبيض، تتحول عندئذ الجدران إلى صفحات ناصعة تغوى بالرسم عليها من جديد. إنها الثورة مستمرة أبدا.

المعارض الفنية.. صراع من أجل البقاء

أما المعارض الفنية سواء فى القاعات التابعة للدولة أو فى القاعات الخاصة، فلم تستطع وسط أحداث الثورة المتلاحقة أن تجذب الجمهور الذى كان مشدودا نحو شاشات الأخبار أو الانتخابات أو مشاركا على أرض الواقع.

ووسط زخم المعارض التى حملت عنوان ثورة 25 يناير، كانت هناك محطات أساسية عبرت عن روح الثورة. أولا كانت مشاركة الجناح المصرى فى بينالى فنيسيا 2011 بعمل فنى معاصر معبرا عن الثورة هو «30 يوم جرى فى المكان» وكان صاحبه هو الفنان وأستاذ مساعد بالفنون الجميلة أحمد بسيونى الذى حصدته رصاصات القناصة فى ميدان التحرير أثناء توثيقه للأحداث فى مشروعه الفنى الجديد. وكان كل من الفنانين ناجى فريد وفريد الدسوقى قد اعتذرا عن ترشيحهما فى البينالى من أجل إفساح الطريق لتقديم عمل معبر بامتياز عن الثورة مثل عمل الشهيد أحمد بسيونى. وبالإضافة إلى بعض معارض الفوتوغرافيا مثل معرض «الشعب خط أحمر» الذى قام به مجموعة من مصورى الشروق وكان يعكس استمرار الثورة بشكل أساسى وليس مجرد تقديم صورا من قلب المعركة، كما عكس صالون الشباب فى دورته هذا العام التأثر الفنى الشديد بأحداث الثورة من خلال العديد من الأعمال التى تحمل روح المعاصرة. وكانت هناك محطة شديدة الدلالة بعد قيام الثورة، وهو المعرض الذى أقامته قاعة بيكاسو بالزمالك بعنوان «ناصر الحلم»، وكان يجمع أعمالا للعديد من كبار الفنانين مثل محمد صبرى وحامد عويس وجمال السجينى وعبدالهادى الوشاحى تصور جميعها الزعيم جمال عبدالناصر فى فترة المد الثورى فى الأقطار العربية. وعكس هذا الاهتمام بحلم العروبة والقومية العربية فى لحظة الربيع العربى التى نعيشها اليوم فى 2011، ليس فقط البحث عن كل هذه المعانى المعبرة عن الثورة من جديد، وليس مجرد المقارنة اللازمة بين ثورة 52 وثورة 2011 التى صنعها الشعب وتسلمها المجلس العسكرى، بل عكست أيضا على المستوى الفنى أن الفن المعاصر والمعبر عن اللحظة لم يولد بعد وتلزمه مسافة زمنية لهضم الأحداث والتعبير عنها.

فقد امتلأ الموسم الفنى بالعديد من الأعمال التى كانت تعبيرا مباشرا عن الثورة بدمائها ودباباتها وشهدائها، وابتكرت بعض القاعات ترويجا جديدا لها بالإعلان عن تخصيص عائد المعارض لأسر شهداء الثورة، لكنها لم تحظ بالمصداقية التى تجعل الجمهور يقبل عليها وسط وطأة الأحداث. إذ إن الساحة الفنية تواجه رهانا صعبا كيف تنجح فى جذب المتفرج، بحيث يترك الواقع المتجسد لحظيا أمام أعينه، بكل ما به من مشاحنات حية وإصابات ودماء أريقت، كيف يترك الواقع ليقبل على مشاهد تمثيلية وإعادة إنتاجه فنيا؟

وماذا بعد؟ هل من قيادة سياسة تقود الحركة الفنية المنتعشة إلى الطريق؟ يجيب الفنان ناجى فريد، أحد منظمى سمبوزيوم أسوان الدولى للنحت تحت قيادة الفنان آدم حنين، مشيرا إلى أن الثلاثين عاما الماضية لم تصنع كوادر أو صفا ثانيا مؤهلا لحمل الشعلة الثورية، فإذا تم إبعاد أى قيادة حالية، لن تكون القيادة البديلة أكثر طموحا أو صاحبة رؤية، وعلى درجة من التخصص فى المجال الثقافى والفنى فى الوقت نفسه. ويلخص فريد المشهد قائلا: «القطاع هو جزء من وزارة الثقافة التى هى جزء من منظومة كبيرة تعانى من الخلل أو الارتباك».

أما لماذا لم تكن الثورة وقودا لمحاربة الفساد و«غربلة» المؤسسات رغم حركات الاحتجاجات العديدة التى شهدتها قطاعات الوزارة ونقابة الفنانين التشكيليين وغيرها فتأتى الإجابة قاطعة على لسان نحات الجرانيت ناجى فريد: «لم نتخلص من حسنى مبارك بعد، والقائمون على النظام هم جزء من مبارك، والموجودون آتون من مصادر وتاريخ فاسد، ومن هم مسئولون عن تفعيل الأنشطة الفنية والثقافية هم عناصر غير فاعلة، فالميزانيات موقوفة، والمجلس لا يريد أن يشعر الناس بأى تغيير، وهناك أوامر بإيقاف الأنشطة، بدليل أننا قمنا بتقليص ميزانية سمبوزبوم أسوان للنحت بشكل ملحوظ، محاولين ألا تلحق هذه التظاهرة الدولية بباقى الفاعليات التى أصيبت بالشلل بل وننوى إقامتها فى موعدها فى يناير. لا يوجد تغيير فى كل الدولة وليس فقط فى الثقافة، نحن فى انتظار ثورة أخرى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.