فتحت ثورة يناير الباب على مصراعيه لإطلاق الفضائيات الخاصة، ومن ميدان التحرير خرجت العديد من القنوات التى تبنت فكرة إيجاد إعلام الحر يواكب حالة الثورة، ويعبر عن رأى الشارع المصرى وطموحاته، وتطلعاته لمستقبل جديد يقوم على مبادئ ثورة 25 يناير التى كان مبدؤها عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية، وخرجت أول الأفكار من خلال قناة التحرير التى قامة فكرتها على الاعتماد على القدرات الإبداعية لمجموعة من الإعلاميين الذين اتفقوا على نقل ما يدور فى الشارع بدون أية رقابة أو تدخل للمونتاج فيما تعرضه القناة، وكان فى مقدمتهم الإعلامى محمود سعد الذى ترك التليفزيون المصرى بعد الثورة، وكان عليه البحث عن شاشة جديدة تتفق مع الصورة التى كان يريد تقديمها عنه كأحد فرسان التوك شو فى الوطن العربى، وكانت الفرصة متاحة من خلال مشروع يدخلة كشريك، وكذلك الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى الذى جاءت 25 يناير لتضعه فى قوائم صناع الثورة، بعد سنوات من مناهضة نظام مبارك ورجاله، وكانت القناة بمثابة نقلة جديدة يستثمر فيها عيسى خبراته فى الصحافة والسياسة والعمل التليفزيونى، معهم الكاتب والسيناريست بلال فضل الذى مثلت له القناة منبرا جديدا يمكن من خلاله تقديم ملكاته فى التناول السياسى المختلف، وكانت تجاربه السابقة مع العمل التليفزيونى فى قناة دريم من زاوية ثقافية وبرنامجه «عصير الكتب». ومن الميدان أيضا خرجت فكرة قناة 25 التى أسسها محمد جوهر صاحب شركة فيديو 2000 للخدمات الإعلامية، والتى حاول من خلالها استغلال قدرات شركته من استوديوهات على كورنيش ماسبيرو، ووحدات للبث المباشر وغيرها فى تقديم إعلام مختلف يقوم على الحركة والنقل المباشر من أقاليم مصر المختلفة من خلال الاعتماد على مجموعة كبيرة من الشباب، الذى فتح له الباب أمام العمل فى مجال الإعلام كمعدين ومذيعين ومخرجين ومصورين، ليواكب بهم فكر ثورة الشباب فى الميدان.
وكذلك قامت قنوات Ontv بإطلاق قناة ذات طابع إخبارى هى ON لايف، التى اعتمدت على مجموعة كبيرة من مذيعى الأخبار فى التليفزيون المصرى، ومنهم ليلى الخياط، وحسن فودة ومحمد ترك غيرهم، فضلا عن الاعتماد على مجموعة كبيرة من مراسلى الصحف فى الأقاليم لتغطية أحداث الثورة والانتخابات التى تواكب حركة التغيير فى مصر.
وعلى نفس المحور الشبابى عملت قناة مصر 25 المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، والتى انطلقت من فكرة استغلال مناخ حرية التعبير التى فرضتها الثورة، وسعت لتقدم صورة للجماعة تختلف عن تلك الصورة التى عمل الإعلام الرسمى على ترسيخها فى الأذهان لسنوات طويلة عن الجماعة التى أطلق عليها المحظورة، ولتساهم فى خدمة المشروع السياسى للإخوان وحزبهم.
ومن الميدان أيضا خرجت فكرة قناة «المصرى» والتى أنشأها حزب الوفد لتكون أول قناة حزبية بعد ثورة يناير، والتى يمكن الاعتماد عليها كرأس حربة فى المعارك السياسية، والانتخابية إلى جوار الصحيفة اليومية، ولكن حال تمويلها دون قيامها بدور كبير، حيث مازالت فى مراحل البث التجريب، واكتفت القناة بنقل اجتماعات الحزب وحملاته الدعائية وبعض من الأغانى الوطنية.
وعلى المحور الآخر ولدت مجموعة من القنوات الجديدة بعد ثورة يناير يلاحقها تهمة الانتماء للنظام المنحل، وفى مقدمتها قنوات ال«cbc» والتى تحول المؤتمر الصحفى المصاحب للإعلان عن إطلاقها، إلى حملة للدفاع عن تمويلها، ونفى علاقتها برجال أعمال استفادوا من النظام السابق، وكذلك الاعتماد على وجوه إعلامية ارتبطت ببرامج تدشين حملة التوريث فى التليفزيون المصرى، ومنهم لميس الحديدى مستشار حملة مبارك فى الترشيح لانتخابات الرئاسة فى 2005، وخيرى رمضان أحد فرسان برنامجى «البيت بيتك» و«مصر النهار ده»، ومفيدة شيحا التى ارتبط اسمها بالبرامج الإعلانية فى منظومة الشريف الإعلامية، هذا بالإضافة للعديد من أسماء المعدين والمخرجين ومدير الإنتاج، وهو ما دفع محمد الأمين رئيس مجلس إدارة المجموعة للتأكيد على أنه هو المصدر الرئيسى لتمويل للقنوات، وذلك من خلال وقف خيرى لصالح هذه المؤسسة الإعلامية، وأن رجل الأعمال منصور عامر لا يملك أكثر من 5% من تمويل المشروع.
الاعتقاد السائد فى تقسيم قنوات يناير بين محطات تنتمى للميدان وقنوات يمولها الفلول، يضع قناة البلد التى تم إطلاقها فى نهاية عام الثورة فى خانة الفلول، حيث يملكها رجل الأعمال محمد أبوالعينين عضو مجلس الشعب السابق وأحد رموز الحزب الوطنى المنحل، والذى كان يتم طرح اسمه كأحد أقطاب النظام السابق، كما ورد أسمه كأحد المتهمين فى قضايا لها علاقة بالنظام السابق ومنها موقعة الجمل التى أخلى سبيله منها، فضلا عن اعتماد القناة على وجوه شغلت مناصب قيادية فى التليفزيون المصرى فى ظل النظام السابق، أو عبر عملهم فى برامج مهمة بالتليفزيون فى أيام رجال مبارك، ومنهم رولا خرسا وعزة مصطفى ودينا رامز.
نفس الاتهامات تطارد قناة النهار التى انطلقت بعد الثورة، وأصحاب هذا الرأى لوجود سمة ارتباط لتمويلها بأسرة رجل الأعمال الهارب إلى لندن ممدوح إسماعيل صاحب عبارة السلام، والمتهم فى قضية غرق العبارة فى البحر الأحمر وعلى متنها أكثر من 1300 مصرى.
ورغم أن قناة ltb تم إطلاقها بتمويل أردنى إلا أن اعتمادها على الإعلامى تامر أمين كمقدم لبرنامجها الرئيسى، قد ربطها بوجه من النظام القديم، وجعلها تصب أيضا فى خانة الفلول.