بيان هام لوزراء الخارجية العرب بشأن الأوضاع في لبنان    حار نهاراً و مائل للحرارة ليلاً.. حالة الطقس اليوم    أحمد سعد عن خطوبته من طليقته: كريستيانو رونالدو وجورجينا مش أحسن مني!    ننشر أسعار اللحوم والدواجن اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024    عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء بالصاغة (بداية التعاملات)    شركة مياه الشرب بقنا ترد على الشائعات: «جميع العينات سليمة»    موعد صرف الدعم السكني لشهر سبتمبر    الأمين العام الجديد لمجمع البحوث الإسلامية يوجه رسالة للإمام الطيب    وزراء الخارجية العرب: نؤكد على التضامن الكامل مع لبنان حكومة وشعبا وندين بشدة العدوان الإسرائيلى    جيش الاحتلال الإسرائيلي: صفارات الإنذار تدوى جنوب وشرق حيفا    جسر جوي وبري لنقل المساعدات والوقود من العراق إلى لبنان    مسؤول أمريكي: الولايات المتحدة تُعارض غزوًا بريًا إسرائيليًا للبنان    السعودية تؤكد على ضرورة إصلاح منظومة الأمم المتحدة (فيديو)    ملف مصراوي.. قائمة الزمالك لمواجهة الأهلي.. أزمة أحمد فتوح بالسوبر الأفريقي.. وسرقة حسام غالي    أسامة عرابي: مباريات القمة مليئة بالضغوط ونسبة فوز الأهلي 70%    وكيل ميكالي يكشف حقيقة مفاوضات الزمالك وسبب البيانات المتبادلة مع اتحاد الكرة    مروان حمدي يكشف كيف ساعده الراحل إيهاب جلال في دراسته    موتسيبي: زيادة مكافآت الأندية من المسابقات الإفريقية تغلق باب الفساد    "لم أقلل منه".. أحمد بلال يوضح حقيقة الإساءة للزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    محافظ الإسكندرية: استثمارات مشتركة بين مصر والسعودية لتحقيق تنمية متكاملة    السيطرة على حريق باستراحة تمريض بسوهاج دون إصابات    بلاغ جديد ضد كروان مشاكل لقيامه ببث الرعب في نفوس المواطنين    «سجل الآن» فتح باب التقديم على وظائف بنك مصر 2024 (تفاصيل)    مؤسسة محمد حسنين هيكل تحتفل بميلاد «الأستاذ».. وتكرّم 18 صحفيا    مدين يكشف كواليس مكالمة عمرو مصطفى والصُلح بينهما    مسعد فودة: اتحاد الفنانين العرب يواصل رسالته في دعم القضايا العربية    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    دولة آسيوية عظمى تؤكد أول إصابة بمرض «جدري القرود»    الصحة اللبنانية: ارتفاع شهداء الغارات الإسرائيلية إلى 492 والمصابين إلى 1645    أحمد سعد: اتسرق مني 30 قيراط ألماظ في إيطاليا (فيديو)    إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين بطريق أبو غالب في الجيزة    هل منع فتوح من السفر مع الزمالك إلى السعودية؟ (الأولمبية تجيب)    فرنسا تدعو لاجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي حول لبنان    أول تعليق من هند صبري بشأن الجزء الثاني ل«أحلى الأوقات»    تأثير القراءة على تنمية الفرد والمجتمع    وزير الأوقاف يستقبل شيخ الطريقة الرضوانية بحضور مصطفى بكري (تفاصيل)    مسؤول بمجلس الاحتياط الأمريكي يتوقع تخفيض الفائدة الأمريكية عدة مرات في العام المقبل    مصر للطيران تعلن تعليق رحلاتها إلى لبنان    الفوائد الصحية لممارسة الرياضة بانتظام    محارب الصهاينة والإنجليز .. شيخ المجاهدين محمد مهدي عاكف في ذكرى رحيله    تعرف على موعد ومكان عزاء رئيس حزب الحركة الوطنية    وزير الخارجية يؤكد على أهمية توظيف المحافل الدولية لحشد الدعم للقضية الفلسطينية    وزير البترول يؤكد استدامة الاستقرار الذى تحقق في توفير إمدادات البوتاجاز للسوق المحلي    ارتفاع حصيلة مصابي حادث أسانسير فيصل ل5 سودانيين    هيفاء وهبي جريئة وهدى الإتربي تخطف الأنظار.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    اخماد حريق نشب بمخلفات في العمرانية الشرقية| صور    إبراهيم عيسى: تهويل الحالات المرضية بأسوان "نفخ إخواني"    الآن رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والشهادات الفنية (استعلم مجانا)    حتحوت يكشف رسائل محمود الخطيب للاعبي الأهلي قبل السوبر الإفريقي    أحمد موسى يناشد النائب العام بالتحقيق مع مروجي شائعات مياه أسوان    طريقة عمل الأرز باللبن، لتحلية مسائية غير مكلفة    عمرو أديب: حتى وقت قريب لم يكن هناك صرف صحي في القرى المصرية    الاقتصاد ينتصر| تركيا تتودد لأفريقيا عبر مصر.. والاستثمار والتجارة كلمة السر    جامعة عين شمس تستهل العام الدراسي الجديد بمهرجان لاستقبال الطلاب الجدد والقدامى    في إطار مبادرة (خُلُقٌ عَظِيمٌ).. إقبال كثيف على واعظات الأوقاف بمسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) بالقاهرة    خالد الجندي: بعض الناس يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبى    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون مناهضة التمييز ومفهوم المواطنة
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 10 - 2011

مع أحداث كنيسة أطفيح، كلف مجلس الوزراء المجلس القومى لحقوق الإنسان بتقديم قانون مناهضة التمييز خلال شهر لإقراره، ومرت شهور ولم يصدر القانون ولم يعلم أحد من المتابعين أين وصل هذا المشروع ومن السبب فى عدم صدوره، ومع أحداث ماسبيرو الأخيرة قرر مجلس الوزراء اختصار هذا القانون إلى مادة جديدة تضاف إلى الباب الحادى عشر من قانون العقوبات المشار إليه برقم 161 مكررا، بشأن منع التمييز».تقضى المادة الجديدة بأن يعاقب كل من قام بعمل أو بالامتناع عن عمل يكون من شأنه إحداث التمييز بين الأفراد أو ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة وترتب على هذا التمييز إهدار لمبدأ تكافؤ الفرص أو العدالة الاجتماعية أو تكدير للسلم العام بالحبس لمدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين،ليضيف ذلك للغموض غموضا لماذا تأخر القانون ولماذا تم اختصاره؟

●●●

إن قانون تجريم التمييز لا يمكن اختصاره فى بند فى قانون العقوبات لأنه أحد الأركان الأساسية لبناء المواطنة، إذ يعتبر الوجه الآخر لمفهوم المواطنة الذى يحميه من الانتهاك، وقد عانت مصر من استغلال النظام السابق الذى رفع فى أحد المؤتمرات السنوية لحزبه الحاكم شعار «المواطنة» من مبدأ فرق تسد، فعبثه بالوحدة الوطنية على المستوى الدينى لم يعد خافيا على أحد، كما أنه ذهب أبعد من ذلك باتهام مصريين فى وطنيتهم عبر اتهامهم بالعمالة، سواء على أساس الدين (الاستقواء بالخارج وقصة أقباط المهجر)، أو على أساس عرقى أو جهوى (بدو سيناء، وأهالى النوبة). كما أن التمييز الطبقى وصل حتى للتعيينات داخل الحكومة، إضافة إلى التفرقة فى مستوى الخدمات الصحية والتعليمية... وطال ذلك مؤسسات الدولة التى تقدم الخدمات العامة مثال أقسام التعليم الأجنبى داخل الجامعات الحكومية، أو أقسام العلاج المفتوح فى المستشفيات العامة. وتتعمق مشكلة التمييز فى حال التعامل معها على أساس تمييزى، حتى لو أوجد ذلك له حلا على المستوى القانونى، فإنه على المستوى الثقافى يكرس هذا التمييز، مثال لذلك قانون دور العبادة الموحد الذى يقوم على أن هناك فئتين فى المجتمع مسلمين ومسيحيين، يحاول هذا القانون الموازنة بين حقوقهم فى بناء دور العبادة. أما قانون تجريم التمييز فينطلق من رؤية مخالفة، إذ يقوم على أن الشعب المصرى وحدة واحدة يحظر التمييز بين مكوناتها أيا كانت هذه المكونات، فهو يكرس مفهوم المواطنة فى المجتمع على مستوى الثقافى وعلى مستوى التشريعات.

وقانون تجريم التمييز ليس اختراعا جديدا نقوم به فى مصر إنما هو موجود فى معظم الدول الديمقراطية ومؤسس له فى العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية التى تعد معايير يمكن على أساسها تأسيس القانون فى مصر. وأبرز هذه الاتفاقيات الإعلان العالمى لحقوق الإنسان (1948) الذى نص على مبدأ المساواة والكرامة الإنسانية التى هى أحد شعارات ثورة 25 يناير، وتعرف الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصرى (1965) التمييز بأنه: «أى تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومى أو الإثنى، ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، أو التمتع بها أو ممارستها على قدم المساواة، فى الميدان السياسى أو الاقتصادى أو الاجتماعى أو الثقافى أو فى أى ميدان آخر من ميادين الحياة العامة (المادة 1).

يمكننا تحديد المصادر الأساسية للتمييز بثلاث، التشريع بمعنى وجود نصوص قانونية تحض أو تسمح بالتمييز بين المواطنين. الثقافة، ويكون ذلك من خلال نشر أو تبنى ثقافة تدعو إلى التمييز. وأخيرا الممارسة، بشكل مباشر من خلال التفرقة بين المواطنين. هناك العديد من الأسس للتمييز يمكن الوقوف عندها وهي: الجنس أو الأصل (العرق) أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الجيل وكذلك على أساس المكانة الاجتماعية أو الظروف الاقتصادية أو الآراء السياسية أو الثقافية أو الظروف الصحية أو المناطق الجغرافية.

●●●

الهدف الرئيسى لهذا القانون فى مصر يجب أن يكون السعى إلى تكريس وحماية مفهوم المواطنة من خلال التصدى لكل أشكال التمييز ضد فئة من المواطنين فى مصر. والدفاع عن حقهم فى شغل كل الوظائف بلا تمييز، ومنع كل أشكال التحريض التى تمارس ضدهم فى وسائل الإعلام ودور العبادة وغيرها من المؤسسات العامة، والاعتراف بكل روافد الثقافة المصرية إثراء لها وتقديرا لتنوع منابعها. وذلك من خلال الملامح والآليات التالية: قانون لا يستثنى أيا من العناصر التى يتم تأسيس التمييز بناء عليها وإلا يقتصر القانون على مجالات بعينها، مثل التوظيف والتعليم، وإنما يمتد ليشمل كافة المجالات. وأن يكون هذا القانون أداة للطعن على كافة التشريعات والقرارات الإدارية التى قد تسمح بالتمييز. كما يحدد القانون عقوبات متدرجة على أساس الشكل (من الدعوى إلى الممارسة الفعلية)، وعلى أساس اتساع التأثير (بحيث يكون خطاب الكراهية الأكثر تجريما) كما يجب أن ترتبط بطبيعة المؤسسات، فالغرامات المالية توقع على المؤسسات الاقتصادية التى تمارس مثل هذا التمييز، عقوبة الإيقاف تطبق على المؤسسات الإعلامية التى تمارس أو تروج لمثل هذه الأفكار، أو عقوبات عزل ضد الموظفين العموميين الذين يمارسون هذا التمييز...

كما يجب أن يكون القضاء هو الآلية الأساسية لتطبيق هذا القانون مع ضرورة وجود آلية للمتابعة والرقابة تتمثل فى «المفوضية العامة لمناهضة التمييز ودعم المواطنة».وحتى يتمكن هذا القانون من تجريم التمييز على المستوى التشريعى، فيجب أن يكون له «حماية دستورية»، وذلك عبر النص عليه فى الدستور كقانون مكمل لا تجوز مخالفته. فإذا كان نظام مبارك أراد أن يمنح هذه الميزة لقانون الإرهاب، فليس أقل من أن تمنح الثورة هذه الميزة لهذا القانون الإنسانى، فهناك ضرورة ملحة فى المرحلة الراهنة فى مصر لإصدار قانون يُحوّل مبادئ المواطنة بمفهومها العام إلى قواعد تشريعية تفرض التزامات محددة وتضع العقاب على مخالفتها، وذلك من خلال آليات مؤسسية فعالة للرقابة على تنفيذ القانون، وإن كانت ثورة يناير مثلت إلهاما لشعوب العالم، فيجب أن يكون هذا القانون نموذجا يحتذى به على المستوى العربى بل والدولى، وليس فقط بندا فى قانون العقوبات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.