للمتوجهين إلى السعودية.. سعر الريال السعودي اليوم في البنوك    الكهرباء تعيد بطاقة التموين لهؤلاء بعد حذفهم    ما بعد الشهيد السنوار    واشنطن تحقق في واقعة تسريب وثائق سرية حول خطط هجوم إسرائيل على إيران    معنويات عالية.. هشام يكن يعلق على مباراة الزمالك وبيراميدز في السوبر المصري    تصميم عصري وكاميرات تخطف الأنظار.. فيفو تكشف النقاب عن هواتفها الجديدة    رئيس ملتقى القاهرة للمسرح الجامعي: المسرح علمنا الحب والحق ومقاومة القبح والظلم والموت    عمرو أديب عن "كلب الهرم": قدم دعاية مجانية للأهرامات    محافظ بني سويف: 1616 مشروعًا ضمن مبادرة «حياة كريمة» بمركزي ببا وناصر    عاجل - تصاعد الدخان في الضاحية الجنوبية لبيروت.. ماذا يحدث؟    اليوم آخر موعد للتقديم ل 3000 فرصة عمل بمحطة الضبعة النووية.. تعرف على التخصصات والمستندات المطلوبة للتعيين    بالجسيمات النانوية.. دراسة طبية حديثة تكشف عن طريقة فعالة لمكافحة السمنة    ماهي القنوات الناقلة لمباراة ليفربول ضد تشيلسي؟    ميرنا نور الدين تتألق بإطلالة فورمال في أحدث ظهور لها عبر إنستجرام|شاهد    الجزائر.. انهيار عمارة بأكملها جنوب غرب البلاد    الكوب المميت.. الإفراط في شرب الماء كاد ينهي حياة الأم نينا مونرو|ما القصة؟    الغرف التجارية: لا زيادة في أسعار السلع الغذائية بعد تحريك المحروقات    اشتباكات بين فصائل فلسيطنية والاحتلال بعد اقتحام جنين شمال الضفة    مقتل ضابط إسرائيلي برتبة لواء متأثرًا بجراحه في لبنان    نجم بيراميدز السابق يكشف مفاجأة مدوية بشأن موقف رمضان صبحي من العودة للأهلي    متعب والحضرى وشوقى ويونس فى الاستوديو التحليلى لمباراة الأهلى وسيراميكا    ضبط مسجل خطر لسرقته مشغولات ذهبية بالنزهة    تامر عاشور يشدو بأروع أغانيه لليوم الثاني بمهرجان الموسيقى    تفسير آية | معني قوله تعالي «أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى»    هل يجوز ذكر اسم الشخص في الدعاء أثناء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب    اليوم.. محاكمة 6 متهمين في «خلية الحدائق»    اليوم .. محاكمة اللاعب أحمد ياسر المحمدي بتهمة اغتصاب فتاة في قطر    أمريكا: سحب المئات من منتجات الوافل المجمدة بسبب احتمال تلوثها ببكتيريا الليستيريا    كلمة السر في مرض أحمد سعد .. خطر غير مرئى هو السبب    النقل الذكي تدرس اليوم التسعيرة الجديدة في مصر، ومصدر: الزيادة هتكون كبيرة    حزب الله يعلن قصف مستوطنة روش بينا جنوب شرق صفد بالصواريخ    تفاصيل امتحان شهر أكتوبر ل أولي ثانوي.. «التعليم» توضح موقف طلاب التابلت ب التقييمات والاختبارات الشهرية    ماجد المهندس يوجه رسالة إلى جمهوره بعد حفله في كاليفورنيا    بلدية المحلة في مواجهة صعبة أمام المصرية للاتصالات بدوري المحترفين    أحمد عبد الحليم: مشاركة القندوسي مع سيراميكا أمام الأهلي سلاح ذو حدين    هل تذكيري لأصدقائي بتلاوة القرآن وذكر الله عليه أجر؟.. دار الإفتاء تجيب    اللهم آمين | أثر الدعاء للشهداء وأهلهم    حزب الله يعلن استهداف تجمع لقوات الاحتلال في أبيريم بالصواريخ    الحمصاني: لن نتخلى عن المواطن.. ونطبق الحماية الاجتماعية من خلال ضبط الأسعار    نوة رياح الصليب وأمطار غزيرة.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم الأحد    الشرطة الألمانية تستخدم الكلاب لتفريق متظاهرين منددين بجرائم الاحتلال    نقص الفيتامينات والضغط العصبي.. تعرف على أهم أسباب الشيب المبكر    للمسافرين كثيرًا.. كيفية الصلاة في المواصلات ومعرفة اتجاه القبلة |الإفتاء تجيب    غارات جوية للاحتلال تستهدف منطقة المواصي في قطاع غزة    الحكومة: استمرار رفع أسعار المواد البترولية حتى نهاية 2025    5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    مصرع شخص وإصابة 20 آخرين في حادث تصادم سيارة برصيف بالفيوم    ابتعد عن العواطف.. توقعات برج القوس اليوم 20-10-2024    سعر التفاح والموز البلدي والمستورد بالأسواق اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024    يوفنتوس يهزم لاتسيو ويقفز لصدارة الكالتشيو    عبد الرحمن فيصل: بطولة إفريقيا هديتنا للجماهير    نشرة الفن.. حقيقة صادمة في سبب انفصال نادين نجيم عن خطيبها وشيرين ترد على اعتذار أحلام بمنشور مفاجئ    نائباً عن السيسي.. وزير الأوقاف يصل إندونيسيا للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد    في تصنيف QS Arab Region.."طنطا"تحتل المركز 78 من بين 246 جامعة مصنفة    جامعة قناة السويس تنظم برنامجاً تدريبياً لطلاب STEM حول تصميم وتنفيذ كوبري مائي متحرك    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    رسالة أسبوع القاهرة للمياه: الماء حق لكل إنسان.. و"سد النهضة" انتهاك للقانون الدولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاج بالنزيف
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 09 - 2011

كان الأطباء يعتقدون أنهم بحجامة المريض يطردون «الأرواح» الشريرة التى كانوا يظنون أنها تسبب الأمراض. وفى الحقيقة، كان كل ما يخرجونه من دم بطبيعة الحال يجعل المريض أكثر ضعفا، ويعرضه لاحتمال الوفاة.

لحسن الحظ، لم يعد الاطباء يعتقدون أن النزيف يشفى المرضى. إلا أن كثيرا من صانعى السياسات الاقتصادية مازالوا يعتقدون هذا لسوء الحظ. والنزيف الاقتصادى لا يسبب آلاما مبرحة فحسب؛ بل يبدأ فى تقويض آفاق نمونا على المدى الطويل.

خلفية مختصرة: بالنسبة للعام ونصف العام الماضيين، أصبحت دعوات التقشف المالى مهيمنة على الخطاب الخاص بالسياسات فى كل من أوروبا والولايات المتحدة. وقيل لنا إن الدول تستطيع بخفض الإنفاق وتقليل العجز استعادة الثقة والتوجه نحو الانتعاش الاقتصادى.

●●●

وطُبِّق التقشف بالفعل. ففى أوروبا، فرضت الدول المتعثرة، كاليونان وإيرلندا، تخفيضات قاسية، إلى حد أن برامج التقشف التى فرضتها الدول الأقوى كانت أكثر اعتدالا منها. وفى أمريكا، تلاشت حوافز بنك الاحتياط الفيدرالى المتواضعة التى صدرت عام 2009، حين خفضت الدولة والحكومات المحلية ميزانياتها. وهكذا فإنه فى النهاية لم تختلف حركتنا فى اتجاه التقشف عما حدث فى أوروبا فى واقع الأمر.

ورغم ذلك، فالمدهش أن الثقة لم تزدد. وبطريقة أو بأخرى، تبدو الشركات والمستهلكون أكثر قلقا بسبب نقص الزبائن وفرص العمل، على التوالى، بدلا من أن تطمئنهم استقامة حكوماتهم المالية. ويبدو النمو غير مستجيب، بينما ظلت البطالة مرتفعة بصورة تنذر بالخطر على جانبى الأطلسى على السواء.

لكن يتساءل مبررو النتائج السيئة حتى هذه اللحظة: ألا يجب علينا التركيز على المتاعب فى المدى الطويل أكثر من المدى القصير؟ كلا فى الحقيقة؛ فالاقتصاد يحتاج إلى مساعدة حقيقية الآن، وليس رشاوى وهمية بعد عقد من الزمن. وفى كل الحالات، فمتاعب الاقتصاد فى «المدى القصير» التى استمرت أربع سنوات حتى الآن، ومازال الوضع يزداد سوءا بسبب التركيز على التقشف بدأت الشواهد تبين أنها صالحة كحجة على آفاق المدى الطويل أيضا.

ولننظر على نحو خاص قاعدة التصنيع الأمريكية. ففى الأوقات العادية، كانت القدرة التصنيعية تزداد كل عام بنسبة تتراوح ما بين 2% و3%. لكن فى مواجهة الاقتصاد الضعيف باستمرار، تتناقص الصناعة ولا تتزايد. وهكذا، ووفقا لتقدير بنك الاحتياط الفيدرالى، أصبحت القدرة التصنيعية أقل بنسبة 5% مما كانت عليه فى ديسمبر 2007.

وما يعنيه هذا أنه إذا حدث انتعاش حقيقى، فسوف يصطدم الاقتصاد بقيود القدرة الإنتاجية واختناقات الانتاج على نحو أسرع مما ينبغى. ذلك أن الضعف الاقتصادى، الناتج جزئيا عن تخفيض الميزانية، يضر بالمستقبل مثلما يضر بالحاضر.

علاوة على ذلك، ربما يكون تدنى القدرة التصنيعية مجرد بداية لتغيرات أخرى سيئة. فقد يحدث خفض مشابه فى القدرة الإنتاجية فى قطاع الخدمات والواقع أنه ربما يكون قد بدأ بالفعل. ومع ارتفاع معدل البطالة لفترة طويلة منذ الكساد العظيم، هناك احتمال حقيقى أن يتحول عاطلون كثيرون إلى اشخاص غير قابلين للتوظيف. ويقع العبء الأكبر لهذه التخفيضات أيضا على الإنفاق العام فى التعليم. وبشكل أو بآخر، لا يمكن أن يبدو تسريح مئات الآلاف من المعلمين وسيلة جيدة لتحقيق مكاسب فى المستقبل.

●●●

الواقع أنه عندما نجمع الشواهد المتزايدة على أن التقشف الاقتصادى يحد من توقعات مستقبلنا، مع أسعار الفائدة شديدة الانخفاض على الدين الحكومى الأمريكى، يصعب تجنب هذا الاستنتاج المذهل، وهو أنه قد يكون لتقشف الميزانية نتائج عكسية، حتى من خلال وجهة نظر مالية بحتة، لأن النمو المنخفض فى المستقبل يعنى الحصول على ضرائب أقل.

فماذا يجب علينا أن نفعل؟ الإجابة هى أنه لابد لنا من دفعة كبيرة لتحريك الاقتصاد، ليس فى وقت ما فى المستقبل، بل الآن. ذلك أننا بحاجة حاليا إلى المزيد من الإنفاق الحكومى، وليس الأقل، مدعوما بسياسات توسعية جريئة لبنك الاحتياط الفيدرالى ونظرائه فى الخارج. وليس هذا رأى باحثى الاقتصاد النظريين فحسب، بل هناك رؤساء شركات، مثل إيريك شميت من جوجل، يقولون الشىء نفسه. وسوق السندات، بشرائها الدين الأمريكى بهذه الأسعار المنخفضة للفائدة، تلتمس فى الواقع سياسة أكثر توسعية. وللإنصاف، يبدو أن بعض المؤثرين فى السياسة أدركوا هذا. وتعد خطة الرئيس أوباما لخلق فرص عمل خطوة فى الاتجاه الصحيح، بينما يدعو بعض أعضاء مجلس الإدارة فى بنك الاحتياط الفيدرالى وبنك إنجلترا وليس البنك المركزى الأوروبى للأسف إلى سياسات ذات توجه تنموى أكثر من ذلك بكثير.

●●●

ورغم هذا، فإن ما نحتاج إليه فعلا هو إقناع عدد كبير من الأشخاص الذين لديهم سلطة أو نفوذ سياسى بأنهم أمضوا العام ونصف العام الماضيين فى الاتجاه الخاطئ، وأنهم فى حاجة إلى أن يستديروا عائدين. لن يكون الأمر سهلا، لكن حتى تحدث هذه العودة، فالنزيف الذى يضعف اقتصادنا الآن، ويقوض مستقبله فى الوقت نفسه سوف يستمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.