فى الثامن والعشرين من الشهر الماضى انطلقت الحملة الأوروبية «كرامة» لمقاطعة شركة «آلستوم» الفرنسية التى تنفذ مشروع «قطار القدس» الذى يكرس احتلال المدينة عبر ربط المستوطنات ببعضها، ما يسرع فى تهويد القدس، التى تعتبرها إسرائيل عاصمتها الأبدية والموحدة. ويقول منسق الحملة خالد ترعانى، الناشط الفلسطينى، الذى يعيش فى بلجيكا، فى حوار ل«الشروق» إن «مشروع قطار القدس هو جريمة حرب بحسب اتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولى الإنسانى»، معبرا عن استيائه من أن هذه الشركة تنفذ فى نفس الوقت مشروعات فى دول عربية، وتسعى للفوز بإنشاء «قطار الحرمين». وإلى نص الحوار:
● ما هو هدف الحملة؟ قطار القدس أوشكت الشركة على الانتهاء منه، لذا هدفنا هو معاقبة الشركة لأنها ستديره أيضا لمدة ثلاثين عاما، ما يدر عليها أرباحا ضخمة. وقد اختارنا الأردن ولبنان ومصر للترويج للحملة.
● وكيف يمكن معاقبة الشركة؟ بمقاطعتها، فمن المهانة أن تتعامل دول عربية مع هذه الشركة، وتمنحها مليارات الدولارات لتنفيذ مشروعات على أراضيها، ومن العار أن يسمح لها بإنشاء قطار الحرمين بين مكةوالمدينةالمنورة. فمن الخزى أن تقاطع حكومات ومؤسسات أوروبية هذه الشركة بينما تفتح لها دول عربية أبوابها.
● ما الدول الأوروبية التى قاطعتها؟ لقد أوقف صندوق التقاعد الوطنى السويدى الاستثمار والتعاون مع هذه الشركة لدورها فى تهويد القدس. وفى بريطانيا استبعد مجلس بلدية «إيلينج» فى العاصمة شركة فيوليا الفرنسية شريكة آلستوم من عطاء قيمته 493 مليون دولار جراء مشاركة فيوليا فى قطار القدس. وفى ألمانيا أجبرت الحكومة إحدى الشركات الألمانية على الانسحاب من مشروع قطار القدس استجابة للدعوات الشعبية لإنهاء أى دور لشركة «دويتش بان» المملوكة جزئيا للحكومة فى تهويد المدينةالمحتلة.
● ولماذا لم تحاولوا منع تنفيذ مشروع قطار القدس؟ رفع بعض الناشطين دعاوى أمام القضاء الفرنسى ضد الشركة، ولكن الحكم صدر لصالحها، فللأسف الكلمة العليا الآن هى للرأسمالية المتوحشة. وفى مصر رفع بعض المحامون دعوى لاستثناء هذه الشركة من المنافسة فى عطاء الخط الثالث للمترو، لكن الشركة كسبت القضية.
● وما حجم استثمارات هذه الشركة؟ بلغ العام الجارى حوالى 21 مليار يورو.. آلستوم شركة عالمية مقرها فرنسا تعمل فى مجال السكك الحديدية وتوليد الطاقة الكهربية والخدمات المرتبطة بها، ولديها 94 ألف شخص موظف فى نحو 100 دولة.
● وما أبرز مشاريعها فى المنطقة العربية؟ تسعى للفوز بمشروع قطار الحرمين، البالغ تكلفته 15 مليار دولار، وبالفعل نجحت ضمن ائتلاف الراجحى فى الوصول للقائمة النهائية بانتظار قرار ترسية العطاء النهائى. كما وقعت اتفاق تنفيذ مترو العراق، بتكلفة 1.5 مليار دولار، وجددت اتفاقية تنفيذ قطار «تى جى فى» فى المغرب، وفازت بعطاء مشروع محطة توليد التبين الكهربائية فى مصر، بتكلفة 100 مليون دولار، كما فازت بعطاء مشروع إدارة الطاقة الكهربية فى الكويت، بتكلفة 20 مليون دولار.
● وهل هناك مشروعات أخرى تسعى للفوز بها؟ نعم، وأهمها: مترو أبوظبى وقطار الإمارات، الذى سيربط بين أبوظبى ورأس الخيمة، وهما مشروعان سيتكلفان مليارات الدولارات.
● وهل هناك شركات أخرى تتعاون مع إسرائيل؟ حاليا هدفنا هو أن نجعل من آلستوم عبرة لبقية الشركات، لتدرك أى شركة أنها حينما تقدم على شراكة مع إسرائيل ستخسر تعاملاتها مع الدول العربية، وعندما تنجح حملتنا الحالية سنشن حملات على شركات أخرى.
● ومن هم المشاركون فى الحملة؟ شخصيات ومؤسسات عربية وإسلامية وأوروبية، أهمها المبادرة الأوروبية لإزالة الجدار والمستوطنات ومقرها لاهاى، ومؤتمر فلسطينيى أوروبا وحركة مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل (BDS)، وهى حركة عالمية تضم شخصيات من مختلف دول العالم.
● وهل حاولتم مخاطبة حكومات عربية؟ بالفعل وجهنا رسالة قبل أسبوعين إلى خادم الحرمين الشريفين طلبنا منه استبعاد آلستوم من مناقصة مشروع قطار الحرمين، وما زلنا ننتظر الرد. لو استبعدت الرياض هذه الشركة فستقتدى بها جميع الحكومات العربية، لاسيما وأن تكلفة قطار الحرمين تبلغ عشرة ملايين دولار، أى 15 ضعف تكلفة قطار القدس.
● وهل من شركات بديلة لشركة آلستوم؟ طبعا، مثل شركة سيمنز الألمانية، وشكودا الروسية، وميتسوبيشى اليابانية، و«إل جى» الكورية، فضلا عن شركات صينية يمكنها تنفيذ المشروع بكفاءة أعلى وتكلفة أقل.
● هل سبق وأن نسقت حملات أخرى ضد الاحتلال الإسرائيلى؟ منذ عام 1999، وأنا أنسق وأشارك فى حملات ضد الاحتلال كانت أولاها حملة مقاطعة برجر كينج، حينما فتحت شركة برجر كينج فرعا فى مستوطنة معاليه أدوميم. وقد نجحت الحملة، حيث اعتذرت الشركة عن فتح هذا الفرع، وسحبت الاعتراف به، مشددة على أن الشريك الإسرائيلى خدعها، ولم يعلمها بأن معاليه أدوميم منطقة محتلة.