الأعمال الأدبية الأكثر شعبية وشهرة لمؤلف ما ليست بالضرورة هى الأفضل والأكثر جودة- بمعايير الأدب- من بقية أعمال المؤلف ذاته.. هكذا يرى الناقد جون سيلف فى جريدة الجارديان، وهو ما أثار جدلا فى الساحةالثقافية والأدبية البريطانية. فقد تساءل جون سيلف فى سياق الدفاع عن رأيه : هل يمكن أن يشتهر الكاتب بفضل العمل الخطأ بين أعماله؟!.. ومن المسؤول عن هذه الخدعة أو الخطأ جسيم؟!.. أهى السينما؟.. وإذا كان التاريخ هو الحكم النهائى على الإنجازات الأدبية لكاتب ما، فلماذا بقى عمل مثل "ماندولين الكابتن كوريللى" للويس دو بيرينيير يتصدر مؤلفاتهمع أنه ليس افضلها؟!
فهذه الرواية- التى تحولت إلى فيلم سينمائى عام 2001- استحوذت على أكبر قدر من الشهرة بين أعمال مؤلفها، وحجبت روايات يرى جون سيلف أنها افضل بمعايير الأدب مثل "سنيور فيفو".
وقد اشتهر الكاتب الساخر الأمريكى جوزيف هيللر بروايته "الخدعة 22"، لكن الناقد جون سيلف يرى أنها ليست أفضل أعماله، وأنها أطول مما ينبغى، ولا تخلو من اضطراب وارتباك، وأن رواية "شيء ما حدث" هى الأفضل، رغم أنها ليست الأكثر شهرة بين روايات هذا الكاتب. واستشهد سيلف برأى للكاتب والناقد البريطانى جابرييل جوزيبوفيتشى ذهب فيه إلى أن أفضل أعمال الكاتب الشهير فرانز كافكا ليست روايته "المحاكمة" أو "المسخ"، وإنما أقواله ومأثوراته.
لكن فريقا من النقاد تساءلوا على الجانب الآخر: ألا ينطوى هذا الحكم للناقد جون سيلف على نوع من الازدراء لذائقة القراء، أو المصادرة على حريتهم فى الإقبال على ما يروق لهم من كتابات؟!.. ومن الذى بمقدوره أن يحكم بثقة واطمئنان على أن العمل الأشهر ليس الأفضل أو الأجود لكاتب ما؟!
وهل يستطيع أحد أن يجادل بأن رواية "منتصف مارس" للروائية جورج اليوت، والتى حققت شهرة عظيمة وحظيت بإقبال منقطع النظير من القراء، تشكل فى الوقت ذاته درة وذروة عالية فى الأدب الإنجليزى؟!
ويبدو أن الجدل فى هذه القضية الخلافية- التى أثارها جون سيلف- سيستمر طويلا، دون أن يجد إجابة حاسمة.