«الحديث عن الدولة الدينية والمدنية والعسكرية يكشف توجهات فكرية وسياسية بعضها مدنى وبعضها دينى، لكنها لا تعرف العلاقة بين الدين والسياسة، أما بالنسبة للدولة العسكرية أظن أنها أصبحت من المحظورات مثل الجماعة المحظورة»، كان هذا رأى المفكر والباحث الإسلامى، الدكتور أحمد كمال أبوالمجد حول مستقبل الدولة فى مصر بعد الثورة، منتقدا غياب الوضوح بين الداعين لهذه الاتجاهات المختلفة، قائلا «الإسفار من الإسلام، لماذا ادارى وجهى ومعالمى واتجاهى الحقيقى، لنتكاشف ونتصارح ونصل لما وصل إليه الآخرون». وأضاف أبوالمجد، خلال جلسة مستقبل الربيع العربى بين الدولة المدنية والدينية والعسكرية ضمن مؤتمر «مستقبل الربيع العربى والتحولات الراهنة» الذى عقده البرنامج العربى لنشطاء حقوق الإنسان أمس: «نحن أمة فى فتنة والفارق بين الفتنة والأزمة أن الأخيرة تطرح تحديات فى أى ميادين السياسية والاجتماعية والعلمية، وهذه من سنة الكون، أما الفتنة فتزر الحليم حيران، تتداخل فيها الخطوط ويلتبس الحق بالباطل، وهذا خطره كبير لأنه يهدم ويؤدى للجنون فى عالم يتحرك بسرعة».
وطالب أبوالمجد بالمسارعة إلى العمل على تحويل أمانى الدول العربية إلى حقيقة، قائلا «لا يكفى أن تحب الشىء لتقول إنه واقع، كما غنينا للسد العالى قبل بنائه... تتم الأمور بثلاث أدوات، النية والهمة وإتقان العمل ونحن تكاد بعض البقع على خريطتنا تخلو من هذه المحركات الثلاثة، وما لم تحدث إفاقة بصدمة أو غيرها وتعرف أنك يجب أن تعمل لتحقيق هدفك يبقى جنون رسمى».
من جانبه أكد نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، عصام العريان، أن الاختلاف حول طبيعة الدولة صنعته التحولات التى تجرى «لكنه ليس اختلافا حقيقيا»، على حد قوله، مضيفا، «وأنا أجزم كرجل نشأت فى الإخوان المسلمين وتربيت على أدبياتها، أنى تربيت على أنه لا يوجد فى الإسلام شىء اسمه دولة دينية والتى عرفت فى سياق تاريخى كان فى أوروبا فقط، وكان رد فعلها قاسيا لها».
وأضاف العريان، «لابد أن نحدد ماذا نريد من هذه الدولة قبل أن نسميها، وما هى خصائصها»، مشيرا إلى أن الدولة التى يسعى إليها هى دولة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، والعدالة واستقلال القضاء وسيادة القانون، وهى نفس الخصائص التى يتفق عليها الجميع.
وتوقع العريان أن ترفع الثورات العربية خلال التحولات الجارية شعار الوحدة العربية التى كانت شعارا وحلما، داعيا إلى البناء على الربيع العربى «وحدة عربية حقيقية»، مشيرا إلى أن الشعوب العربية يمكنها عندما تختار حكومات حقيقية تعبر عن حلمها فى الوحدة، أن تجعل من الجامعة العربية مؤسسة حقيقية، وتحقيق تكامل فيما بينها من شأنه أن يحل كثيرا من المشاكل الاقتصادية فى الدول العربية، وتجتذب الإقليم كله إليها.
خبير الشئون العسكرية والاستراتيجية، اللواء طلعت مسلم، أوضح أنه رغم وجود ميول لدى كثيرين لإقامة دولة دينية، «لكن أعتقد أنه ليس هناك فرص أصلا لوجودها، لأنها تعنى تفكك الدولة الحالية ولا تقيم دولة بذاتها لأن أهم ما بها أنها تحدد السلطة بناء على ما هو الحلال وما هو الحرام.
وبالنسبة للدولة العسكرية قال مسلم «أعتقد يمكن أن يكون هناك إدارة لفترة محدودة لمواجهة ظروف معينة لكن يستحيل أن يكون هناك دولة عسكرية، ولا اعتقد أن عمر كان عندنا فى مصر أو أى دولة عربية دولة عسكرية، بمعنى الاستناد للجيش فى وجودها، الدولة العسكرية مرفوضة وأول من يرفضها العسكريين أنفسهم».
وانتقد مسلم عدم وجود ما سماه «أحزاب بالمعنى الحقيقى» لديها برامج واضحة توصلنا لتحقيق أهدافنا.
أما عن الدولة المدنية، اتفق مسلم مع العريان، على أن إنشاء هذه الدولة يحتاج إلى تنظيم اجتماعى، مشيرا إلى أن «الدولة هى انعكاس لحالة المجتمع» مما يستدعى الاتفاق والتراضى بين فئات المجتمع المختلفة قبل وضع الدستور ولإقامة دولة مدنية حقيقية تنشأ على أساس الوحدة، والاستقلال، والتنمية، واحترام حقوق الإنسان.