كانت حرب أكتوبر المجيدة معركة طاحنة بيننا وبين إسرائيل بذلت القوات المصرية فيها الكثير من الدم والعرق والجهد والمعدات والأسلحة مما يعتبر ثمنا «غاليا» لتحرير سيناء. وفى هذا الحوار يسرد العقيد متقاعد محمد مختار قنديل، أحد أبطال أكتوبر من سلاح المهندسين، كواليس ووقائع جديدة ل«الشروق»، يقول مختار: «فى الساعات الأولى يوم السادس من أكتوبر تحركت وحدات مهندسى فتح الممرات فجر اليوم ربما بعد السحور إلى مواقعها طبقا» للخطة، ومع دقات الثانية وخمس دقائق ظهرا بدأت تصلنا أصوات مدفعياتنا رغم أننا خلف القناة بحوالى 45 كم، وعبرت فوق رءوسنا طائراتنا صوب سيناء تشد من أزرنا، ثم تم عبور الموجه الأولى لجميع قوات المشاة للجيش الثانى ودعمها وفى الثالثة إلا ربعا رفعت أعلام مصر على طول الجبهة من السويس حتى القنطرة، ثم بدأت تصلنا أنباء تهاوى قلاع العدو الحصينة وفرار من فيها أو استسلامهم.
ويواصل العقيد قنديل سرد تفاصيل يوم العبور قائلا: «فى الساعة الرابعة والثلث بدأ العمل فى حوالى 50 ممرا» فى الساتر الترابى فى الجيش الثانى بإستخدام طلمبات المياه النفاثة أى قبل الغروب بحوالى ساعة ونصف الساعة، وتبنتها إدارة المهندسين وعملت على الاستعداد لها بإعداد الطلمبات والخراطيم والقوارب وتدريب الأطقم عليها.
كان يمكن لأى سائق يقود مركبته أو دبابته أن يتوقف لأى عطل طارئ، ولو بسيطا، والحقيقة التى لا أنساها أننى من مركز قيادة الجيش حتى كوبرى سرابيوم لم أصادف سوى عربة واحدة معطلة على جانب الطريق والسائق متوتر وقلق وينتظر طاقم الإصلاح.
وصلت حوالى الساعة الثامنة مساء 6 أكتوبر لكوبرى سرابيوم وقد أمكن بدء العبور على الكوبرى اعتبارا» من الساعة 11.30 مساء 6 أكتوبر مما أشعل الحماس فى نفوس الجميع.
ثم انتقل مختار قنديل للحديث عن يوم 7 أكتوبر، مشيرا إلى أن العبور كان فى نطاق الفرقة 18 متوقفا» شمال القنطرة لأسباب مختلفة بطيئا» جنوب القنطرة، ويتم كله على المعديات ولا كبارى فى نطاق هذه الفرقة.
وأكد أن الكوبرى الرئيسى عمل فى نطاق الفرقة 16 لفترة قصيرة وتوقف العبور حيث توقفت دبابة فى المخرج لفترة طويلة، كما غرق أكثر من لنشين نتيجة الإصابة من أعمال العدو، وبدأ موكب الشهداء والجرحى يتوالى.
بينما عملت كبارى الفرقة 2 بعض الوقت وتلقى الكوبرى الخداعى الكثير من ضرب العدو، وتم تدميره وهو يؤكد أهمية خداع العدو، حيث وضع هذا الكوبرى فى محور مهم.
وكشف قنديل أن فتح الممرات قابله الكثير من الصعاب، إذ إن المياه المستخدمة فى التجريف قد حولت الفتحة أو الممر إلى روبة تغوص فيها المعدات حتى الدبابات، التى من المفترض ألا تغرز قد غرزت فى مخرج كوبرى سرابيوم.
وفى ضحى هذا اليوم أعدنا فتح مدخلى ترعة السويس وترعة بورسعيد لتسمح بزيادة المياه المتدفقة حتى تغذى محطات مياه الشرب جنوبا و«شمالا» حتى بورسعيد.
اليوم هو ثانى أيام الحرب وقد ظهر الأهالى على الطرق وحول بيوتهم فى قرى منطقة سرابيوم وطوسون، وكانوا يمدون الجنود بما يحتاجون من ماء وأحيانا الشاى.
خلال يومى 6و 7 أكتوبر لم يتيسر لمعظمنا الطعام أو الشراب أو النوم أو الاستحمام خاصة من تعودوا على نظام معين فى الحياة وهم والحمد لله قلة فى القوات المسلحة، ولفت إلى أن الجديد الذى رآه العدو هو ضباط وجنود باعوا أنفسهم وأصبحوا أكثر حرصا على الموت فوهبت لهم الحياة.
أما عن اليوم الثالث من معركة الكرامة وتقرير المصير يقول قنديل «فى هذا اليوم، ومع انحسار الهجمات الجوية على المعابر بسبب حائط الصواريخ المصرى، استمر عبور باقى مدفعيات الجيش الثانى. ومع تزايد الهجمات المضادة بالقوات البرية للعدو قمنا بمراجعة موقف الألغام مع وحدات المهندسين شرق القناة لاستخدامها فى وقف واصطياد الهجمات المعادية بالتعاون مع المدفعية, ولفت إلى أن حظر اللاسلكى فى البداية وكثرة تعرض الخطوط التليفونية للقطع إما من تبادل القصف أو كثافة حركة العربات غرب القناة، كل ذلك أدى إلى صعوبة الاتصال بوحدات المهندسين، إلا عن طريق قنوات قيادات التشكيلات المقاتلة. ولقد وفرت قيادة الجيش لنا أقصى ما يمكن توفيره من وسائل الاتصال الموجودة عام 1973.