اقترح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس دولة فلسطينية على شاكلة الفاتيكان بصفة مراقب في الأممالمتحدة، وهو ما وصفه مراقبون بأنه محاولة فرنسية لمنع الانقسام في الاتحاد الأوروبي، حيث تقف فرنسا وبريطانيا وألمانيا ضد التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة فيما تقف غالبية دول أوروبا مع الفلسطينيين ضد الاحتلال. وقد كشف ساركوزي الاقتراح لأول مرة يوم الخميس الماضي عند لقائه بسفراء فرنسا في العالم في باريس، وقال إن الاقتراح جرى بلورته بالتنسيق مع جامعة الدول العربية، مع إشارته إلى أن عددا من القيادات الفلسطينية رحّبت بالاقتراح. هذا ويرى الفرنسيون أنفسهم أصحاب دور رئيسي في معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مع الأخذ بعين الاعتبار أنهم يدورون في الفلك الأمريكي. ويتضمن الاقتراح السماح لدولة فلسطين بالعضوية في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ما سيتيح لهم مقاضاة إسرائيل على أية جرائم حرب أو اغتيالات، لكن ألمانيا التي تحرص على مصالح إسرائيل رفضت هذا البند ، كما تتضمن الورقة الفرنسية أن تعترف إسرائيل ( نظريا ) بحدود دولة فلسطين على خط 1967 مع إدراج كلمة تبادل أراضي والاعتراف بان إسرائيل دولة لليهود. وفيما يتعلق بأمن إسرائيل أورد الاقتراح الفرنسي بندين يستندان على رؤية الرئيس أوباما وليس الاقتراح الأوروبي، وأن يعود الفلسطينيون للمفاوضات مع إسرائيل، علما بأن إسرائيل وبحسب مصادر في تل أبيب ترفض توجه الفلسطينيين للأمم المتحدة كما ترفض هذا الاقتراح الفرنسي، وتواصل حملة مكثفة عن طريق سفراء إسرائيل في أوروبا لإحباط أي جهد فلسطيني في الأممالمتحدة. ومع ذلك ستقوم فرنسا بعرض اقتراحها رسميا خلال اجتماع الاتحاد الأوروبي، والذي سيعقد قريبا في بولندا، وذلك على أمل عدم انقسام 27 دولة أوروبية خلال التصويت في الأممالمتحدة، مع أن ايطاليا وألمانيا أعلنتا رسميا رفضهما اعتراف الأممالمتحدة بدولة فلسطين وطالبت القيادة الفلسطينية العودة للمفاوضات. أما بريطانيا وفرنسا فلم تعلنا رسميا بعد موقفا من الأمر، ويصف المراقبون الاقتراح الفرنسي أنه خطوة تكتيكية للحفاظ على وحدة موقف الاتحاد الأوروبي وليس لحل الإشكال وعدم تعريض أمريكا لفرض قرار فيتو ضد الفلسطينيين . أحد الدبلوماسيين الغربيين الكبار قال إن الاقتراح الفرنسي مجرد تكتيك يقضي برمي عظمة صغيرة للفلسطينيين لمنعهم من التوجه للأمم المتحدة ، ولكن هذا لن يمنع أبدا أن إسرائيل ستدفع ثمنا باهظا في سبتمبر. كما أن نتنياهو ابلغ ممثلة الاتحاد الأوربي اشتون رفضه للاقتراح الفرنسي خشية من انقلاب الأمر ضد الاحتلال الإسرائيلي ، وسيلتقي نتانياهو الأسبوع القادم بالرباعية في محاولة منه لدرء خط سبتمبر. وفي هذا الإطار قال مسئول إسرائيلي إن إسرائيل لن تتنازل عن أي شيء للفلسطينيين، وعلى الفلسطينيين ألا يذهبوا للأمم المتحدة لأن هذا يعد خطأ استراتيجيا وهم سيصعدون على شجرة عالية ولن ينتهي الصراع . من جانبها، رفضت السلطة الفلسطينية المقترح الفرنسي على لسان وزير خارجيتها، الدكتور رياض المالكي، في تصريحات صحفية أمس السبت، حيث قال: "هذا الطرح غير مقبول لدينا، ولو أردنا أن نحصل على صفة مراقب نستطيع أن نحصل عليها في أي وقت ومتى شئنا، لكننا ذاهبون إلى مجلس الأمن للحصول على عضوية كاملة وهناك غالبية تؤيدنا". كما نفى المالكي إمكانية إلغاء التوجه لمجلس الأمن، والاكتفاء بالذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقال": نحن نتحرك بناءا على هذا الخيار رغم التهديد الأمريكي ". لكنه استدرك قائلا "إن هناك 20 يوما قبل أن يسلم الرئيس طلب العضوية للسكرتير العام للأمم المتحدة، لكننا سوف نرى ماذا سوف يحدث من تطورات تسمح لنا بالنظر في خياراتنا لا سيما وأن هناك اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوربي في بولندا وماذا سيطرحون من صيغ جدية". وأضاف: "سوف تقدم صيغ حتى 20 الشهر وسنقوم بدراستها حول ما إذا كانت تخدم القضية الفلسطينية أم لا، وفي حال لم تكن جدية سوف نواصل الذهاب لمجلس الأمن". أما فيما يتعلق بنص ومضمون وصيغة القرار الذي سنقدمه للأمم المتحدة، أشار المالكي إلى أنه حتى اللحظة يجري العمل مع كل الدول الصديقة والشقيقة على صياغة قرار يكون مرضي للجميع لا سيما الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، كما أن هناك اجتماع لمجلس الجامعة العربية في 13 من الشهر الحالي، تستلم فيها فلسطين رئاسة الدورة لمدة 6 أشهر.