ما بين الكوميديا المفرطة والدراما السوداء المظلمة جاءت مسلسلات رمضان، وبينما راهن البعض على مزاج المشاهد، وأجزم بأنه سيعزف عن متابعة الأعمال التى تناقش قضايا مهمة، وسيلهث خلف المسلسلات الكوميدية الخفيفة لتخرجه من حالة الاكتئاب التى سيطرت عليه نتيجة عدم استقرار الأوضاع فى الشارع المصرى، كان للمشاهد والنقاد رأى آخر نتعرف عليه فى التحقيق التالى.. الناقد يوسف شريف رزق الله قال إن هناك تحية يجب أن تقدم لصناع مسلسلات «خاتم سليمان» و«دوران شبرا»، و«شارع عبدالعزيز» وغيرها من المسلسلات الجادة لقدرتها على جذب المشاهد بدراما مقنعة رغم أن الجميع كان يتصور أن الجمهور لن يحب هذه النوعية القاتمة من المسلسلات فى ظل حالة عدم الاستقرار التى يعيشها الشارع. فكانت مغامرة كبيرة من المنتجين الذين تصدروا لهذه الأعمال لحرصهم على تقديم فن جيد ورفضهم الانسياق وراء الهواجس التى ملأت السوق. وأشار رزق الله إلى أن الأزمة ليست فى الكوميديا بشكل عام، ولكن فيما تم تقديمه من أعمال مشوهة فى رمضان بشكل خاص. وأضاف: جميع المسلسلات الكوميدية بعيدة تماما عن المنطق، وغلب عليها الاستظراف والمبالغة غير المقبولة فى كل شىء، فالمواقف يتم تضخيمها بشكل غير منطقى لدرجة جعلت الناس تعزف عن هذه الأعمال، وتبحث عن نفسها فى أعمال أخرى. ورغم أن المواطن له الحق فى «الضحك» بعد الفترة العصيبة التى مر بها الفترة الأخيرة وحالة عدم الاستقرار التى يعانى منها الشارع، إلا أنه فضل المسلسلات التى بها قدر كبير من القتامة وتمس الشارع بشكل مباشر، مثل مسلسل «دوران شبرا»، فهذا العمل لا يوجد به «فرحة ولا بسمة على وجه أى من أبطاله» ورغم ذلك نجح فى خطف الأنظار، ليس لأنه قاتم ولكن لأنه كتب بشكل جيد ومقنع، ويحاكى الواقع الذى نعيشه بدرجة كبيرة، كما أنه يقدم العلاقة بين المسلمين والمسيحيين بشكل رائع وطيب، ونفس الحال يسير مع مسلسل «خاتم سليمان»، و«شارع عبدالعزيز». المزاج المصرى الناقد كمال رمزى يرى أنه من الصعب تحديد المزاج المصرى، وبالتالى كان تعسفا من البعض عندما قالوا إن المطلوب حاليا كوميديا أو حتى تراجيديا. والملاحظ أن الواقع أكثر سخونة ودراما مما تحتويه مسلسلات رمضان، سواء كانت فكاهية أو مأساوية. فالمواطن الآن مشغول ولديه شغف شديد بمعرفة إلى أين نحن ذاهبون؟، وهذا أهم عنده من الذى سيحدث ل«سمارة» فى الحلقة القادمة، أو «المأذونة نونة». وأكد رمزى أن احتياج الناس لمعرفة ماذا يحدث للنشطاء السياسيين وتتبع أخبارهم أهم بكثير من متابعة المسلسلات. ونفى رمزى أن تكون نسبة مشاهدة المسلسلات مرتفعة هذا العام كما يردد البعض، وقال: نسب المشاهدة منخفضة جدا، وهذه نتيجة طبيعية لقلق وانشغال المواطن على مستقبل بلاده، وعليه فلا يمكن أن يجمع أحد ويقول على أى مسلسل أنه الأعلى مشاهدة كما حدث مع «شيخ العرب همام» العام الماضى. جمهور بالإيجار الناقد طارق الشناوى أكد أن سياسة مغازلة الجمهور بالكوميديا بدأت مع طرح فيلم «سامى أكسيد الكربون» فى الموسم السينمائى الأخير، ولم تفلح. فالجمهور يريد سوقا حقيقية يستمتع فيها بمتابعة التراجيديا والكوميديا وكل أنواع الدراما، وليس نوعا واحدا فقط، والشرط الوحيد أن يصدق ما يتم تقديمه على الشاشة. وشدد الشناوى على أن اهتمام المشاهد بالمسلسلات التى تناقش قضايا مهمة جاء لأنها أعمال جادة وليس لأنها كئيبة فقط، مضيفا هناك كثير من المسلسلات الكئيبة لكن لم ينجح منها سوى الجيد مثل «خاتم سليمان»، و«دوران شبرا»، و«المواطن اكس»، و«الشوارع الخلفية». وتحقق ذلك لأنها احترمت المشاهد وتم تقديمها بمعالجة صحيحة، وليس لأنها فقط تناقش قضايا الشارع. وأشار الشناوى إلى أن الجمهور بالفعل يحتاج الكوميديا فى كل وقت، ولكنه يريد ذلك من خلال أعمال تحترم عقله وليس كالتى قدمت فى «جوز ماما مين» و«نونة المأذونة» وباقى مسلسلات الست كوم التى تؤجر جمهورا وتفتعل ردود أفعاله وتملأ الحلقات بضحكات ماسخة مستفزة، يعرف الجمهور أنها حيل. مهزلة الناقدة إيريس نظمى أيضا قالت إن سبب تفوق المسلسلات المأساوية هو ضعف المسلسلات الكوميدية، وليس بحث المشاهد عن الكآبة. وأكدت أن هناك مهزلة تقدم باسم الكوميديا على شاشة رمضان، متمثلة فى مسلسلات «الزناتى مجاهد» و«مسيو رمضان مبروك».