ودعت مدينة أسوان، الشهيد محمد محسن أحمد (23 عاما) أحدث شهداء ثورة 25 يناير، والذى انطلقت جنازته من ميدان الشهداء فى قلب المدينة، صباح أمس. وكان جثمان محمد وصل إلى أسوان، على متن احدى طائرات شركة مصر للطيران، بعدما وافاه الأجل فى مستشفى معهد ناصر، أمس الأول، حيث ظل محتجزا فى غرفة الرعاية المركزة، متأثرا بغيبوبة دخلها، إثر إصابته خلال مسيرة سلمية إلى وزارة الدفاع، فى 23 يوليو الماضى. المسيرة التى تعرضت لهجوم بالحجارة وزجاجات المولوتوف، فى ميدان العباسية، انتهت بإصابة العشرات، ومن بينهم محمد محسن، الذى أصيب بنزيف حاد فى المخ، دخل على إثره فى غيبوبة، استمرت حتى وفاته. وبمشاركة الآلاف من المواطنين وممثلى كل الأحزاب والقوى السياسية والشعبية، أديت صلاة الجنازة فى مشهد مهيب بميدان الشهداء ثم انتقلت الجموع إلى مقابر «السيد البدوى» لمواراة الجثمان. وكان فى انتظار جثمان الشهيد، أعداد كبيرة من أهالى أسوان، والذين تسلموه من مطار أسوان، ونقلوه على متن سيارة مكشوفة، وقد لفوا الجثمان فى علم مصر، لينطلق الموكب إلى ميدان الشهداء، وسط زغاريد السيدات. ومنع عدد من المشيعين المنتمين لتيارات سياسية، قيادات الأمن فى المحافظة من تأدية واجب العزاء، أوحضور مراسم الجنازة، كما منعوا اللواء محمد مصطفى، سكرتير عام المحافظة من التحدث فى الميكروفون. وشارك محمد فى ثورة 25 يناير منذ اليوم الأول من اندلاعها، متنقلا ما بين ميدان الشهداء بأسوان وميدان التحرير بالقاهرة. ودشن عدد من أصدقائه صفحة على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» بعنوان «محمد محسن»، عرضوا خلالها صورا له. إلى ذلك نعى المرشح المحتمل فى الانتخابات الرئاسية محمد البرادعى «شهيد موقعة العباسية»، قائلا إن: «الثورة قامت من أجل احترام قدسية الحياة وكرامة الإنسان»، واستشهد البرادعى فى مشاركة له عبر حسابه الشخصى على موقع «تويتر» بقول الله تعالى: «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون». فى سياق متصل، نظم ما يعرف بحركة «ألتراس البرادعى» وقفة احتجاجية عصر أمس على كوبرى قصر النيل على غرار الوقفات التضامنية مع شهيد الإسكندرية خالد سعيد، للتضامن مع «فقيد الحملة الشعبية لدعم البرادعى محمد محسن»، ووفاء لشهداء الثورات العربية.كما أعلنت الحملة الشعبية لدعم البرادعى مشاركتها فى صلاة الغائب على «شهيد العباسية» عقب صلاة الجمعة بمسجد عمر مكرم. ومن جانبه، حيا الروائى علاء الأسوانى «الروح الطاهرة للشهيد محمد محسن البالغ من العمر 23 عاما»، وقال: الأسوانى عبر حسابه على تويتر: «جاء (الشهيد) من أسوان إلى القاهرة لينضم إلى المعتصمين.. فقتله البلطجية فى موقعة العباسية». صلاة الغائب على الشهيد بالتحرير وسط حصار أمنى أدى المئات من الحركات الاحتجاجية والائتلافات الشبابية ومستقلون صلاة الغائب، ظهر أمس، بمسجد عمر مكرم، على الشاب محمد محسن، شهيد موقعة العباسية، وعقب الصلاة نظموا مسيرة احتجاجية إلى ميدان التحرير، فيما تصدت لهم قوات الشرطة العسكرية ومنعت المسيرة من دخول الميدان. شهدت المسيرة اشتباكات بين متظاهرين مؤيدين للمجلس العسكرى، حيث رددوا هتافات «الشعب والجيش إيد واحدة»، وآخرون ممن رددوا هتافات: «يا شهيد نام وارتاح واحنا نكمل الكفاح»، «القصاص القصاص ضربوا إخواتنا بالرصاص»، وتدخل عدد من المواطنين لاحتواء الموقف وفض الاشتباك قبل حدوث إصابات بين الطرفين، فيما اكتفت قوات الجيش بالمتابعة عن بعد دون التدخل. ومن جانبها نظمت الشرطة العسكرية كردونا أمنيا لتطويق المتظاهرين من جميع الجهات، ومنعهم من دخول الميدان، فيما كثفت قوات الأمن المركزى وجودها على مداخل ومخارج ميدان التحرير، ومنعت دخول أى شخص، وردا على هذا الحصار، ردد المتظاهرون «حرية حرية». من جهة أخرى، قال الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب عمر مكرم، خلال خطبة الجمعة: «كنا نعيش مرحلة من اليأس، حيث كنا فى السنوات الماضية نظن أن تغيير الحاكم وحاشيته أمرا مستحيلا، ولكن عندما ثار الشعب يوم 25 يناير وحدث ما حدث، أصبحنا أحرارا وشهدنا نهاية فرعون مصر الذى أصبح عبرة». وأكد أن المصريين شعروا بنجاح ثورتهم وتحقيق سيادة القانون عندما رأوا مبارك ورموز نظامه خلف قفص الاتهام، مشيرا إلى أن ما حدث فى محاكمة مبارك العلنية هو دليل على «عظمة القضاء المصرى ووطنية المجلس العسكرى الذى ساند الثورة». وشدد شاهين إلى أن ثورة 25 يناير حمت أجيالا مصرية من حكم الطغاة والمستبدين قائلا: «لا أعتقد أن أى رئيس قادم سيفعل ما فعله مبارك»، مضيفا: «أمريكا ومنظمة العفو الدولية تقول إنها لن تقبل بإعدام مبارك، ونحن لن نقبل بالوصاية من أحد مهما كانت قوته، فنحن قادرون على حماية أنفسنا بأنفسنا»، وتساءل موجها خطابه لهما: «أين كنتم عندما كان يعتقل الشعب المصرى ويهان على مدى 30 سنة»؟ وناشد جموع الشعب المصرى من أحزاب سياسية وحركات احتجاجية وائتلافات شبابية ومستقلين وإسلاميين وغير إسلاميين، بتوحيد صفوفهم لتحقيق باقى أهداف ومطالب الثورة، مؤكدا أن محاكمة مبارك ورموزه ليست هى النهاية والهدف والوحيد فى الثورة، فلابد من التطهير الكامل لكل مؤسسات الدولة، وأن الثورة مستمرة حتى تطهير البلاد.