تتزين المساجد في العالم الإسلامي عندما يهل هلال شهر الصيام، وتستقبل روادها لإحياء ليالي الشهر الكريم، لكن في أولى القبلتين وثالث الحرمين، يختلف الوضع إلى حد كبير.. فسلطات الاحتلال الصهيوني تحاول أن تفرض واقعها بقوة السلاح، وتسعى لتهويد القدس بكل ما امتلكت من قوة، وهو ما يجعل على رأس أولوياتها منع المظاهر الإسلامية قدر المستطاع عن مدينة السلام. لكن المقدسيين لم يستسلموا للأمر الواقع، وأصروا على تحدي الصهاينة، والاحتفال برمضان كما يفعل المسلمون حول العالم، فمازال آلاف المواطنين من القدسالمحتلة وضواحيها وبلداتها وأحيائها ومن التجمعات السكانية داخل أراضي عام 48 يؤمون المسجد الأقصى المبارك، لآداء صلاة التراويح بعد أداء صلاتي المغرب والعشاء في رحابه الطاهرة. ومازالت الشوارع والطرقات المؤدية إلى المسجد المبارك تزدحم بجموع المصلين، واستمرت الحركة تجارية النشطة في أسواق القدس القديمة قبل وبعد الصلاة، ورائحة القطايف هنا واضحة من بين جنبات أسواقها، ويرتوي الزائر من ينابيع أصالتها بشراب الخروب والسوس، أما أضواء الزينة..فهلال هنا ونجوم هناك ألوان بهية تلون ليلها الصيفي اللطيف. صوت الأذان في المسجد الأقصى يرتفع عاليا..يعلن إسلاميتها وعروبتها..ويدعو رواده، إلى حيث الطمأنينة والسكينة، أما أسواقها الصاخبة فتسمع أصوات البائعين..فواكه وخضار، حلويات وموالح، ألعاب وهدايا، تجذب المتسوقين. وزيادة على التأكيد على تحدي الاحتلال، حرص المقدسيون على إظهار بهجتهم بشهر الصيام، فقاموا بعد صلاة التراويح بمسيرة حاشدة من سوق القطانين بالبلدة القديمة مرورا بشارع الواد وصولا إلى باب العمود في القدس، تقدمتها فرقة البيارق الدينية المقدسية التي أخذت تقرع الطبول والدفوف، ورددت التكبيرات والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إلى جانب التصفيق من قبل المشاركين الذين تفاعلوا مع المسيرة بعد خروجهم من صلاة التراويح .