شنت قوى وأحزاب سياسية حملة انتقادات واسعة ضد ما وصفته ب«الانتهاكات» التى ارتكبتها قوى وجماعات «محسوبة» على التيار الإسلامى فى المظاهرة المليونية التى شهدها ميدان التحرير، أمس الأول، إلى درجة وصفهم لها ب«جمعة تهديد الثورة» بدلا من «جمعة وحدة الصف». الجمعية الوطنية للتغيير اتهمت من سمتهم ب «القوى المتطرفة والمنغلقة وبعض عملاء أمن الدولة أيام الرئيس المخلوع حسنى مبارك وبقايا الإرهابيين المتورطين فى سفك دماء المصريين الأبرياء باستغلال التدين الفطرى للمصريين فى محاولة تصوير القوى التى أطلقت الثورة وحررت الوهابيين وغيرهم من السجون وكأنهم يعملون ضد الإسلام». وقالت الجمعية، فى بيان أصدرته أمس، «إن الذين احتشدوا فى الميادين وخانوا الاتفاقات التى أبرمتها معهم القوى الوطنية للحفاظ على روح التوحد والإخلاص لمصر ضربوا الثورة فى مقتل، ورسموا صورة للعالم تخدم الفزاعة التى كان يعيش عليها نظام مبارك». وتابعت الجمعية، فى بيانها «سيجعل هذا قوى خارجية تتكتل لهدم ثورتنا، ويعطى لأتباع الثورة المضادة فرصة للقضاء عليها بدعوى أنها ستستبدل بنظام مبارك قوى سياسية لا تؤمن بالوطنية المصرية ولا ترى إلا مصالحها الضيقة وتنتمى إلى دول وثقافات ومصالح لا تخدم مسيرة الوطن، بدليل رفع أعلام دول وميليشيات وإمارات إرهابية فى ميدان التحرير». ودعت الجمعية الشعب المصرى إلى «التنبه لهذا المخطط الذى يستهدف إعادة العجلة إلى الوراء واستبدال ديكتاتورية مبارك بديكتاتورية التيارات المحافظة، التى لا تمتلك أى مشروع لبناء دولة حديثة، وليس لديها ما تقدمه للشعب المصرى الذى علق آمالا عريضة على الثورة فى أن تحقق له الحرية والعدالة والكفاية». من جهته، انتقد المنسق العام لحركة «كفاية»، محمد الأشقر، عدم التزام من سماهم ب «قوى تيار الإسلام السياسى» باتفاقهم معهم بعدم رفع أى مطالب خلافية فى جمعة «وحدة الصف». وقال الأشقر: «اتفقنا مع عدد من قادة الجماعات الإسلامية، الأسبوع الماضى، على إقصاء المطالب الخلافية جانبا، والتأكيد على عدد من المطالب التى تحظى بالإجماع منها القصاص للشهداء والمحاكمات السريعة والعادلة لمبارك وأعوانه، ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، وإعادة النظر فى التشكيل الوزارى الأخير وإقصاء جميع الوزراء المحسوبين على الحزب الوطنى المنحل». وأضاف مستاء: «فوجئنا ببعض السلفيين ضربوا باتفاقنا معهم عرض الحائط برفعهم شعارات تنذر باندلاع الفتن الطائفية»، إلا أنه لفت إلى حرص بعض السلفيين «المستنيرين» على إجراء حوارات «جادة وموضوعية» مع الشباب المنتمين لتيارات سياسية أخرى، حسبما قال. وقال عبد الغفار شكر إن «صفوت عبدالغنى، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية ووكيل مؤسسى حزب البناء والتنمية معترف بوجود اتفاق بيننا، ولكنه قال «إن الاتفاق لم ينص على منعهم من رفع شعارات إسلامية»، وهو ما اعتبره شكر نوعا من أنواع «المراوغة». وبالرغم من انتقاده ل«تنصل القوى الإسلامية من الاتفاق»، إلا أنه قال «رب ضارة نافعة»، فمن وجهة نظره أن ما حدث يكشف عن طبيعة الأفكار والتوجهات الموجودة فى المجتمع»، مضيفا: «إن هذا سيفيدنا مستقبلا لأن ظهور هذه الأفكار حاليا ومناقشتها فى العلن أفضل من أن نفاجأ بها بعد ذلك». وتابع شكر: «هذه سمة أى مجتمع ديمقراطى، وهذا تطور إيجابى، ويجب على القوى السياسية الاستفادة مما جرى وأن تراعى مستقبلا الاتفاق على كلمة»، مشيرا إلى أنه لا يوجد ما يدعو للاعتصام حاليا «فلابد من إعطاء فرصة للحكومة الجديدة»، على حد تعبيره. السعيد كامل، أمين عام حزب الجبهة الديمقراطية، قال «إن نقض الاتفاق مؤشر خطير، ومقلق لجميع القوى السياسية، ونحن خائفون من أن يأتى اليوم الذى نترحم فيه على النظام السابق». وحذر كامل من خطورة تحول الخلاف فى الرأى والخلاف السياسى إلى صراع دينى، وذلك لأن القوى الإسلامية رفضت الحوار معنا، على حد قوله. نائب رئيس حزب الكرامة، تحت التأسيس، سعد عبود، قال: «واضح جدا أن ما حدث كان تحالفا إسلاميا ضد الثورة التى أكدت عدم إقصاء أى فصيل وطنى من الحياة السياسية»، مؤكدا أن الوقت الحالى ليس وقت انشقاق. ووصف ما حدث بأنه «يحمل قدرا كبيرا من الاستعجال غير المقبول للحصول على مكاسب ثورة لم تتحقق بعد»، موضحا أنه لم يكن هناك حرص من السلفيين على الوحدة بين كل فئات الشعب، مضيفا: «لا وقت الآن لاستعراض قوة بين القوى السياسية». ووجه منصور رسالة للفصائل والقوى السياسية قال فيها «علينا أن نعلم أن مصر وطن يتسع لنا جميعا»، محذرا من إقصاء أى فصيل. وأصدر حزب التجمع، بيانا أمس، وصف فيه ما حدث بالتحرير بأنه «محاولة من الإسلاميين للسيطرة على الميدان بشعارات، أقل ما يمكن أن توصف به أنها مناهضة للدستور والقانون وللدولة المدنية التى تمثل بالنسبة لمصر أملا أجمعت عليه القوى الوطنية والديمقراطية والليبرالية والتى زعمت جماعة الإخوان فى لقاءاتها مع قوى الائتلاف الديمقراطى قبولها بها». وربط الحزب بين رفع شعارات إسلامية فى الميدان وواقعة قيام «جيش» مسلح بأحدث الأسلحة ومزود بسيارات من آخر طراز مرفوعة عليها رايات سوداء «رمز القاعدة» بمحاولة احتلال العريش لإعلان قيام إمارة إسلامية فى سيناء بحسب البيان. وفسر الحزب، فى بيانه، ما وصفه بحالة الاستقواء التى ظهرت عليها قوى الإسلام السياسى بالدعم الرسمى والحكومى الذى حظت به هذه القوى. ودلل على ذلك قائلا: «لماذا زار وزير الداخلية مقر الإخوان بالذات بينما أمامه مقار عدة لأحزاب عدة لم يفكر ولا حتى بإجراء مكالمة تليفونية معها؟». ووصف البيان تصرف وزير الداخلية بأنه موقف متعمد يلعب من خلاله بالنار، وهى «نار إن سارت فى المجرى الذى بدأ يوم الجمعة ستحرق الوطن ومستقبله». ودعا التجمع جماهير الشعب لضرورة الاحتشاد واليقظة دفاعا عن مستقبل الوطن والدولة المدنية، التى يكون كل مواطنيها على قدم المساواة دون أى تمييز بين أحد منهم بسبب من الدين أو الجنس أو الوضع الاجتماعى، مطالبين بضرورة بحث خطط العمل المستقبلى لضمان مصر وطنا لكل أبنائها. يأتى هذا فى الوقت الذى ندد فيه مدشنو صفحة «ثورة الغضب المصرية الثانية»، بنقض قوى التيار الإسلام السياسى اتفاقياتهم التى أبرموها معهم قبل جمعة «وحدة الصف»، وقالوا فى بيان منشور على صفحتهم على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»: «لقد أخطأنا بالتنسيق مع هؤلاء». إلا أن مدشنى الصفحة أثنوا، فى الوقت نفسه، على التزام بعض «السلفيين الحقيقيين» المعتصمين فى الميدان، وشباب حزب التيار المصرى، بالعهد، وأضافت الصفحة: «أثبتوا أنهم رجال وليسوا مثل الوهابيين الذين اتخذوا موقفا دينيا متعصبا ظهر بوضوح شديد فى مظاهرة استعراض القوة التى شهدها الميدان الجمعة الماضية».