بابتسامة فرحة وحماسة شديدة خطت إسراء عبدالغنى أولى خطواتها إلى المدرسة، مرتدية الزى المدرسى للمرة الأولى فى حياتها، وحاملة حقيبة جديدة ملأتها بالكتب والأدوات المكتبية. إسراء، ذات الاثنا عشر عاما، تتذكر هذا اليوم باعتباره الأهم فى حياتها، عندما انتقلت من العمل فى الحقل مع والدها إلى الجلوس فى الصف الدراسى مع أقرانها. هى واحدة من نحو 11 ألف طفلة وطفل التحقوا ببرنامج «مكافحة عمل الأطفال الخطر»، الذى بدأ تنفيذه فى 2006 وانتهت مرحلته الأولى فى الشهر الجارى، وشمل ثلاث محافظات فى صعيد مصر، هى أسيوطوسوهاج وبنى سويف. وفى احتفالية بانتهاء المرحلة الأولى من البرنامج، الذى تعاون فى تنفيذه 3 منظمات تابعة للأمم المتحدة؛ هى: منظمة العمل الدولية، ومنظمة اليونيسف، وبرنامج الغذاء العالمى، أُعلن عن بدء العمل فى المرحلة الثانية من المشروع التى ستخدم 16 ألف طفلة وطفل فى خمس محافظات هى سوهاجوأسيوط والمنيا والفيوم والشرقية، وتنتهى فى 2014. الاحتفالية التى أقيمت أمس الأول فى الفيوم شارك فيها عشرات الأطفال الذين التحقوا بالبرنامج، بالإضافة إلى ممثلين لمنظمات الأممالمتحدة المشاركة فيه والجمعيات الأهلية الشريكة لها. الهدف الأساسى للبرنامج هو الحد من ظاهرة عمل الأطفال من خلال إعادة تأهيل وإدماج الأطفال العاملين فى التعليم، ومنع تسرب الأطفال المهددين بالالتحاق بسوق العمل. وتشير التقديرات غير الرسمية إلى وجود نحو 3 ملايين طفل عامل فى مصر، 20% منهم لم يلتحقوا بالدراسة على الإطلاق. حالة إسراء التى بدأت فى مساعدة أهلها فى العمل فى سن مبكرة ليست غريبة فى مصر، حيث تشير الإحصائيات إلى وجود شكل من أشكال عمالة الأطفال فى 12% من الأسر المصرية، بحسب ما أكده المدير الإقليمى لمكتب منظمة العمل الدولية فى شمال أفريقيا، يوسف القريوتى. القريوتى شرح ل«الشروق» الجوانب المختلفة للبرنامج الذى يقدم حصصا غذائية للأطفال المشاركين فيه، والذين يتم اختيارهم من قبل الجمعيات الأهلية التى تقوم بتنفيذ البرنامج، وذلك كبديل عن الدخل الذى تفقده الأسرة بخروج الطفل من سوق العمل، كما يتكفل البرنامج بالمصاريف المدرسية والتكاليف المختلفة لتعليم الأطفال الملتحقين به. من ناحية أخرى، تقدم المنظمة الدعم الفنى لأمهات الأطفال وتدربهم على إنشاء وإدارة مشروعات صغيرة مدرة للدخل، ثم يتم تشبيك هذه الأسر مع الجهات المانحة المختلفة، كالصندوق الاجتماعى للتنمية لتمويل المشروعات. المشروع يقدم كذلك «تدريبا للتدرج المهنى»، للأطفال الملتحقين بسوق العمل بالفعل والذين وصلوا لسن الرابعة أو الخامسة عشرة، بما يمنعهم من الالتحاق بالتعليم الرسمى. من خلال هذا التدريب يبرم البرنامج عقود عمل مع الجهات التى يعمل بها هؤلاء الأطفال تنص على عدد يومى من ساعات التدريب على مهارات محددة بما يسمح للطفل العامل بالتدرج فى مهنته، بالإضافة إلى إلحاقه ببرنامج مسائى لمحو الأمية. إسراء تعتزم استكمال تعليمها حتى الجامعة، «نفسى أطلع محامية أدافع عن الناس»، وتتمنى «كل الولاد والبنات يدخلوا المدرسة».