توصلت «الشروق» إلى مستندات جديدة تكشف هوية جثث غالبية الشهداء ال19 مجهولى الهوية، ومستندات أخرى تثبت مخالفة قرار الحكومة بدفن الجثث فى مقابر المحافظة، رغم تأكيد تقرير الطب الشرعى الذى عاين المقبرة، لأنها «غير صالحة» مفضلا ان توارى جثامين الشهداء الثرى فى مقبرة تبرعت بها سيدة عبر قناة أزهرى، بدلا من مقابر المحافظة التى وصفها التقرير بأنها رطبة ولا تساعد فى الحفاظ على الجثث». وتبين من تقرير الطب الشرعى الذى حصلت «الشروق» على نسخة منه أن «17 جثة» من الجثث ال 19 «تخص سجناء، والجثتين المتبقيتين غير معروفتى الهوية»، ومن بين الجثث معلومة الهوية بحسب التقرير «11 سجينا من سجن الفيوم و4 من سجن القطا، وسجين واحد من سجن طرة، وآخر غير معلوم الهوية». وجاء فى التقرير كذلك أن «13 من قتلى سجن الفيوم لقوا حتفهم فى 3 فبراير، والسجين الأخير لقى حتفه فى 8 فبراير، السجناء الأربعة القتلى من سجن القطا، قتل اثنان منهم فى 2 فبراير، والثالث فى 3 فبراير والأخير لقى حتفه فى 6 فبراير». كان الداعية خالد الجندى تبنّى القضية وطالب المشاهدين عبر قناة أزهرى بالتبرع بمقبرة للشهداء، وتبرعت سيدة تُدعى «جيهان محمود عباس أبوحسين» بمقبرة بمدينة السادس من أكتوبر. وخاطب رئيس قطاع مصلحة الطب الشرعى فى وزارة العدل، الدكتور إحسان كميل جورجى، المستشار المحامى العام لنيابات جنوبالقاهرة بخطاب حصلت «الشروق» على نسخة منه يفيد أن «جيهان محمود عباس أبوحسين تبرعت بمقبرة تمتلكها، لدفن الضحايا ال19، وتعهدت بعدم دفن أى جثث أخرى فى هذه المقبرة»، مفيدا انه «إذا رأت مصلحة الطب الشرعى دفن جثث صدقة أخرى بها فالسيدة جيهان ليس لديها مانع فى ذلك». وأضاف الخطاب أن الشيخ شاهر عشرى موسى «قدم قطعا معدنية مدونة عليها بيانات الضحايا ال19، وتعهد بدفنهم بالمقبرة التى تبرعت بها السيدة بعد وضع العلامات المعدنية حول رقبة كل ضحية، كما تعهد بإجراء محضر دفن وتقديمه عقب الانتهاء من الدفن». وطالبت مصلحة الطب الشرعى من المحامى العام لنيابات جنوبالقاهرة تسليم الجثث ال19 للسيدة جيهان لدفنها. وانتقل الدكتور عادل محمد عبدالله البرى الطبيب الشرعى بالمكتب الفنى لكبير الأطباء الشرعيين، للمقبرة التى تبرعت بها السيدة، وقارنها بمقابر المحافظة بالإمام الشافعى فى 7 يونيو الحالى، بناء على قرار نيابة السيدة زينب الجزئية، وذلك لإجراء المعاينة اللازمة لكل منهما، وبيان ما إذا كان فى أى منهما ثمة جثث أخرى من عدمه، وإذا ما كان أى منهما معدا لاستقبال الجثث التسع عشرة مجهولة الهوية بحيث يسهل الوصول إليهم مستقبلا. وجاء فى تقرير البرى أن مقبرة المحافظة بمدافن الإمام الشافعى «رطبة الجدران، وتبيّن وجود بقايا لعظام آدمية بالمقبرة بكمية ضئيلة، أما المقبرة الثانية الكائنة بمدينة 6 أكتوبر فأرضيتها رملية جافة وخالية تماما ولا يوجد بها أية مظاهر تشير لسبق الدفن فيها». وأضاف التقرير أنه «بعد إجراء المعاينة اللازمة للمقبرتين نرى أفضلية المقبرة الكائنة بالقطعة رقم 863 منطقة أ/3 بمدينة 6 أكتوبر من حيث المساحة والمكان ونوعية التربة، حيث إن التربة جافة وليست رطبة ولم يسبق الدفن بها ومن الممكن أن تستوعب التسع عشرة جثة». أما خطاب نيابة جنوبالقاهرة الكلية للدكتور كبير الأطباء الشرعيين بدار التشريح حصلت «الشروق» على نسخة منه فقال إنه «يصرح بدفن جثث المتوفين ال19 بمدافن الصدقة، على أن يتم تمييز الجثمان بعلامة معدنية ويدفن كل منهم فى مكان مستقل يدون على شاهده بياناته ويحرر محضرا بإجراءات الدفن ويعرض علينا فور تنفيذه». وبالرغم من ذلك تم دفن الجثث بمقابر المحافظة بمدافن الإمام الشافعى بالمخالفة لتقرير الطب الشرعى. من جانبه استنكر المستشار أحمد الفقى، نائب رئيس محكمة استئناف القاهرة، الذى تابع القضية «عدم توصل الدولة للحقيقة وتوصيفهم للشهداء بمجهولى الهوية، بعد 4 أشهر من الثورة»، مشيرا إلى أن معرفة هوياتهم «أمر سهل جدا ومن البديهيات»، وتساءل: «لماذا تم إصدار قرار بدفن هؤلاء الشهداء فجأة بعد 4 أشهر». وقال ل«الشروق» إن الموضوع «يبدأ بإخطار للنيابة ثم تنتقل النيابة للجثة لمعاينتها ثم تحولها للطب الشرعى لتشريحها ومعرفة سبب الوفاة.. فأين تحقيقات النيابة وتحريات الجهات الأمنية.. الموضوع أبسط مما نتصور.. من الممكن أن يتم تصويرها ويطابقها بالصور الموجودة فى ملفات السجن.. أو من خلال البصمات والفيش والتشبيه أو من خلال الحمض النووى (الDNA)». وأضاف: «من المفترض أنهم كانوا سجناء وكان يجب على الدولة أن تعطى لنا معلوماتهم، هناك بيانات أساسية مثل الاسم والعنوان والتهمة وتاريخ دخول السجن». وتابع الفقى: «يجب على الدولة أن توصلنا للحقيقة وتجيب عن التساؤلات الكثيرة فى هذه القضية الخطيرة، هل هم سجناء رفضوا الخروج من السجن بعد أن تم فتحه ليتم تهريبهم، أم أنهم حاولوا الهروب من السجن، أم انهم شهداء من الثورة تم قتلهم على أيدى ضباط الشرطة»، مشيرا إلى أن هذه المعلومات «ستقودنا إلى معرفة طريقة التعامل مع هذه الحالة». وقال نائب رئيس محكمة استئناف القاهرة: «هذه القضية ترجعنا إلى قضية السجون المصرية وما الذى حدث فيها.. أين عربات الشرطة التى دهست المتظاهرين، لا بد للنيابة أن تفتح التحقيقات فى قضايا كثيرة، مثل الذين تم حجزهم فى أمن الدولة وما زالوا على قيد الحياة للتحقيق فى الجرائم الكثيرة التى اشترك فيها النظام السابق وعلى رأسه حبيب العادلى». مضيفا: «مثلا عندما أعلن أن هناك مقبرة لأمن الدولة فى دمنهور لماذا لم تعاين النيابة والطب الشرعى هذه المقبرة وتحلل ال (DNA).. هناك أمور لم تتخذ حتى الآن». محمد عامر الذى تقدم بطلب للنائب العام منذ 11 يوما لدفن ال19 جثمان قال ل«الشروق»: «تقدمنا بالطلب للنائب العام قبل طارق زيدان، وأكذّب ما قاله أنهم من شباب التحرير، وأن أعمارهم تتراوح بين 20 إلى 24 عاما»، مشيرا إلى أن أعمارهم «من 30 إلى 50 عاما» حسب تقديره. وأضاف: «الشيخ خالد الجندى هو من تحرك، وقدم جميع الأوراق للنائب العام، ومصلحة الطب الشرعى، والمحامى العام لنيابات جنوبالقاهرة، أما زيدان فلا يعرف شيئا عن القضية، وتحدث لوسائل الإعلام بحثا عن الشهرة، وهو المسئول عن دفن هذه الجثث فى مقبرة محافظة القاهرة غير الصالحة بالدفن».