قال الكاتب الفرنسي تانجي سالون، إنه كاد يفقد الأمل في قيام المصريين بالثورة على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السيئة التي كانوا يمرون بها. وأوضح سالون، الذي يعيش في القاهرة منذ حوالي 14 عاما، أنه كان دائم الإشارة في كتاباته الصحفية إلى تدهور مستوى معيشة الغالبية العظمى للشعب المصري، وتدني الخدمات الصحية، وارتفاع معدل البطالة لدي الشباب، وانتشار الأحياء العشوائية، والتلوث والقساد وغياب العدالة الاجتماعية، وأنه كان يتساءل دائما أية معجزة تلك التي تمنع انفجار المصريين، وخاصة أنه لاحظ، في تغطياته للعديد من الاحتجاجات والمظاهرات على مدار السنوات السابقة، أن المشاركين لم يكونوا يتعدون عدة مئات من الأشخاص. وقال سالون، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الوسط، إنه فوجئ بما حدث في 25 يناير الماضي، وبتصميم المتظاهرين على تحقيق أهدافهم، على الرغم من العنف الذي لجأ إليه النظام السابق لقمعهم، كما فوجئ أيضا بقدرة الثوار على الحفاظ على حالة التعبئة في ميدان التحرير وفي أماكن أخرى في أنحاء مصر، مع الحفاظ على "خفة الدم" التي تميز المصريين حتى في أحلك اللحظات. وقال الكاتب الفرنسي: إن أكثر ما أدهشه في الثورة هو تحرر المصريين من الخوف، والتعبير عن آرائهم بصوت عال، بعد أن كانوا يعتنقونها دون ترديدها، بالإضافة إلى توحيد أهدافهم دون النظر إلى اختلاف الدين والجنس والفئة العمرية والوسط الاجتماعي، مشيرا إلى أن أكثر ما أثار إعجابه هو تلك الحالة من الفخر التي انتابت المصريين بثورتهم، وشعورهم بالحرية بعد طول انتظار. وعن اللحظات التي لن تمحى من ذاكرته، أثناء الثورة المصرية، أوضح سالون أنها كثيرة، إلا أنه لن ينسى أبدا لحظة نزول الجيش إلى ميدان التحرير، وكيف استقبله المتظاهرون بمشاعر أخوية، تدل على أن نزول الجيش لم يكن نهاية الحركة، ولكن بداية لشيء جديد، واللقاءات التي كانت تعقدها الشخصيات العامة كالكاتب علاء الأسواني مع المعتصمين في ميدان التحرير ليلا للتعبير عن مساندتهم لهم. كما أنه لا يمكن أن ينسى أول "مظاهرة مليونية" في الأول من فبراير، حين شاهد أناسا يأتون إلى الميدان لأول مرة، مشيرا إلى أنه أيقن، في تلك اللحظة، أن الرأي العام المصري يساند الثورة، كما لا يمكن بالطبع نسيان موقعة "الجمل"، حسب قوله، إلا أن أهم اللحظات التي عايشها في ميدان التحرير هي لحظات الأمل، قبل خطاب الرئيس السابق في 10 فبراير، ثم الإحباط بعده، والفرحة العارمة التي غطت أنحاء مصر بعد تنحيه.