قلل قانونيون من أهمية التسريبات التى نشرتها صحف إسرائيلية عن لجوء شركتى إمبال وإيه جى آى الأمريكيتين المتخصصتين فى الغاز الطبيعى إلى التحكيم الدولى ضد مصر بسبب تعديل أسعار تصدير الغاز لإسرائيل، ولاستمرار توقف ضخ الغاز بسبب تخريب أنبوب التصدير المتجه شرقا عبر سيناء، وكذلك من تهديد بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلى بمقاضاة مصر. واتفق القانونيون الذين استطلعت «الشروق» آراءهم على أن هذه التسريبات ما هى إلاّ محاولة للضغط على الحكومة المصرية بفزاعة التحكيم لعدم تعديل أسعار تصدير الغاز لمدة 20 سنة مقبلة، وأنه لا يحق للشركتين اللجوء للتحكيم الدولى على الأقل فى الوقت الراهن. المستشار صدقى خلوصى، رئيس هيئة قضايا الدولة سابقا، قال إن من شروط اللجوء للتحكيم هو أن يتم إجراء معين من قبل طرف تنتج عنه أضرار واقعية وملموسة للطرف الثانى من التعاقد، وهذا الأمر لم يحدث حتى الآن، مما يجعل أى لجوء للتحكيم حاليا بمثابة دعوى استباقية لا معنى لها وغير قائمة على أى سند قانونى «وإسرائيل مش هبلة علشان تعمل كده، وعندها أساليب ضغط كثيرة أخرى قد تتبعها قبل التحكيم الدولى». وأضاف خلوصى أن عقد توريد الغاز لإسرائيل ما زال ساريا ولم يتم تعديل أسعاره، كما أن الحكومة تعمل على إصلاح الأنبوب الذى تم تخريبه، وبالتالى لا يجوز للشركتين التظلم من شىء، لا سيما أنه لم يحدث حتى الآن أى تدخل حكومى لتعديل الاتفاقية المبرمة بين الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية وشركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغازات التى تقوم بتوريد الغاز لإسرائيل، ولا يجوز لأى طرف اللجوء للتحكيم الدولى بدون حدوث تدخل حكومى. واستطرد: إذا وقع خلاف بين هيئة البترول وشركة شرق المتوسط (المملوكة لحسين سالم) فيجب اللجوء إلى التحكيم الاتفاقى المحلى وليس التحكيم الدولى، لأن الطرفين مصريان، فإذا لم يرتض الطرفان التحكيم المحلى فيجب على المتضرر اللجوء للقضاء العادى، مما يخرج قضية تصدير الغاز تماما عن نطاق اختصاص التحكيم الدولى. وأشار خلوصى إلى أن هيئة التحكيم الدولى سواء فى مركز منازعات الاستثمار (إكسيد) أو محكمة منازعات التجارة بباريس تبحث أولا فى مدى اختصاصها بالقضية قبل التطرق إلى ملفها، وهناك سوابق عديدة لدعاوى رفعها مستثمرون أجانب ضد مصر وخسروها قبل أن تبدأ بسبب عدم اختصاص التحكيم الدولى بها. أما السفير إبراهيم يسرى، وكيل وزارة الخارجية الأسبق وصاحب دعوى وقف تصدير الغاز لإسرائيل، فأوضح أن وسائل الإعلام المصرية والأجنبية انساقت خلف المزاعم الإسرائيلية دون التحقق من قانونيتها، فالحكومة المصرية لم تخل ببنود التعاقد لأن الضخ توقف لأسباب خارجة عن إرادتها، ولم تنفذ حكما نهائيا بتعديل شروط العقد، كما أنه ليس من حق الشركتين اللجوء للتحكيم الدولى لأنهما من المساهمين فى شركة شرق البحر المتوسط، وليست لهما شخصية اعتبارية كطرف فى التعاقد. وأكد يسرى أن العقد الموقع بين الشركة القابضة وشركة حسين سالم أبرم بالقاهرة بين طرفين مصريين ولم يتضمن أى إشارة للتحكيم، ويكون القضاء المصرى هو صاحب الاختصاص فى نظر أى منازعات بين الطرفين، كما أن الصفقة التى أثمرت هذا العقد هى جريمة جنائية يحاكم بشأنها من وقعوها وأشرفوا عليها أمام محكمة الجنايات حاليا لعقدها فى سرية تامة وعدم عرضها على البرلمان، ومعروف قانونا أن الجريمة لا يترتب عليها أى التزامات قانونية. ومن جهته شدد د. شوقى السيد، المحامى بالنقض، على عدم إمكانية لجوء الشركتين للتحكيم لأن من شروط التحكيم الدولى أن يكون المتضرر ذا مصلحة مباشرة وطرفا أصيلا فى العلاقة التعاقدية وأصابه ضرر مباشر من الإجراءات التى طرأت على العقد، ومنتميا لجنسية دولة وقعت على اتفاقية حماية الاستثمار الموقعة عليها مصر، وفى ضوء ذلك نجد أن الشركتين ليستا طرفا فى التعاقد ولم تصبهما علاقة مباشرة، وبالتالى تفقدان حق اللجوء للتحكيم الدولى. وأضاف السيد أن الإجراء المشكو منه لم يقع، ولم تجتمع الأطراف المعنية لمناقشة أسبابه ومبرراته، كما أن قانون التحكيم الدولى به العديد من الثغرات التى يمكن أن تستفيد منها مصر ويحول دون إدانتها بالإخلال بالتعاقد فى ضوء اتفاقيات حماية الاستثمار الموقعة عليها مصر، مؤكدا أن الأمر يتوقف على قوة وقدرة اللجنة القانونية التى ستتولى الدفاع عن حقوق مصر.