هو فنان لا تملك إلا الاستماع له بإنصات، مثقف، مرح، متواضع، يعرف دوره في المجتمع جيدا، لا يحب التدخل في حياته الشخصية ويعتبرها ملكه هو وأسرته وحدهم، ولكن فنه ملك للجميع، الفنان سامح الصريطي يفتح قلبه ل "بوابة الشروق"، ويتحدث عن مستقبل الفن المصري بعد الثورة ورأيه فيما يحدث بمصر الآن، وعن مشاريعه الفنية المقبلة. * كيف تري مستقبل الفن المصري بعد ثورة 25 يناير؟ - أتمني أن تواكب الحركة الفنية القادمة مشاعر المصريين التي رأيناها جميعا أثناء الثورة، مع التركيز على الشباب، لأنهم كانوا دائما يتهمون بأنهم سلبيين ولا يهتمون بغير أنفسهم وهو ما ثبت عكسه تماما، وأعتقد أن نسبة التعبير عن المجتمع في الأعمال الفنية ستزيد في الفترة القادمة ولا بد أيضا أن يتناول الفن الروح الجميلة التي تجسدت في ميدان التحرير حتى تظل هذه الصفات الإيجابية هي السائدة في المجتمع. * ما رأيك في قوائم العار التي تم إدراج أسماء بعض الفنانين بها على أنهم من أعداء الثورة؟ - لابد أن تبني تلك القوائم على نسبة أخطاء هذا الشخص، لأنه ليس من المعقول أن يتم محو تاريخ بأكمله لمجرد أن هذا الفنان كان يري أن مصلحة الوطن في الاستقرار، ولكن أنا مع محاسبة كل من أدعى على الثوار بالباطل، ووصفهم بأوصاف لا تليق وإذا كان هؤلاء الفنانين في القوائم السوداء وقوائم العار، فأين نضع من شارك بالفعل في إفساد مصر على مدار 30 عاما وأنا في المجمل ضد التصنيف وضد هذه القوائم، لأنني عانيت كثيرا في ظل حكم النظام السابق من وضعي في القائمة السوداء، ولا أرتضي لأحد أن يعيش مثل ذلك، ولأن الثورة قامت من الأساس لإلغاء التصنيف وعدم التمييز بين المصريين ولإرساء قواعد حرية الرأي والتعبير. * ما رأيك فيما يحدث الآن في مصر؟ - الثورة أسقطت النظام في زمن قياسي وأتمني أن يعاد البناء في زمن قياسي أيضا، ولا أريد أن تطول هذه المرحلة، لأن حالة الفوضي المسيطرة عليها وما يتخللها من وقفات إحتجاجية تطالب بحقوق فئوية، تتسبب بالقطع في حالة الانفلات الأمني الموجودة الآن، ولدينا الآن حكومة محترمة ومخلصة يترأسها شخص لديه شعبية كبيرة بين المصريين، إستطاعت في فترة وجيزة تحقيق إنجازات عديدة وخاصة على الصعيد العربي وعلاقة مصر بأشقائها، بالإضافة إلى القوات المسلحة التي أعطت المثل بأنها لا تحمي نظام ولكنها تحمي الشعب والوطن ولابد أن نتكاتف جميعا معهم كي نستطيع عبور هذه المرحلة الحرجة. * ما تقييمك لحملات التشكيك والتشوية المتعمد للقوات المسلحة؟ - أعتقد أن كل من لا يريد خيرا لهذا الوطن، يحاول الإساءة إلى قواتنا المسلحة، التي وقفت بجانبنا وكان لها دور كبير في إنجاح الثورة، ويكفي أنها تقوم الآن بدور مضاعف في الحفاظ على أمن الوطن الداخلي والخارجي، كما أنها حريصة ألا تتدخل بالعنف الذي تدخلت به الداخلية من قبل وحريصة أيضا أن يتم كل شئ وفقا للقانون، حيث أنها كانت قادرة على إصدار قرار بحل الحزب الوطني ولكنها تركت ذلك للقضاء وكانت هي مصدر الإطمئنان للشعب المصري بمجرد نزولها للشارع للحفاظ على الأمن وسيظل دائما الجيش والشعب يدا واحدة بالرغم من المحاولات الدنيئة لفك هذا الترابط. * مع إقتراب شهر رمضان يدخل الفنان في حالة من الضغط وخصوصا إذا كان مشارك بأكثر من عمل، كيف الحال معك؟ - حدث ذلك معي علي مدار عدة سنوات سابقة وكان يحرمني كثيرا من قضاء أجازة الصيف وإذا كان التصوير مستمرا أثناء شهر رمضان كنت لا أستطيع الإستمتاع بالشهر الكريم، من ناحية العبادة والصفاء الروحي الذي يصاحبه ولكن هذه السنة كنت متعاقدا علي أكثر من عمل وتم إلغائهم جميعا بعد الثورة ولذلك ستتاح لي الفرصة للإستمتاع برمضان هذا العام ولكنني سأكون مشاركا بعمل وحيد وهو الجزء الثالث من مسلسل "الدالي"، نظرا لأن تصويره منتهي منذ فترة ولم يتم توزيعه العام الماضي. * لماذا لا نراك كثيرا علي خشبة المسرح؟ - كان أخر وقوفي لي علي خشبة المسرح منذ حوالي 11 عام في مسرحية "ذات الهمة" وكانت المشكلة بالنسبة لي في تلك الفترة هي عدم توافر نص مناسب أعود به إلي خشبة المسرح ولو توافر النص الجيد الذي يستحق العودة به، لن أتردد لحظة واحدة. * كانت بدايتك علي مسارح الدولة كعضو في فرقة أنغام الشباب وجسدت عدد من المسرحيات الغنائية، لماذا لم تستمر في هذا الإطار؟ - عندما تخرجت من الجامعة إلتحقت بفرقة أنغام الشباب والتي كانت شعبة من شعب المسرح الغنائي وقمت بأداء عرضين غنائيين معهم "الحب بعد المداولة وشارع الصبايا"، ثم بعد ذلك تحولك للعمل في القطاع العام وقطاع الدراما ورفضت التعامل مع القطاع الخاص وذلك لإنتمائي لمسرح الدولة، وعند ظهور أي مسرحية تحتاج إلى الغناء كنت لا أتردد لحظة واحدة ومعظم المسرحيات التي شاركت بها إن لم تكن جميعها كانت مسرحيات غنائية. * لماذا لم يستمر برنامج "يوم مع بابا" الذي تربي عليه جيلا كاملا بكل القيم والمعلومات التي كان يقدمها لهم؟ - لأنه عمل شبه تطوعي وكانت ميزانيته محدوة جدا ونظرا لأنه ليس هناك أي إستفادة منه من قبل المسؤولين في ذلك الوقت وكشكل من أشكال الفساد الإعلامي، أن يتم وأد برنامج بهذه القيمة ولا أقول ذلك لأنني كنت مشاركا فيه ولكن فكرته كانت تعتمد علي زرع أفكار إيجابية في الأطفال وإعطائهم معلومات مفيدة في صورة مبسطة ولكن للأسف لم يكن ذلك هو التوجه الإعلامي السائد في تلك الفترة وقدمت منه ما يزيد عن 50 حلقة وعندما أردت تطويره، قاموا بإلغائه دون سبب محدد، ولو هناك أي جهه دعتني لتقديمه مرة أخري لن أتردد. * أي من الأدوار التي قمت بتجسيدها محببة إلي قلبك؟ - جميع الأدور التي قمت بتجسيدها محببة إلي قلبي، لأني حبي لها منبثق من حب الناس لها وأحمد الله أن معظم الأدوار التي جسدتها، أشاد بها الجميع ولكن هناك أعمالا تركت إنطباعات عميقة لدي الجمهور، من أهمها دوري في مسلسل "يتربي في عزو" مع الفنان يحيي الفخراني ولذلك أحببتها كثيرا من منطلق حب الناس لها. * ما تقييمك لمشوارك الفني حتي الآن؟ - التقييم صعب للغاية ولكن أستطيع أن أقول أنني قدمت أعمالا في حدود المتاح، بالرغم من أنني كنت أريد تقديم أكثر من ذلك، ليس رغبة في النجومية والتواجد ولكن رغبة مني في العطاء وخدمة المشاهد وأتمني أن أقدم الفترة المقبلة أكثر بكثير مما قدمت سابقا. * هل اضطررت لتقديم أعمالا غير راضٍ عنها، تحت ضغط ظروف معينة؟ - بالفعل حدث ذلك ولكنني لن أذكر إسم العمل، لأنه حقق نجاحا كبيرا والجمهور تعلق به كثيرا وحدث ذلك نتيجة ضغوط معينة ولكن بدون تنازل عن مبادئ وهناك أعمالا أخري قدمتها مع عدم إقتناعي بها ولكنها كانت تناقش موضوع محدد أحبه وأتمني تقديم أي عمل عنه مهما كان مستوي هذا العمل. * هل قمت بتجسيد دور معين وندمت بعد ذلك علي تقديمه أو تمنيت تقديم عمل معين قام به فنان آخر؟ - لم أندم علي أي دور قمت بتجسيده علي الإطلاق، وهناك أدوار أعتذرت عنها وقام زملاء أخرين بتقديمها وكنت أتمني ألا أعتذر عنها ولكن عزائي الوحيد أن هذه الأدوار كانت بمثابة نقطة إنطلاق لهم نحو النجومية ومن هذه الأعمال مسلسل "الشهد والدموع" وبالفعل قمت بتصوير المشاهد الخارجية منه ولكنه تأجل لفترة وعند استكماله كنت قد ارتبطت بأعمال أخري فقدمه بدلا مني الفنان إبراهيم يسري. * ما رأيك في مسلسلات "الست كوم"؟ - لا أتمني أن تشكل "الست كوم" ملامح الدراما المصرية، لأنني لا أريد أن تكون الدراما مثل "الوجبات السريعة" كمية كبيرة وبلا مضمون حقيقي، فلا مانع من وجود هذه النوعية من الأعمال بجانب الأعمال الدرامية الأخري ويكون التركيز الأول على الدراما وليس عليها. * ما الذي ينقص السينما المصرية، لكي تصل إلي العالمية؟ - لا ينقصها أي شئ من ناحية المقومات الأساسية للوصول لمرحلة العالمية ولكن ينقصها التسويق الجيد وفتح قنوات توزيع وأسواق جديدة وهناك الكثير من الأفلام المصرية التي كانت تنافس في مهرجانات عالمية ولكن تم إستبعادها لمشاكل تقنية متعلقة بجودة الصوت ولابد من دعم الدولة لصناعة السينما، لأن رأس المال بطبعه جبان وهناك الكثير من المواضيع التي يخشي الخوض فيها ولكن الفترة القادمة ستشهد مساحة كبيرة من الحرية بما ينعكس علي جودة الأفلام المنتجة، من ناحية المضمون.