قبل انطلاق العام الدراسي.. وزير التعليم ومحافظ أسيوط يتفقدان 9 مدارس بالمحافظة    الطرق الصوفية توضح موقفها من واقعة اتهام الشيخ التيجاني بالتحرش    عيار 21 الآن بعد ارتفاع كبير.. سعر الذهب اليوم الجمعة 20-9-2024 (تحديث جديد بالصاغة)    النقد العربي: البورصة المصرية الأكثر ارتفاعًا بين أسواق المال العربية خلال أغسطس    ماكرون يتهم إسرائيل بدفع المنطقة إلى الحرب    بقيادة بيرسي تاو.. يلا كورة يكشف قائمة الأهلي لمواجهة جورما هيا    مالك نانت ردًا على شائعات بيع النادي: لا أعرف أرنولد.. وكفاكم هراء    تراجع الحرارة وشبورة مائية.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس السبت    بفستان مكشوف.. الجمهور يعلق على أحدث ظهور ل أسماء جلال    محافظ القاهرة ووزير الثقافة يشهدان الملتقى الدولى لفنون ذوى القدرات الخاصة    ما هو حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم؟.. فيديو    ما العضو المسئول عن خروج الصفراء من الدم؟.. حسام موافي يوضح    فيفا يعلن تفاصيل كأس العالم للأندية 2024 بمشاركة الأهلى والنهائى فى قطر    صبري فواز: الرقابة تتربى داخل كل إنسان ونتماشى مع ما يناسبنا    4 أبراج أقل حظا في شهر أكتوبر.. «الفلوس هتقصر معاهم»    مسؤول أممي: 16 مليونا في سوريا بحاجة للمساعدة.. ومعاناة الأطفال تتفاقم    وزير التعليم العالي يكرم رئيس جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر    الصحية النفسية والذهنية فى خريف العمر    الجناح المصري في معرض Leisure السياحي بموسكو يحصل على جائزة «الأفضل»    إعلام فلسطيني: 13 شهيدا فى غارة إسرائيلية على منزلين برفح الفلسطينية    قصائد دينية.. احتفالات «ثقافة الأقصر» بالمولد النبوي    خالد عبد الغفار: 100 يوم صحة قدمت 80 مليون خدمة مجانية خلال 50 يوما    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    الجيزة تحتفل بعيدها القومي    على رأسهم صلاح.. أفضل 11 لاعبا للجولة الخامسة من فانتازي الدوري الإنجليزي    طرح الإعلان التشويقي لفيلم "دراكو رع" تمهيدا لعرضه تجاريا    زيدانسك تضرب موعدا مع سرامكوفا في نصف نهائي تايلاند    "اعتذار عن اجتماع وغضب هؤلاء".. القصة الكاملة لانقسام مجلس الإسماعيلي بسبب طولان    واقف قلقان.. نجل الشيخ التيجاني يساند والده أمام النيابة خلال التحقيق معه (صور)    مصر للطيران تكشف حقيقة وجود حالات اختناق بين الركاب على رحلة القاهرة - نيوجيرسي    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    جمعية الخبراء: نؤيد وزير الاستثمار في إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة    بعد الموجة الحارة.. موعد انخفاض الحرارة وتحسن الأحوال الجوية    محافظ قنا ونائبه يتابعان تنفيذ أنشطة بداية جديدة بقرية هو    وزير الأوقاف يشهد احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي.. والشريف يهديه درع النقابة    وزير الزراعة يبحث مع المديرة الإقليمية للوكالة الفرنسية للتنمية التعاون في مجال ترشيد المياه والاستثمار الزراعي    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    خلال ساعات.. قطع المياه عن مناطق بالجيزة    روسيا: تفجير أجهزة ال"بيجر" في لبنان نوع جديد من الهجمات الإرهابية    خبير يكشف تفاصيل جديدة في تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية بلبنان    "بداية".. قافلة طبية تفحص 526 مواطنًا بالمجان في الإسكندرية- صور    طريقة عمل بيتزا صحية بمكونات بسيطة واقتصادية    نشوب حريق هائل في مخزن للبلاستيك بالمنوفية    البيت الأبيض: الجهود الأمريكية مستمرة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار    بتكلفة 7.5 مليون جنيه: افتتاح 3 مساجد بناصر وسمسطا وبني سويف بعد إحلالها وتجديدها    لجنة "كوبرا" بالحكومة البريطانية تبحث تطورات الوضع فى لبنان    ضبط شخصين قاما بغسل 80 مليون جنيه من تجارتهما في النقد الاجنبى    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    سوء معاملة والدته السبب.. طالب ينهي حياته شنقًا في بولاق الدكرور    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    غرق موظف بترعة الإبراهيمية بالمنيا في ظروف غامضة    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    تراجع طفيف في أسعار الحديد اليوم الجمعة 20-9-2024 بالأسواق    معلق مباراة النصر والاتفاق في الدوري السعودي اليوم.. والقنوات الناقلة    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالرحمن الأبنودي:لسنا في حاجة إلي أدب العواجيز ليعبر عن الثورة الجامحة
نشر في القاهرة يوم 10 - 05 - 2011

يعتبر الشاعر عبد الرحمن الأبنودي من أكبر شعراء العامية ليس في مصر بحسب بل في العالم العربي أجمع. حيث لا توجد موسوعة شعر عربية إلا وتضمنت اسمه وباقة من اعماله باعتباره إحدي العلامات المصرية المميزة في العالم العربي . كما أنه أول شاعر عامية مصري يفوز بجائزة الدولة التقديرية ، حيث فاز بها عام 2001.. كما أن له العديد من المؤلفات منها كتاب "أيامي الحلوة" الذي يروي فيه العديد من القصص والذكريات التي عاصرها منذ نشأته الأولي في قرية "أبنود" في صعيد مصر ، حيث كان ميلاده عام 1938 ، كما يتطرق في حكاياته إلي رحلة انتقاله للمعيشة في مدينة "قنا" أثناء مرحلة الشباب . كما قام أيضاً بجمع "السيرة الهلالية" وهي من أشهر القصص الملاحم الشعبية المصرية التي تحتوي علي العديد من الحكم والعبر ، والتي توثق أيضاً للتغيرات السياسية والاجتماعية في تاريخ مصر ، حيث قام بجمعها من الرواة الأصليين في صعيد مصر ..فهو من أكثر الشعراء تفاعلاً وتأثراً بقضايا الوطن وأحواله السياسية والاجتماعية ، والتي كانت السبب في إبداعه العديد من القصائد كان آخرها قصيدة "الميدان" التي عبرت عن إحساس الملايين من شعب مصر الذين فضلوا البقاء في "ميدان التحرير" مضحين بحياتهم وأرواحهم من أجل نهضة الوطن وتحرره، وبمناسبة احتفالنا يوم 11 من هذا الشهر بعيد ميلاده الثالث والسبعين كان لي معه هذا اللقاء والحوار الممتع.. بداية نود أن نتعرف علي رأيك في ثورة 25 يناير التي أصبحت مثلاً يحتذي به في دول العالم.. - أنا مع الشباب الذي آمن بفكر الثورة وتبناها فكراً وسلوكاً ، فأنا وأبناء جيلي عانينا من قبل من الأنظمة الفاسدة حيث اعتقلنا واضطهدنا وحوربنا و عانينا و طوردنا من (جهاز المباحث العامة سابقا وهي مباحث أمن الدولة الحالية) . لكن ذلك لم يجعلنا نغير طريقنا أو ننحرف عنه ، و أحمد الله أنني حتي الآن أعتبر ابن وطني وأمتي ولم أغير ملامحي أو أقوالي. ولذلك حين بدأت الثورة وهو أمر كان بعيد المنال والتوقع بالنسبة لنا تفاعلت معها وكتبت قصيدتي " الميدان" والتي عبرت فيها عن الثورة وفكرها كما أن فيها قراءة لكل ما عانيناه ، وكذلك عبرت فيها عن كيفية نمو فكرة الثورة بهذه السرعة المذهلة والتي بدت لنا كألعاب الحواة أو السحر البعيد عن التصديق ؛ حيث كنا نعتقد دائما أن الثورة لا تتحقق إلا بحزب كبير تمتد جماهيريته لتشمل مساحات شاسعة جداً من الواقع يستطيع أن يحقق بها ثورته ، ولم نكن نتخيل أنه في يوم من الأيام سوف يأتي الإنترنت والكمبيوتر والفيس بوك والألعاب الحضارية البديعة لتحقق هذا النوع من التخاطب السريع والتقارب الفكري بين مختلف طبقات الشعب المختلفة ، والذي أغنانا عن فكرة "الحزب" . هل تري ضرورة لتغيير أجهزة الدولة بصورة موسعة لضمان نجاح الثورة ؟ - من المعروف أن أولي أولويات الثورة وأهدافها هو تحطيم "جهاز الدولة" واستبداله ب"جهاز جديد ثوري" ، لكن هذا لم يحدث كما نري ، وهذا هو سبب ما نعانيه الآن ، و ما يطالب به الشباب. فلو كان لدينا الرصيد الذي كانت تملكه الثورات السابقة لتمكنَّا في الحال من إحلال جميع العناصر بأخري بديلة ، ولكن هذا لم يحدث حيث أننا جنود "سرط" لا تجمعنا أطر حزبية أو لوائح أو قوانين. ومن أجل هذا استطاعت الفرق التي أسرعت بالمشاركة في الثورة قرب نهايتها أن تقوم بالقفز عليها وأن تحاول الاستقلال بنفسها ، وتحاول اختطاف الثورة من صناعها . وأظن أن الشباب العظيم الذي قام بالثورة اكتشف الآن أن ثورته أسمي بكثير من "الانحطاط" الذي كان يسود سياسة البلاد ، فهؤلاء الثوار زهور بريئة نشأت بمعزل عن الأحوال السياسية الماضية ، ويظل من العجيب أنها في فترة قصيرة جدا اكتشفت ألاعيب الساسة والفرق التي قفزت علي ثورتها، وهذا ما أعطاها نوعاً من القوة والحصانة وجعلها تكبر في شهرين عمراً يعادل ما عاشته من قبل . ما رؤيتك لما يحدث الآن من ثورات مضادة ؟ - بالطبع كلنا نري ما يحدث من حولنا من تفرق وظهور للعناكب المختبئة والوحوش التي كشرت عن أنيابها وهم ما نسميهم بفلول النظام السابق ، وهم طبقة منظمة تجمعها المصالح وتسعي بكل الجهد لاسترداد مجدها مستعينة بفلول "أمن الدولة" و المستفيدين من الأوضاع السابقة ، وهم علي استعداد تام بأن يحرقوا ويقتلوا ويفعلوا ما لا يتخيله أحد ، وذلك بسبب البطء في اتخاذ القرارات ، والذي أعطي إحساساً بالقلق . لكني أري أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة معذور وعلينا أن ننتظر ونمنحه الفرصة ، وذلك حيث إنه يدرس كل ردة فعل قبل أن يقوم بها ، ومن الصحيح أن تأخره في تقديم رءوس الفساد للمحاكمة قد مكنهم من توفيق أوضاعهم القانونية، مما أثار البعض وأشعرهم أنهم يقدمون للفاسدين فرصة للإفلات ، وذلك ما جعل مظاهرات الجمعة المتوالية تسعي وتحفز المجلس العسكري علي سرعة اتخاذ القرارات . هل أنت راض عن تشكيل اللجنة التي قامت بتعديل الدستور ؟ - لا شك أننا جميعاً متضررون فلم تكن اللجنة عادلة بقدر يرضي الجميع ، حيث إن رءوسها الكبري لم تكن تمثل طبقات المجتمع المختلفة ، فكنا نتمني أن ينضم إليهم أعضاء ليبراليون وشيوعيون وناصريون ورموز عامة في المجتمع ولكن هذا لم يحدث ، مما أضعف موقف هذه اللجنة . وهذا ما تناقض مع الأهداف الرئيسية للثورة والتي طالبت بمشاركة جميع الفئات . ما تفسيرك لحالة الاحتقان التي تسود البلاد حالياً؟ - أري أن الاحتقان الموجود الآن في العديد من الأماكن والاحتجاجات المتكررة يكمن مرجعها الأساسي إلي بقاء رموز الفساد علي رأس السلطة، وعلي رأسهم ومسئولي المحليات ، الذين ما زالوا يمارسون كل " أفعالهم القديمة" . علي الرغم من ذلك نري أن هناك جماهير أخري تطالب بإبقاء بعض القيادات الناجحة مثل مدير أمن قنا ، ومدير أمن الأقصر وغيرهما، وهذا يعني أن الشعب قادر علي التفريق بين ما هو جيد وشريف ، ومن هو سيئ ورديء، لكن من الواضح أن التخلص من ثوب الأفعي القديم يتم بتباطؤ. فعلي الرغم من تقديم جميع هذه الرموز للمحاكمة إلا أنهم يحاكمون فقط بتهم "مالية" ، ولكن تظل التهمة الأكبر والأقوي هي "إفساد الحياة السياسية في مصر " علي مدي 30 عاما وفرض السطوة ، والتزوير في تشكيل المجالس التشريعية ومجالس المحليات. ما تقييمك للأداء الإعلامي للتليفزيون المصري أثناء الثورة ؟ هذا سؤال لا يحتاج إلي إجابة حيث إن الإجابة واضحة ويملكها الناس جميعاً الذين اكتشفوا الآلاعيب البهلوانية التي قدمها التليفزيون المصري الذي قدم صورة تخالف الصورة الحقيقية تماماً ، والتي تمت بفعل "أنس الفقي" وزير الإعلام الأسبق. مما لا شك فيه أن وجود القيادات مثل "أنس الفقي" في السجن حالياً أصبح مصدراً للراحة بصورة كبيرة ، وذلك لما سببه حينما كان علي رأس منظومة الإعلام من إهانة للإعلام المصري والعاملين به بسبب هذه الضلالات التي كان يصر بل ويجبر العامين في التليفزيون علي تقديمها مما ترتب عليه من إثارة الذعر والبلبلة والتشكيك في نقاء للثورة المصرية، ولا يزال الإعلاميون الشباب حتي الآن في اعتصامهم واحتقانهم داخل التليفزيون مطالبين بتطهير الجهاز الإعلامي وتغيير الرءوس الباقية من الفساد ، والتي لم يتم تغييرها بل تم تصعيدهم للعمل كمستشارين للتليفزيون المصري. كما كانت هناك سياسات داخل قطاع الإعلام تتمثل في القمع والاضطهاد والظلم والتهميش لكل من له رأي مخالف ، وهذا ما تعرضت له زوجتي الإعلامية " نهال كمال" رئيس التليفزيون حالياً ، والتي سبق أن اضطهدت وهمشت بسبب أرائها الصريحة التي ترفض الانسياق وراء الفساد فتم استبعادها ومن مثلها للتعتيم علي جذور الفساد المالي والإداري وهو ما تم كشفه ويحاكمون من أجله الآن. ما رأيك في ترشيح المرأة لمنصب رئيس الجمهورية ؟ - أنا من أشد المؤمنين بقدرات المرأة المصرية ، والمرأة بصفة عامة، وذلك لدورها المهم والأساسي في الحياة وخاصة في بلادنا، فالأم المصرية هي السبب الرئيسي في الحفاظ علي كيان الانسان المصري داخل الأسرة - فنحن جميعاً أبناء أمهاتنا - فأنا شخصياً ضد اعتقاد العرب والمصريين في الصعيد بأننا أبناء آبائنا ، ولكن في الواقع أننا بالفعل أبناء أمهاتنا وهذا ما نفتخر به ونؤكده ، فنحن لا نري آباءنا إلا لبعض الوقت بينما يظل الدور الأساسي في التربية والتوجيه هو دور الأم، فهن الأساس في الحضارة والتقدم والرقي . فأنا والدي وكذلك شقيقي الأكبر كانا شاعرين كبيرين للفصحي ، ولكني اخترت أن أكون شاعراً للعامية محتذياً حذو أمي "الأمية" التي لا تعرف القراءة والكتابة بل كانت تمنحنا الحكم من خلال الأغنيات الشعبية ذات اللغة البسيطة التلقائية التي لا يوجد لها نظير في الكتب أو المعاجم . وهذا ما هو معروف للجميع أنني أحذو حذو أمي وهي من قامت بتلقيني الكلمات والمعاني التي أتغني بها . فأنا مع كل امرأة ترشح نفسها في كل مجال أو عمل قيادي . هل من الممكن أن تنتخب امرأة كرئيس للجمهورية؟ - سأنتخب العنصر الجيد الذي يعرض برنامجاً جيداً أري أنه يصلح لقيادة هذه الأمة بغض النظر عن كون هذا العنصر رجلاً أو امرأة. ما رأيك في القرار الذي أصدره "د. عصام شرف" بشأن دعوة الشباب لمتابعة جلسات واجتماعات مجلس الوزراء والاستماع إلي اقتراحاتهم ؟ - أري أن ذلك أفضل لأنني انتقدت كثيراً ما كان يطلق عليه "مجلس الحوار الوطني" . وأري أن قضية الترشيح لرئاسة الجمهورية تتم باستخفاف شديد ، وأخشي أن تتم الاستهانة بهذه الانتخابات وأن تتحول إلي - مسخرة - فمجرد التفكير في الترشيح بهذا الكم لهذا المنصب العظيم يكون معناه أحد أمرين : الأول أن بعض الأشخاص يرغبون في الترشح للمنصب من أجل الحصول علي الأموال مثلما حصل عليها غيرهم من قبل . أما البعض الآخر فهم لا يقدرون القيمة الحقيقية لمصر ومدي المسئولية المقدمين عليها . كما ان هناك عناصر تعد امتداداً حقيقياً للرئيس السابق "حسني مبارك" وبالتالي يعد ترشيح هؤلاء الأشخاص لأنفسهم يجعلني أتخيل أننا سنعيد هذه التجربة المريرة مرة أخري . كما أن بعض الأشخاص المرشحين يعتقدون أن الأشخاص المحيطين بهم بصورة مباشرة والذين لا يتعدي عددهم الخمسمائة شخص سيكفلون لهم النجاح في الانتخابات الرئاسية متناسين أن تعدادنا وصل إلي 86 مليون نسمة . كما أن هناك ثمة مناطق مجهولة لا يرتادها أحد في الصعيد وفي القري النائية وفي الصحراء والبادية مما يؤكد استخفاف هؤلاء المرشحين بهذا الكم من البشر المهمش ، وأنه لا يضعهم ضمن أولوياته في المرحلة المقبلة مما يعني استمرار الوضع السابق . هل تخشي علي مصر من التخبط السياسي في المرحلة المقبلة ؟ - إن هذا شأنه شأن الثورات جميعاً وأن كل ما يتم الآن من أمور البلطجة وخلافه يسيطر عليها ويقودها الكبار ، وسوف نتحصل شيئاً فشيئاً علي النتائج الحقيقية للثورة ونسير بها للأمام إن شاء الله . ولا شك أننا من الممكن أن نعاني أزمة اقتصادية في المرحلة المقبلة إلي جانب القلاقل التي يثيرها البعض بمطالبهم للمكاسب السريعة والحلول الفورية، وأنا أفضل أن يستمروا في العمل في مصانعهم وغيرها من الأماكن حيث أن الحكومة الحالية تعمل بجد واجتهاد من أجل الوصول إلي نتائج قد تبدو بطيئة للبعض ولكنها حقيقية بالفعل هل كنت تتوقع أن في مصر هذا الكم من الفاسدين ؟ - كنا نعلم أن هناك فساداً ولكن الحقيقة أن ما رأيناه يفوق كل فساد مر علينا في تاريخ الدول المختلفة ، وكأننا لسنا في مصر . هل تشعر أن هذا الكم من الفساد أشعرنا بالغربة عن أنفسنا ؟ - لم نكن مخدوعين وكنا نعلم أن أي مستثمر يريد إنشاء مشاريع في مصر كان حتمياً أن يمر علي بعض الأشخاص الفاسدين وهذا هو السبب الرئيسي في هروب المستثمرين من مصر وسطوة بعض رجال الأعمال علي أراضي الدولة المخصصة للمشاريع الاستثمارية ، فالحكم في المرحلة الماضية كان يغلب عليه أسلوب العصابات. ما رأيك في الاقتراح المقدم من بعض المثقفين بإلغاء كل من وزارة الثقافة ووزارة الإعلام ؟ - أنا مع فكرة "وجود وزير" ، وذلك في حالة وجود وزراء مثقفين وعاشقين لمصر وأمناء علي الثقافة والإعلام ، فأنا أفضل استمرار الوزارة ، حيث إنني لا أفضل أن تتبع وزارة الثقافة للمجلس الأعلي للثقافة ، وبالمثل وزارة الإعلام حيث إنني لا أرحب بالحكم الجماعي لما يشوبه من الكثير من الخلافات التي تؤدي في النهاية
إلي تخبط الآراء ومن ثم السياسات، فلكل إنسان فكر مختلف سينعكس بالقطع علي الجميع. هل تري أن الحركة الفنية التشكيلية والحركة الأدبية والثقافية بصورة عامة التي واكبت الثورة قد عبرت عنها كما يجب ؟ - إن شباب الثورة لم يكن في حاجة لنا ، لقد أبدعوا لوحات وأعمالاً فنية وأشعاراً وأغنيات رائعة ومسرحيات بديعة . كما قاموا بتصوير أغنياتهم بأنفسهم وبتلقائية وإتقان شديد بعيداً عن الاحتراف ، وأعتقد أننا لسنا في حاجة إلي أدب - العواجيز- لكي يعبر عن هذه الثورة الشابة الجامحة ، حتي ولو كانت إبداعات هؤلاء الشباب وتجاربهم ما زالت بسيطة وفي أول الطريق إلا أنها تحسب لهؤلاء الشباب وتضاف لانجازاتهم . ما تفسيرك لظهور الشباب علي قمة الحركة الفنية والثقافية الحالية وغياب الرواد عنها وذلك منذ اندلاع الثورة وبعدها ؟ من الطبيعي جداً أنه في كل المناسبات القومية المهمة والمؤثرة في حياة الأمة وبالأحري في الثورة أن يخرج جيل من المبدعين في كل المجالات وأن علي أهل الخبرة والكتاب القدامي أن يمارسون أداءهم الحضاري المفيد والمضر في نفس الوقت وهو التأمل وتحاشي المباشرة لأنهم يقبضون علي أساسيات الفن بعد أن نضجوا وصاروا يحسون بأن كل شيء يكتبونه محسوب عليهم ليس في مواقفهم السياسية فقط ولكن إبداعياً وفنياً أيضاً، لذلك يستمتعون إلي حد ما بموقف المتفرج . أما الشباب والمبدعون الجدد فلا سواتر ولا حواجز تقف أمام إحساسهم بالثورة خاصة أنهم يمارسونها بالفعل . و بالتالي فنحن نري في مجال الشعر مثلاً وهو الفن الأكثر استجابة في مثل هذه الظروف حيث إنه يسبق الرواية والقصة والمسرح ..الخ، من أشكال الفنون الأخري و أنواعها. نجد أن سيلاً من الأشعار والأغنيات قد عبقت سماء الميدان ، وهكذا وجدنا عشرات الشعراء ، ودائما لاحظت أنا أنه في مثل الثورات والمناسبات العظيمة تخرج كوكبة من الشعراء ولكن وبعد قليل وبعد أن تنتهي الهوجة والاحتفال نجد أنه لم يتبق في النهاية سوي شاعر أو اثنين أنضجتهما التجربة وقبضا علي مقاليد الفن وفقاً للمصطلح السياسي. لذا فأنا أستمتع الآن بمشاهدة تلك الأعمال الفنية الحرة الطليقة لفنانين سيمثلون جيلاً جديداً من رواد المستقبل ، كما أستمتع بسماع مثل هذه القصائد الجديدة وكذلك القصائد التي أقرأها في الصحف لشعراء لم أسمع بهم من قبل ، وأري أنهم متلامسون مع لهيب الثورة ، ولا يفكرون بعقول باردة ، وإنما يعبرون بمشاعر متقدة ، وليس تعاطفاً مع الثورة ، ولكن بحس أنهم أصحاب التجربة . فنحن الآن نستمتع بكثير من الأغنيات الثورية ، والتي قد يكون بعضها بالغ السذاجة ، ولكن الكثير منها اقترب من لهيب وجوهر الثورة ، ولكن يجب في جميع الحالات أن نتعاطف مع هذه الابداعات ونشجعها ، وأن ننتظر الثمر الغالي الذي دائماً ما يأتي بعد أن تساقط الثمرات الصغيرة الناضجة ، لأنه بالقطع ستبقي علي الشجرة بعض الثمرات الناضجة والأكثر حلاوة . وأنا فخور بأنني ألهمت بقصيدة الميدان التي يطلقون عليها "منيفستو الثورة" .لأنها كتبت في وقت مبكر جداً من عمر الثورة قبل أن يتنحي الرئيس ، وقبل أن يقبض علي الفاسدين ، وعشية "موقعة الجمل " . كما أنني فوجئت بفرقة "وسط البلد" تتغني بها في الميدان وفي الاحتفالات الخاصة بالثورة ، كما قام البعض بوضعها علي الفيس بوك علي خلفية موسيقية لإحدي مؤلفات الفنان القدير راجح داود . كما قام بعض الفنانين التشكيليين الشباب باستلهامها وتشكيلها في أعمالهم الفنية بصورة ابداعية لم أكن أتخيلها من قبل . ما رأيك في اتحاد الكتاب ، وما رؤيتك المستقبلية له في المرحلة القادمة ؟ - أنا تركت اتحاد الكتاب ورحلت عنه بتقديم استقالتي منه منذ ثلاث سنوات ، وبالتالي انقطعت متابعتي له لأنني لا أعتقد أنه يعبر تعبيراً حقيقياً عن الكتاب. وقد كان انضمامي له في عصر الدكتور سعد الدين وهبة ، وحين رحل عن الاتحاد رحلت أنا أيضاً . حيث إنني لم اقبل أن أتحمل أخطاء اتحاد الكتاب وأعضائه وسلوكياته . هل تري أنه من الممكن أن تنضج الأعمال الفنية والأدبية التي واكبت ثورة 2011 و تنتج أدباً وفناً وفكراً يرقي إلي مستوي الأعمال الفكرية التي واكبت ثورة 1919 و ما صاحبها من تغييرات جذرية في الحركة الفنية وظهور الاتجاه القومي بها ؟ - بالقطع نعم ، فأنا أعتقد أن الثورة حالة صادقة جداً ، فقد ظهرت بعض الكتابات التي تبشر بظهور أدب جديد مستمد من واقع الثورة ، كما ظهرت العديد من الأعمال الفنية والصور الفوتوغرافية والأفلام التسجيلية والوثائقية المتميزة والتي تبشر بوجود مواهب ستكون عملاقة في المرحلة القادمة ، وأنا أعتقد أنه يجب علينا أن ننتظر خيراً كثيراً منه إن شاء الله . وكذلك أن هذه الثورة تعبر عنا نحن كجيل الرواد تعبيراً صادقاً ، فنحن الذين حاولنا الانتماء إليها . فعلي الرغم من أنني تعوقني الأحوال الصحية عن المشاركة ، وعلي الرغم من ذلك فقد استحضرت الميدان إلي منزلي ، ولا شك أن مبدأ الحرية في حد ذاته يعد مصدراً لا نهائياً للإبداع ، فمجرد فكرة أن الانسان أصبح حراً سيعطينا فكراً لأدب جديد بلا شك . وإذا لم يفعل ذلك فلابد من معالجة ذلك الانفصال الذي قد يحدث بين الحماسة القديمة وبين الحماسة الجديدة . هل تري أن الحكم بالحبس علي الرئيس السابق وأعضاء حكومته قد يؤثر علي الحركة الفنية في المرحة المقبلة؟ - لا شك ان إزاحة رءوس الفساد عن السلطة وخضوعهم للمحاكمة قد منح المفكرين والشعراء مساحة أكثر للإلهام كما منحهم رحابة في التعبير عن فكرهم وآرائهم بصورة إبداعية تتناسب مع الحدث . وقد بدأت بوادر هذه الحرية في الظهور بالفعل من خلال الأشعار والأغنيات والمعارض الفنية التي بدأت تعرض ما لم يسمح بعرضه لسنوات طويلة جداً . وفي نهاية اللقاء مع المفكر والشاعر الكبير "عبد الرحمن الأبنودي" اكتشفت أن الابداع الفني هو كل لا يتجزأ عن المعايشة الحقيقية للواقع بكل آماله وآلامه وطموحاته أيضاً ، وتمنيت أن يجمعني به العديد والعديد من اللقاءات الأخري .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.