«لو سمحت، حضرتك عضو نقابة؟». الثانية عشرة ظهرا، وإيمان عوف واقفة على مدخل نقابة الصحفيين فى شارع عبدالخالق ثروت، تستقبل كل داخل بالسؤال نفسه. «طيب ممكن توقع لنا هنا؟»، تكمل إيمان إذا جاءت إجابة الداخل بالإيجاب، وتمد يدها بورقة تحمل إعلان الموقعين «أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين تضامننا الكامل مع حق الزملاء فى صحيفة المال فى الانضمام لعضوية النقابة، ونؤيد مطالبهم ضد ما تعتبره تعسف لجنة القيد ومجلس النقابة». «المال» جريدة يومية اقتصادية صدرت أسبوعية فى مارس 2003، ثم تحولت إلى الإصدار اليومى فى يناير 2008. يضم طاقم تحرير المال نحو مائة صحفى، وإيمان واحدة من 41 منهم أعلنوا اعتصاما مفتوحا داخل نقابة الصحفيين، لإدراج أسمائهم فى عضوية النقابة: «إحنا كملنا كل الأوراق، ومافيش حاجة تمنعنا من دخول النقابة، غير بس شوية إجراءات روتينية بيروقراطية كنا فاكرين إننا تخلصنا منها بعد الثورة»، تقول إيمان. النقابة، بحسب قانونها، تشترط فى المتقدم إليها أن يكون صحفيا مصريا غير مالك لصحيفة أو وكالة أنباء تعمل فى مصر أو شريكا فى ملكيتها أو مساهما فى رأسمالها، وأن يكون حسن السمعة لم يسبق الحكم عليه فى قضية مخلة بالشرف أو الأمانة، وأن يكون حاصلا على مؤهل دراسى عال. وتضيف النقابة شروطا «غير قانونية»، حسب وصف مدير تحرير المال، رمضان متولى، كأن تكون الصحيفة حاصلة على ترخيص من المجلس الأعلى للصحافة، وأن يحصل المتقدم على خطاب تزكية من مالك الصحيفة ورئيس تحريرها: «هى كده تحولت من نقابة للصحفيين بحق وحقيق، لنقابة لرؤساء التحرير وملاك الصحف». أضربت إيمان، واثنان من زملائها، عن الطعام قبل أربعة أيام، وفى اليوم التالى انضم إليهم اثنان من المعتصمين، ثم اتسع الإضراب ليشمل ثلاثة آخرين. تجرى إيمان نحو زميلتها فيولا فهمى، التى سقطت إعياء ونقلت للمستشفى، ثم عادت منه لتكمل الإضراب والاعتصام: «طب بلاش يا فيولا، إنتى تعبانة»، تقترح إيمان على زميلتها الاكتفاء بالاعتصام دون إضراب عن الطعام، لكن فيولا ترفض. الساعة الثانية ظهرا. المعتصمون جميعا فى وقفة احتجاجية على سلالم النقابة، يرددون هتافات منددة بموقف النقابة منهم. «معتصمين والحق معانا، ضد نقابة مش عايزانا»، و«على وعلى الصوت، مطالبنا مش هتموت»، و«يا حرية فينك فينك، لجنة القيد بينا وبينك». الثانية صباحا، المعتصمون فى حالة قلق، فقد سقط زميلهم على راشد إعياء، والإسعاف تأخرت، يشترك ثلاثة منهم فى حمله إلى مستشفى المنيرة: «اطمنوا، هو كويس، بس جسمه محتاج نشويات كتير». يعود «الماليون» بزميلهم إلى مقر الاعتصام، وإذ تخف الحركة فى مبنى النقابة، يتهيأون لاستراحة محارب، يعرفون أنها لن تدوم لأكثر من ساعات، فصباحا، تبدأ جولة جديدة من «المناهدة مع لجنة قيد مش معترفة بمطالبنا، ربنا يهديهم ويستجيبوا».