بالنسبة للفلسطينيين فإن أهمية قرار مصر بفتح حدودها مع قطاع غزة واضحة تماما، أما بالنسبة لإسرائيل فالأمر أكثر غموضا. فللمرة الأولى في أربع سنوات، يشعر سكان غزة، الذين كانوا يصفون القطاع بأنه أكبر سجن مفتوح في العالم، بأن لديهم متنفس من الحرية. باب مفتوح لأكثر من 1.6 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع خانق يبلغ طوله أكثر من 40 كم بقليل وعرضه نحو 9 كيلومترات. فتحت مصر معبر رفح قبل ذلك ، لكن أمام الطلاب والمرضى فقط، وآخرين من خلال تصاريح خاصة. وبالنسبة للسلطات المصرية فإنه منذ مطلع الأسبوع الجاري ، يمكن لأي شخص العبور بحرية، عدا الرجال ما بين 18 عاما و40 عاما (وهو قطاع كبير من المجتمع الشاب في غزة) يتعين عليهم الحصول على تأشيرات دخول مسبقة. ووصف مسئولون إسرائيليون التطور بأنه "مقلق للغاية" وأعربوا عن قلقهم من أن مسلحين وربما الذخيرة يمكن أن تدخل غزة بحرية دون أي رقابة أجنبية. ومع هذا، يبدو أن المسئولين الإسرائيليين واثقون أن القرار لا يعني أنه صفعة أمنية لإسرائيل. وبأي حال فإن الأسلحة وحتى الأشخاص يتم تهريبهم إلى القطاع من خلال شبكة الأنفاق المحفورة تحت الحدود بين مصر وغزة. وقال المسئولون الإسرائيليون، الذين طلبوا عدم ذكر اسمهم ، إن الأسوأ هو الأهمية السياسية. وصورت وسائل الإعلام العربية الاجراء المصري بأنه إهانة لإسرائيل، ونصر لعدوها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تتولى مقاليد السلطة في القطاع. ولم تتجاهل مصر إسرائيل وحسب ، لكن القرار يمنح "الشرعية" لحماس ويعزز الحركة الإسلامية ويسهل قدرتها على حكم غزة، وفقا لما ذكره مسئول إسرائيلي بارز في الحكومة الإسرائيلية. وتنظر إسرائيل إلى حماس على أنها تهديد لأنها ترفض الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود وأطلقت صواريخ وقذائف هاون من غزة بالإضافة إلى عشرات من التفجيرات الانتحارية، حتى عام 2004، في المدن الإسرائيلية. وقال إيال زيسر، الأستاذ في تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب، إن فتح المعبر ينهي حصار دام 4 أعوام فرضته مصر في ظل حكم الرئيس السابق حسني مبارك على حماس، بعد سيطرتها منفردة على غزة في عام 2007. وأضاف المدير السابق لمركز (موشيه ديان للدراسات الشرق أوسطية والأفريقية) إن فتح المعبر "ينذر بنهاية تحالف غير معلن بين القاهرة وتل ابيب"، حسب قوله. وكتب في صحيفة "إسرائيل حايوم" اليومية قائلا إن هذا التحالف كان يستند على اعتراف مشترك أن حماس تشكل تهديدا مشتركا للاثنين. لكن صحيفة "يديعوت احرونوت"، أكثر الصحف اليومية مبيعا في إسرائيل، ذكرت اليوم الأحد أنه على الرغم من أن إسرائيل لن تقول ذلك علانية، إلا أن هناك "شعور بالراحة" يمكن الشعور به بصورة فعلية خلال الاجتماع التشاوري الذي عقد في مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب. وقال بعض المراقبين إن إسرائيل ستحاول الآن أن تنفض يديها من الوضع المثير للجدل في غزة، وتقول إن مصر، وليست إسرائيل، هي المسئولة عن سكان القطاع. كما أن المنتقدين، وفقا لما يقوله مراقبون، لن يمكنهم القول إن غزة محاصرة - وذلك دون أن تضطر إسرائيل إلى التنازل. ويقولون إن القرار المصري أحادي الجانب يمكن أن يؤثر بالسلب على الأسطول المقبل المؤيد للفلسطينيين، والمقرر أن يبحر إلى غزة في يونيو المقبل. وقال أليكس فيشمان، كاتب بصحيفة "يديعوت" إن فتح المعبر بين مصر وغزة يمثل "إنجازا دبلوماسيا ونفسيا وسياسيا لحماس على المدى القصير". وأضاف: "كما أنه مؤشر سيء للغاية فيما يتعلق بالعلاقات الإسرائيلية المصرية"، مردفا أن مصر لن تتردد في "الانتهاك الفج" للاتفاقات الأمنية مع إسرائيل. لكن استدرك قائلا إنه "على المدى الطويل، ستكون كل الفوائد لنا".