مفهوم الوطنية الصادقة ندوة بمسجد بكفر شكر احتفالا بذكرى 30 يونيو    أستاذ علاقات دولية: ثورة 30 يونيو أجهضت مخططات الإخوان لتقسيم مصر    مدبولى: الحكومة ملتزمة بالاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تتبناها ودعم القطاع الخاص وتشجيع جذب المزيد من الاستثمارات    ثورة 30 يونيو .. إضافة أبناء الأسر الأولى بالرعاية على بطاقات التموين    بداية من اليوم.. عودة خطة تخفيف أحمال الكهرباء ساعتين يوميًا    37877 شهيدًا حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة    وائل الدحدوح ل "الصحفيين العرب" : نتوقع منكم الكثير والمزيد من الدعم والضغط من أجل وقف الاعتداءات    الليلة| يورو 2024.. جورجيا يصطدم بقوة إسبانيا    فتح طريق جمصة بالدقهلية بعد انقلاب سيارة محملة بمحصول البطيخ.. صور    ارتفاع الأمواج بالإسكندرية وتحذيرات من خطورة بعض الشواطئ (صور)    ضبط هيروين وحشيش بقيمة 1.5 مليون جنيه خلال حملات أمنية مكبرة    شاهد.. أحدث ظهور لنجوى كرم وزوجها عمر الدهماني    الإصلاح والنهضة: الشعب المصرى نجح فى إسقاط قوى الشر من خلال ثورة 30 يونيو    الحوار الوطنى يهنئ الشعب المصرى بذكرى ثورة 30 يونيو    بعد رحيله عن الزمالك.. ياسر حمد يكشف علاقته بنجوم القطبين    ماذا قدّم ياسر حمد قبل رحيله عن الزمالك؟    عصام عبد الفتاح: كلاتنبرج تلاعب بالخطوط لتغيير قرار في مباراة سابقة ل الأهلي    "الخطيب سيحضره عبر زووم".. مصراوي يوضح جدول أعمال اجتماع كولر مع لجنة التخطيط بالأهلي    خبر في الجول - اتحاد الكرة يدرس استدعاء الشناوي وزيزو لأولمبياد باريس    أكثر من 15 سيارة جديدة تدخل السوق المصري لأول مرة في 2024    الإحصاء: 241.5 مليار دولار تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال 10 سنوات    وزيرة التعاون: البنك الدولي يطلق منصته الموحدة للضمانات مطلع يوليو المقبل لتبسيط الإجراءات    الرابط الرسمي ل نتائج الصف التاسع 2024 سوريا عبر موقع وزارة التربية السورية moed.gov.sy    السيطرة على حريق شقة سكنية ببولاق الدكرور    السيسي في ذكرى 30 يونيو: قضينا على الإرهاب وبنينا أساسا تنمويا    السيدة انتصار السيسي: أدعو المصريين إلى استلهام روح 30 يونيو لمواجهة التحديات    السلطات الصحية الإسرائيلية تعلن إصابة 5 جنود بجروح خطيرة جراء الاشتباكات فى غزة    بمشاركة 289 عملا.. اختتام الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتليفزيون بتونس    هل الصلاة في المساجد التي بها أضرحة حلال أو حرام؟..الإفتاء توضح    تعرف على دعاء النبى فى الهم والكرب    عبدالغفار يبحث مع «الصحة العالمية» إجراءات حصول مصر على الإشهاد الدولي بالخلو من مرض الملاريا    مجلس جامعة القاهرة يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بثورة 30 يونيو    خلاصة مادة اللغة الإنجليزية لطلاب الثانوية العامة فى 40 سؤالا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 30-6-2024    أبو الغيط يكشف صفحات مخفية في حياة الرئيس الراحل مبارك وتوريث الحكم وانقلاب واشنطن عليه    الرئيس السيسي: الضمير الإنساني غاب عن الحرب الإسرائيلية الغاشمة في غزة    أسعار الخضراوات اليوم 30 يونيو في سوق العبور    مصدر حكومي يعلن تفاصيل التعديل الوزاري وحركة المحافظين وموعد حلف اليمين    مفيدة فوزي تحتفل بعقد قران ابنتها بوصلة رقص داخل مسجد وتثير الجدل    أمين سر "دفاع النواب": ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من الفوضى وأسست لبناء الجمهورية الجديدة    ملخص وأهداف مباراة الأرجنتين ضد بيرو 2-0 فى كوبا أمريكا    هيئة بريطانية تتلقى بلاغاً عن حادث قرب ميناء المخا اليمنى    ثورة 30 يونيو|النقيب محمد الحبشي.. نال الشهادة قبل ولادة ابنه الوحيد بشهر    ميتا تبدأ اختبار برامج المحادثة الآلية التي يطورها المستخدمون عبر استديو ميتا أيه آي على إنستجرام    «الرعاية الصحية» تعرض إنجازات «التأمين الطبي الشامل»: علاج 44 مليون مواطن    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 30 يونيو    عاجل.. حدث ليلا.. فيروس قاتل في إسرائيل ووفاة والدة ملك المغرب وانتخابات فرنسا    هشام يكن: الزمالك أخطأ لخوضه مباراة سيراميكا كليوباترا    رهينة إسرائيلية مطلق سراحها: هل يمكننا أن نتعلم الحب وليس الكره    نجوم العالم العربي يطلوّن في البرنامج الجديد «بيت السعد»    قصف مدفعي للاحتلال على مناطق جنوبي رفح الفلسطينية    شاهد محمد أبو تريكة يصنع الحدث في مواقع التواصل بعد احداث مباراة المانيا والدنمارك ... خالد منتصر يسخر من تصريحات محمد أبو تريكة    هل يجوز التهنئة برأس السنة الهجرية.. الإفتاء توضح    حظك اليوم برج القوس الأحد 30-6-2024 مهنيا وعاطفيا    ما هي أول صلاة صلاها الرسول؟.. الظهر أم العصر    الإجازات تلاحق الموظفين.. 10 أيام عطلة رسمية في شهر يوليو بعد ثورة 30 يونيو (تفاصيل)    5 علامات تدل على خلل الهرمونات بعد الحمل.. لاتتجاهليهم    «الزنداني»: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر هدفها كسب تأييد شعبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوباما على المحك
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 05 - 2009

ركزت الحملة الإسرائيلية التى مهدت للقاء نتنياهو مع الرئيس الأمريكى أوباما على أن إسرائيل مهددة لا بأمنها فحسب بل بوجودها. بمعنى أن الرئيس الأمريكى الملتزم بأمن إسرائيل عليه أن يترك لها استعمال ما ترتأيه من وسائل لهذه الغاية. كانت هذه المطالبة فى السابق تطرح بشكل ملتبس لكن فى عهد حكومة نتنياهو ليبرمان أصبحت المعادلة بين أمن إسرائيل والخطر الوجودى واضحة وبمنتهى الصراحة، ولإثبات أن أى وجه من أوجه التهديد لإسرائيل هو بمثابة تهديد لوجودها ولشعبها. هذا ما يفسر إلحاح نتنياهو بضرورة تسريع المجابهة مع إيران قبيل تمكنها من إنتاج قنبلة ذرية.
الرئيس أوباما الذى اعتمد سياسة الحوار واستنفاذه قبيل اللجوء إلى المحاربة مع من يعتبروا خصوما للولايات المتحدة، لم يتجاوب مع رئيس حكومة إسرائيل لتحويل الخصومة القائمة كما التوتر إلى عداوة، بحيث يتم وقف الحوار والاقتراب من المجابهة التى تعمل إسرائيل على حصولها. إلا أن الرئيس أوباما أجاب أن الحوار هو الخيار الأول، وستعمل الإدارة الأمريكية على تكثيفه. علما بأن هذه الاستراتيجية لن تستمر إذا لم تؤول إلى نتائج متوخاة لغاية آخر عام 2009. وحتى إذا ما نجح الحوار ولم يؤد إلى نتائج متوخاة فهذا قد يؤدى إلى فرض مزيد من العقوبات الصارمة وموجبا أن الخصومة قد تتعزز لكن لا يعنى أن تتحول إلى عداوة كما تتمنى إسرائيل.
كما أضاف الرئيس أوباما فى لقائه مع نتنياهو أن حل الدولتين إسرائيل وفلسطين هو المدخل المنطقى والمعقول لتنفيس الاحتقان فى المنطقة، مما يسهم فى استقرار المنطقة. وبرغم لجوء نتنياهو إلى ادعاء أنه مكلف لنقل مخاوف وقلق أنظمة عربية «معتدلة» فإن هذه المحاولة المتميزة بصفاتها هى مجرد اجترار لتحريض الأنظار عن عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطينى ومن الالتزام العربى بأولوية ومركزية القضية الفلسطينية. لذا من المطلوب وبإلحاح أن يكف بعض المسئولين العرب عن إبلاغ الإدارة السابقة والحالية «مخاوفهم» من الخطر الإيرانى، لأنه بوعى أو دون وعى، يجعل التوجس منه أولوية بدلا من التهديد بالعدوان الدائم لإسرائيل على حقوق الشعب الفلسطينى والعرب عامة، وبالتالى تهميش وحدة الموقف العربى بما يفقد قرارات القمة بهذا الصدد أهميتها ويجعلها غير قابلة للتصديق. كما أن الرضوخ لصيغة «عرب الاعتدال وعرب التطرف» ثم التصرف بموجب صحتهما من شأنه أن يعمق الشرخ فى الجسم القومى العربى، بما يلغى أى فاعلية وبالتالى أى احترام «للاعتدال» أو «التطرف» كون هيبة العرب تكمن فى وحدتهم أو على الأقل فى صدقية وحدة مواقفهم.
***
صحيح أن اللقاء جاء بنتائج متوقعة. لم يحصل التطابق الذى كان يتوخاه نتنياهو.. لكن بنفس الوقت بقى الالتزام الأمريكى بأمن إسرائيل وإن كان دون ربطه ب«الخطر الوجودى» الذى هو فى التعريف الإسرائيلى ترخيص مسبق لسلوكيات لاحقة بما تنطوى عليه من ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، كما حصل أثناء حربها على غزة، أو فرض حصارات فائقة بحيث أن تصبح ممارساتها بمثابة «الدفاع عن النفس»، وبالتالى رفض أو إدانة لاستئثارها تعريف «الأمن» بمفهومه الخاص. من هذا المنظور كان رد أوباما الاستمرار فى تأكيده على حل الدولتين ووقف عمليات الاستيطان.
حاول نتنياهو أن يظهر كمتجاوب من حيث استعداده «استئناف المفاوضات» بهدف إنشاء «كيان فلسطينى» منحيا مصطلح «دولة». وعندما وجد نفسه مضطرا للتسليم بمصطلح «الدولة» اشترط أن تكون منزوعة السلاح غير مسموح لها عقد معاهدات ولا سيادة لها على الأجواء، بمعنى آخر دولة مفرغة من عناصر السيادة، مطوقة بسياج مقتضيات الأمن الإسرائيلى. بمعنى آخر دولة على غرار ترانسكى فى جنوب أفريقيا إبان نظام الأبارتيد. كما أن نتنياهو أصر على أن هذه «الدولة الفلسطينية» ما دام الرئيس الأمريكى مصرا على «دولة» عليها أن تعترف بإسرائيل دولة يهودية، بما يعنى دولة لليهود. وهذا بدوره يعنى إلغاء حق العودة نهائيا والإمعان فى سياسة وقوانين التمييز العنصرى على عرب إسرائيل، ناهيك عن مواصلة تهويد القدس واعتبارها عاصمة «أزلية وأبدية» لإسرائيل ومواصلة إجراءات هدم منازل السكان العربية فى القدس الشرقية استمرارا لتوسيع خريطة القدس لتشمل إضافات من أراضى الضفة الغربية.
صحيح أن اللقاء جاء بما كان متوقعا، وأن بإمكان كل من الولايات المتحدة وإسرائيل أن يدحضا مقولة فشل اللقاء، إلا أنه وضع حدا لقدرة إسرائيل اللجوء إلى نفوذها فى الكونجرس لردع تمادى الرئيس أوباما ترجمة «دولة فلسطينية» دولة ذات سيادة كاملة، نظرا لشعبية الرئيس الأمريكى وانهماك الكونجرس الأمريكى بالأزمة المالية المتفاقمة والتركيز على أولويات الوضع الاقتصادى وتفرعاتها داخليا.
***
إن عدم نجاح وعدم فشل اللقاء لا يعنى مطلقا نجاحا لما يسمى ب«الاعتدال العربى» وبالتالى حصر معالجة موضوع النزاع العربى الإسرائيلى برؤساء الدول التى لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل مصر والأردن أو حتى السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، الذى سيلتقى مع الرئيس أوباما فى مطلع الأسبوع، ثم مع الرئيس مبارك فى بداية شهر يونيو.. إذن فلقاءات الرئيس أوباما مع الحكام العرب التى ستركز على أن التشدد الإسرائيلى واستمرار التوطين وتهويد القدس تشكل إحراجا لهم ولسياسات «الاعتدال»، وبالتالى فسوف تكون مساهماتهم إخراج أنظمتهم من الإحراج، كى يستطيعوا تسويق إنجاز معادلة الدولتين مكافأة لسياسات التطبيع و«المفاوضات» المباشرة. هذا المنحى من شأنه دفع الرئيس أوباما باتجاه التأكيد على التزامه بخيار الدولتين، كما يؤكد أن استبعاد باقى الدول العربية «المعتدلة» منها و«المتطرفة» والاكتفاء بالأنظمة المتصالحة مع إسرائيل ينطوى على مخاطر رسوخ الانقسام وتبعثر جهود الأمة لتوحيد حركة المقاومة الفلسطينية وتحويل التباينات والاختلافات العربية إلى نزاعات وخلافات. من شأنه أيضا فقدان المناعة داخل الأوطان العربية، كما يحول مفهوم «الدولة» إلى مجرد شعار يعمل على تسويقه وتزويره..
لقد بات واضحا أن الإدارة الأمريكية رغم الوعود المتواصلة لن تحقق أى اختراق إذا لم تدفع حليفتها إسرائيل للاعتراف بكونها سلطة محتلة، وإذا استمرت وزارة الخارجية الأمريكية تصف عمليات الاستيطان وتكثيف المستوطنات بأنها «لا تساعد» بدلا من إدانتها كونها غير قانونية وخرقا لاتفاقات جنيف الرابعة. كما أن دعوة الرئيس أوباما إلى وقف الاستيطان وإزالة البؤر العشوائية تتسم بايجابية مبتورة. كلنا لاحظنا أن الترحيب العربى بها كدليل إيجابى، من شأنه أن يؤجل وحتى أن يلغى الحاجة الملحة لإزالة المستوطنات. لذا يتعين على الدبلوماسية والإعلام العربيين القيام بحملات تفند التزوير الإسرائيلى للحقائق، وتتصدى لمحاولات إسرائيل ترحيل القضية الفلسطينية. يتعين علينا وضع بعض الخصومات مع إيران ضمن إطارها الصحيح لا أن تتحول سياسة تناغم مع إسرائيل مما يمكنها من ترحيل وتهميش أولوية حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره.
***
إن قيام الرئيس أوباما بأول زيارة لمصر دليل على مركزية مصر فى الأمة العربية ودورها المميز فى مرجعيتها التاريخية. هذا يدفعنا إلى الترحيب بزيارة الرئيس الأمريكى الأولى لكبرى الدول العربية. لكن بنفس الوقت وحيث إن الرئيس الأمريكى يرغب فى توجيه خطاب إلى العرب والعالم الإسلامى يوضح فيه بشكل أكثر تفصيلا ما يعنيه بحل عادل للنزاع العربى الإسرائيلى بما فيه قيام دولتى فلسطين وإسرائيل، فمن الحكمة بنظرى أن يلقى الخطاب الذى قد يكون تاريخيا من منبر جامعة الدول العربية حتى لا يسود انطباع أن التطبيع المسبق مع إسرائيل يشكل نقطة الانطلاق لشروط الاستقرار والسلام والتنمية للعرب وللعالم الإسلامى.
إذا أعيد النظر فى الموقع الذى منه يلقى خطابه المنتظر، وألقى الخطاب من موقع يتوجه منه إلى الأمة العربية ومؤسساتها الرسمية، ستكون هذه إشارة إلى أن الولايات المتحدة تسعى للتعامل مع العرب موحدين لا كما فى العهود السابقة.. فالانفراد بكل منها أفرز غزوات غير شرعية كما حصل للعراق وتصنيفات مثل الاعتدال والتطرف والخلط بين الإرهاب والمقاومة. أجل إن رمزية إلقاء خطابه من موقع الجامعة العربية، وإن اختلف بعض العرب مع بعض ما يرد فى خطابه، تعنى اعترافه بمنبر موحد للعرب قد يعيد للولايات المتحدة ما تصورته وتوقعته جماهير العرب منها قيما وحضارة ورسالة ارتبطت بالرؤساء نيلسون وروزفلت وكينيدى ومع أوباما؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.