تشهد عملية السلام فى الشرق الأوسط تحركا أمريكيا مكثفا مع وصول جو بايدن نائب الرئيس الأمريكى إلى المنطقة أمس لدعم جهود المبعوث الأمريكى جورج ميتشل، الذى التقى الرئيس الفلسطينى محمود عباس أمس، بينما تحدت إسرائيل هذه التحركات بالإعلان عن إنشاء 112 وحدة استيطانية جديدة فى مدينة بيت لحم فى الضفة الغربية. ويلتقى بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو اليوم (الثلاثاء) كما يلتقى الرئيس الفلسطينى محمود عباس غدا، ليكون المسؤول الأمريكى الأرفع مستوى الذى يزور الأراضى الفلسطينية وإسرائيل منذ وصول أوباما للسلطة، ولتضاف جهوده إلى اللقاءات التى يجريها مبعوث الإدارة الأمريكية للسلام فى الشرق الأوسط جورج ميتشل مع الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى. واستقبلت إسرائيل بايدن بقرار إعطاء الضوء الأخضر لبناء 112 وحدة استيطانية فى مستوطنة بمدينة بيت لحم فى الضفة الغربية، مما يعد انتهاكا واضحا لقرار الحكومة الإسرائيلية نفسها بتجميد الاستيطان فى جميع المستوطنات باستثناء الواقعة بجوار القدس، مما آثار مجموعة من ناشطى السلام الذين تظاهروا ضد التوسع فى بناء المستوطنات الإسرائيلية وضد الجدار الإسرائيلى العازل فى قرية بيت جلا الإسرائيلية. وتعتبر الخطوة الإسرائيلية بمثابة «جس نبض» للإدارة الأمريكية مع بدء زيارة بايدن، خاصة أن العلاقات بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل توترت بسبب سعى أوباما المبكر من أجل تجميد كامل للاستيطان رغم أن إدارته تراجعت ولو مؤقتا بقبولها تعليقا أضيق نطاقا للبناء الاستيطانى الجديد لمدة 10 أشهر. وأعلن الكثير من المسؤولين والمحليين الإسرائيليين أن إسرائيل تشعر بالقلق من رغبة أوباما فى التواصل مع العالم الإسلامى، حيث يرون أن هذا قد يكون على حساب إسرائيل ويرون أن الإدارة الأمريكية الحالية مطالبة بإثبات أنها لا تستهدف مصالح إسرائيل وأنها تبقى صديقة لها، فيما يعد استمرارا للنهج الإسرائيلى باستباق أى ضغوط أمريكية متوقعة بالتصعيد، ليقتصر أثر الضغوط الأمريكية على الحد من التصعيد فحسب. وفى محاولة لطمأنة إسرائيل، صرح بايدن قبل زيارته إسرائيل بأن إدارة الرئيس باراك أوباما عززت الدفاعات الأمريكية مع إسرائيل وستوحد الصفوف مع حليفتها فى مواجهة أى تهديد من إيران مسلح نوويا، مضيفا أن علاقات واشنطن المتميزة مع العالم الإسلامى لن تضر بعلاقاتها مع إسرائيل التى أكد أن بلاده ملتزمة بأمنها من خلال تقديم معونة عسكرية سنوية تقدر ب3 مليارات دولار لها. ويبدو أن العودة الأمريكية للمنطقة ستزيد الخلافات الفلسطينية الداخلية اشتعالا، فبعد إعلان منظمة التحرير الفلسطينية عن قبولها الخوض فى تلك المفاوضات، وقيامها بتشكيل «لجنة عليا» مكونة من الفصائل الفلسطينية لإدارة التفاوض.. أعلنت حركة حماس أن تلك المحادثات «عبثية» وتهدف إلى منح الشرعية للاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطينى. وتمحورت مباحثات بايدن مع نتنياهو، وميتشل مع أبومازن حول آلية المحادثات غير المباشرة التى ستدور بين الطرفين، كما تتناول طبيعة الموضوعات التى ستتناولها المفاوضات. وفى إطار التصعيد الإسرائيلى بالتزامن من الزيارتين الأمريكيتين، اتهم وزير المالية الإسرائيلى يوفال شتاينيتس الفلسطينيين بأنهم غير معنيين بالتوصل إلى تسوية دائمة. وفى هذا الإطار، اتهمت مجلة «أيكونوميست» البريطانية، إسرائيل بمحاولة «إشعال النيران» فى الشرق الأوسط من خلال الإصرار على انتهاك حرمة الأماكن الإسلامية المقدسة، مشيرة إلى أن هذا يتعارض تماما مع سعى الإدارة الأمريكية لاستئناف عملية السلام، خاصة فى ظل تصعيد تل أبيب لانتهاكاتها.
