ما زالت اتفاقية المصالحة بين حماس وفتح والترحيب الدولي بها تثير غضب إسرائيل التي هددت بعدد من الإجراءات العقابية، تراوحت بين مطالبات باحتلال الضفة الغربية ووقف نقل الأموال إلى السلطة الفلسطينية التي تواجه "أزمة" تتعلق بصرف رواتب موظفيها للشهر الحالي، إثر قرار إسرائيل حجز عائدات الضرائب. حماس ضعيفة! ففيما يبدو أنها محاولة إسرائيلية لعرقلة طريق المصالحة، اعتبر موشيه يعالون، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن توقيع حماس على اتفاق المصالحة مع فتح جاء نتيجة ضعف موقفها وانتشار منظومة القبة الحديدية، ما شل قدرات حماس في شن المزيد من الهجمات على إسرائيل، كما شدد نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي على ضرورة عدم الانخداع بشأن نوايا حماس الراغبة في القضاء على دولة إسرائيل. وطالب داني أيالون، نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، أثناء لقائه مع نظرائه الأوروبيين في أوسلو أمس الجمعة، أوروبا بالكف عن تمويل السلطة الفلسطينية، باعتبار أن حركة حماس الإرهابية، وفق الرأي الإسرائيلي، جزء منها، والامتناع عن الاعتراف بصورة أحادية بدولة فلسطينية في الأممالمتحدة، بما قد يحمل الفلسطينيين على الامتناع عن طرح فكرة الإعلان عن إقامة الدولة، رغم الأغلبية التي يتمتعون بها في المنظمة الدولية. وكانت المفوضية الأوروبية قد قررت، أمس الجمعة، توفير 85 مليون يورو إلى السلطة الفلسطينية، وذلك في إطار رزمة إضافية تأتي في موازنة عام 2011، وأوضحت أن هذه الرزمة تأتي كإضافة لمبلغ 100 مليون يورو وافقت المفوضية الأوروبية على تخصيصها من أداة الجوار والشراكة الأوروبية. وقف الاتصالات الإسرائيلية الفلسطينية فيما طالب حزب "إسرائيل بيتنا"، اليميني المتطرف، وقف كل الاتصالات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، عقابا على موافقتها على الصلح مع حماس، ومعاقبة النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي لحضورهم احتفال توقيع المصالحة في القاهرة. احتلال كامل للضفة الغربية! وفي السياق ذاته دعا إسرائيل كاتس، وزير المواصلات الإسرائيلي إلى احتلال كامل للضفة الغربية في حال أعلنت السلطة الفلسطينية الدولة المستقلة بخطوات أحادية الجانب، وقال كاتس، المقرب من رئيس الحكومة بنيامين نيتانياهو، أثناء جولة قام بها في مستوطنة (إيتمار) بالضفة الغربية: "لقد احترمنا اتفاق أوسلو، وإذا قام الفلسطينيون باتخاذ خطوات أحادية الجانب فيجب علينا ضم جميع المستوطنات في الضفة الغربية إلى إسرائيل". وزعم أن وجود حركة حماس في أية حكومة فلسطينية قادمة سيفتح الطريق أمام إيران لدخول مناطق الضفة الغربية. حجب الضرائب ومن جانب آخر، أحجمت إسرائيل عن تسليم السلطة الفلسطينية نحو 100 مليون دولار أمريكي ضمن قرارها وقف تحويل عائدات الضرائب المالية التي تقدرها بأكثر من مليار دولار، وتشكل ثلثي ميزانية السلطة الفلسطينية. طالب بسام زكارنة، رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية، الحكومة الفلسطينية بزعامة سلام فياض بتحمل مسؤوليته إلى آخر دقيقة من فترة توليها مهامها، وعدم السماح لاستخدام رواتب الموظفين لأجندات سياسية أو انتخابية. وقال زكارنة في بيان صحفي، إن "الموظفين ينتظرون صرف الرواتب حسب المعتاد، وخاصة أن الظروف الدولية والعربية لصالح الشعب الفلسطيني"، وأضاف زكارنة أن الأصل أن لا تكون قضية الرواتب قضية جدلية بعد إعلان الاتحاد الأوروبي، أمس، دعم خزينة السلطة الفلسطينية بمبلغ 85 مليون دولار أمريكي. وطالب رئيس الوزراء بطمأنة الشارع الفلسطيني، وذلك بالإعلان عن موعد صرف الرواتب، داعيًا جميع المسؤولين بالعمل على توفير الأجواء الإيجابية لإتمام المصالحة، وطي صفحة الانقسام، ودعا زكارنه الدول العربية إلى الإسراع بدعم السلطة الفلسطينية لمنع إسرائيل التي تهدد بوقف تحويل عائدات الضرائب من إعاقة وحدة الشعب الفلسطيني، ومحاولتها المستمرة لترسيخ الانقسام. ارتياح فلسطيني على الجانب الآخر، سادت حالة من الارتياح في أوساط السلطة الفلسطينية نتيجة المواقف الدولية إزاء المصالحة الفلسطينية مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ورفضها الإجراءات "العقابية" الإسرائيلية ضده. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة الأنباء الألمانية: إن السلطة تشعر بالارتياح للمواقف الدولية في تعليقها على اتفاق المصالحة "باعتبارها خطوة لتوحيد الموقف الفلسطيني وتعزيز جهود دفع عملية السلام". وأعرب المصدر عن ترحيبه لمواقف الدول الأوروبية خاصة فرنسا، مقللا بهذا الصدد من أهمية المساعي الإسرائيلية لدفع أوروبا إلى اتخاذ مواقف مناهضة من اتفاق المصالحة ووقف دعم السلطة الفلسطينية ماليا. كما أبرز المصدر موقف بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، الذي أبلغ رئيس الحكومة الإسرائيلية بضرورة وقف حجز أموال عائدات الضرائب المالية ردا على اتفاق المصالحة. وهو ما اعتبره زئيف بييلسكي، النائب في الكنيست الإسرائيلي، عن حزب كاديما المعارض فشلا لمساعي نيتانياهو في حشد معارضة أوروبية لاعتراف الأممالمتحدة بدولة فلسطينية. متوقعا أن تصادق الأممالمتحدة بأغلبية كبيرة على إقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 تكون القدسالشرقية عاصمتها. وتسعى السلطة الفلسطينية إلى إقناع دول العالم بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام 1967، في ظل جمود تام تشهده عملية التفاوض بسبب تعنت الإسرائيليين بشأن وقف أو تجميد الاستيطان.