فرقت الشرطة أمس الخميس بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع مئات من التونسيين تظاهروا في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة تونس مطالبين ب"إسقاط الحكومة" المؤقتة التي يرأسها الباجي قايد السبسي. وتظاهر نحو 500 شخص بعد ساعات من نشر وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي شريط فيديو على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قال مراقبون إنه تضمن "أسرارا خطيرة" عن عمل حكومة السبسي وأثار حالة احتقان كبيرة في الشارع التونسي. وقال الراجحي في هذا الشريط إن الجيش سينفذ انقلابا عسكريا إذا وصلت "حركة النهضة" الإسلامية إلى الحكم أو إذا خرج الحكم من يد "السواحلية" أي سكان محافظتي سوسة والمنستير الساحليتين اللتين انحدر منهما أول رئيسين لتونس المستقلة. وردد المتظاهرون شعارات من قبيل "الشعب يريد ثورة من جديد" و"الشعب يريد إسقاط الحكومة" و"يا السبسي يا عميل خذ أزلامك واستقيل". وباشرت الشرطة حملة اعتقالات واسعة في صفوف المتظاهرين عندما حاولوا التجمع أمام وزارة الداخلية مرددين "وزارة الداخلية عصابة إرهابية". وقال حسان الدريدي المصور الصحفي لوكالة "اسوشيتد برس" الأمريكية في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن الشرطة اعتدت عليه "بوحشية" عندما كان يصور المظاهرة ، موضحا أن ثلاثة رجال شرطة أسقطوه أرضا وانهالوا عليه ركلا ولكما ما تسبب له في تزيف في انفه وأذنه. ووصف متحدث حكومي تصريحات فرحات الراجحي ب"الخطيرة من قبل مسئول سام في وقت حساس تحتاج فيه البلاد إلى صوت الحكمة والعقل" واتهمه ب"الترويج لمعلومات غير صحيحة بما يثير الشك إلى جانب مسها بالنظام العام وتلاعبها بمشاعر المواطنين التونسيين". ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن المصدر قوله إن هذه التصريحات الصادرة عن مسئول "يقع عليه واجب التحفظ من شأنها إشعال النعرات الجهوية والمس من هيبة المؤسسة العسكرية التي تحظى بتوافق وطني شامل". وحذرت الحكومة الراجحي من "عواقب تصريحاته وأقواله سيما في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد". من ناحيتها عبرت حركة التجديد (حزب يساري معارض) في بيان بعثت به إلى (د.ب.أ) عن "إندهاشها لهذه التصريحات وتوقيتها ودوافعها في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد من انفلات أمني خطير، وتفاقم مظاهر الفوضى واستمرار الجدل حول الانتخابات". وطالبت الحركة "جميع الأطراف، بما فيها الحكومة والراجحي، برفع الستار بكل شفافية ومسئولية عن كل ملابسات هذه الاتهامات وعن الأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد، وذلك لبعث الاطمئنان لدى الرأي العام حفاظا على سلامة الانتقال الديمقراطي وحماية له من محاولات الإرباك والالتفاف على ثورة الشعب".