تفاصيل لقاء الرئيس السيسي وطلاب الأكاديمية العسكرية (فيديو)    محافظ الغربية يودع عمال النظافة الفائزين برحلات عمرة قبل سفرهم إلى الأراضي المقدسة    وزير التموين: الشراكة مع القطاع الخاص تكليف رئاسي    الرئيس السيسي: نواجه ظروفا صعبة لكن لا يمكننا التوقف عن تنفيذ خطة حياة كريمة    بدء قبول الطلاب ببرنامج «تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي» بحاسبات طنطا    إطلاق رشقات صاروخية من جنوب لبنان نحو حيفا    هيئة الأركان الأوكرانية: الوضع على طول خط الجبهة لا يزال متوترا    إنريكى يوجه رسالة قاسية إلى ديمبيلى قبل قمة أرسنال ضد باريس سان جيرمان    رسميَا.. محمد رمضان مديرا رياضيا للنادي الأهلي    تأسيس وتجديد 160 ملعبًا بمراكز الشباب    تفاصيل سقوط صاحب مصنع زيوت سيارات مغشوشة في الدقهلية    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    عروسة قماش ودبابيس.. حيلة تربي مقابر الإمام الشافعي للنصب على مؤمن زكريا    نقابة المهن التمثيلية تعلن وفاة الفنانة صباح محمود    الخارجية الأمريكية: إسرائيل أبلغتنا بعمليات قرب حدود لبنان لكنها محدودة    جامعة القناة تنظم قافلة طبية بالتل الكبير فى الإسماعيلية ضمن حياة كريمة    محافظ القليوبية يشارك في تكريم أوائل الثانوية والماجستير والدكتوراه    التصريح بدفن جثة فتاة تناولت سم فئران بمنطقة المرج    هازارد: صلاح أفضل مني.. وشعرنا بالدهشة في تشيلسي عندما لعبنا ضده    استشهاد شريف أبو الأمين قائد حماس بلبنان و3 قياديين بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في أول استهداف صهيوني لقلب بيروت    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    وزير الصحة: الحكومة تلتزم بتهيئة بيئة مناسبة لضمان قدرة المستثمرين الأجانب على النجاح في السوق المصري    500 وفاة لكل 100 ألف سنويا .. أمراض القلب القاتل الأول بين المصريين    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    خُط المنطقة المزيف    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    مرحباً بعودة «لير».. وتحية «للقومى»    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    الرئيس السيسي: وحدة وتماسك الشعب هما الضامن الأساسي للحفاظ على أمن واستقرار الوطن    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    والد محمد الدرة: الاحتلال عاجز عن مواجهة المقاومة.. ويرتكب محرقة هولوكوست بحق الفلسطينيين    الزمالك 2007 يكتسح غزل المحلة بخماسية نظيفة في بطولة الجمهورية للشباب    «الإجراءات الجنائية» يفتتح انعقاد «النواب».. الإثنين بدء انتخابات اللجان    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    يختصر الاشتراطات.. مساعد "التنمية المحلية" يكشف مميزات قانون بناء 2008    شخص يتهم اللاعب المعتزل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه وإصابته بعد مشاجرة بينهم في التجمع الأول    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    7 أطعمة مفيدة للقلب.. نظام غذائي نباتي صحي    ناصر منسي: إمام عاشور صديقي.. وأتمنى اللعب مع أفشة    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    جمارك مطار الغردقة الدولي تضبط محاولة تهريب عدد من الهواتف المحمولة وأجهزة التابلت    مصرع شخص دهسته سيارة أثناء عبوره الطريق بمدينة نصر    جامعة بنها: منح دراسية لخريجي مدارس المتفوقين بالبرامج الجديدة لكلية الهندسة بشبرا    عاجل:- بنيامين نتنياهو يحرض الشعب الإيراني ويهاجم قيادته: "إسرائيل تقف إلى جانبكم"    هيئة الاستشعار من البُعد تبحث سُبل التعاون المُشترك مع هيئة فولبرايت    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    أمينة الفتوى: هذا الفعل بين النساء من أكبر الكبائر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة والشعر
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 05 - 2011

طالعتنا جريدة أخبار الأدب فى عددها الصادر أمس الأحد 1مايو 2011 بمانشيت رئيسى على غلافها غير منسوب لقائله وهو: «لن تؤسلموا الثورة..لن تؤمموا الميدان».
ولما كانت أخبار الأدب تنشر المقال والقصة والمسرحية والشعر والحديث الصحفى، فقد حرت كثيرا فى أمر تصنيف هذا العنوان وربطه بجنس أدبى معين، مما دفعنى فورا للبحث عنه داخل صفحات الجريدة. وقد وجدت ضالتى فى صفحة 26، حيث وجدت نصا تصاحبه لوحة، منشورا على صفحة كاملة يعلوها اسم وصورة صديقى الشاعر الكبير حسن طلب، فشرعت فى قراءته متلهفا.
كان عنوان النص مقسوما على سطرين ببنط أكبر كثيرا من ذلك البنط الذى كتب به على غلاف الجريدة: «لن تؤسلموا الثورة / لن تؤمموا الميدان»، فقرأته مرة ثانية قبل أن أنتقل لقراءة النص نفسه الذى قسمه كاتبه إلى ثلاث حركات صدرها بأرقام (1) و(2) و(3)، لكنه قبل الحركة رقم (1) كتب سطرا من النص يقول فيه: «لن تؤسلموا الثورة..لن تؤمموا الميدان!».
وقد حرت فى تفسير أمر هذا السطر بعد أن قرأته للتو للمرة الثالثة، هل هو حركة جديدة من النص وليست من الشاعر تضاف للحركات الثلاث الأخر؟ أم هو نفسه عنوان القصيدة وقد أخطأ عامل المطبعة فجمعه مرة ثانية؟ لكن علامة التعجب التى جدت على نهاية السطر هذه المرة، وتعاليم النقد الحديث التى تدعو لتفسير كل شاردة وواردة أبدعها المؤلف دون تدخل، دفعانى لمواصلة قراءة الحركة الأولى محاولا الفهم، وقد جاءت على النحو التالى: «ضيف غريب حل فى الميدان../ واحتل به منصة قصيَّهْ/ قلنا: خطيب أنت يا هذا؟/ إمام.. واعظ؟ أم كاهن؟/ عليك بالمنبر فى الجامع../بالمذبح فى الكنيسة../ الثورة ليست عطلة للناس يوميه!/ قال لنا: صلوا على خير البريه/ قلنا له: الثورة ليست خطبةً/ عصماء منبريه/ فكلما أراد ألقاها علينا/ كل من هبَّ ودبَّ../ من دعاة العنتريات../ ومشتقاتها/ من عبشمية وعبدريه!».
وعند انتهائى من قراءة الحركة انتقلت علامة التعجب من نهاية السطر الأول إلى صفحة وجهى، فهناك كلام مقسم على سطور صغيرة، وهناك وزن، وهناك قافية، ولكن لا يوجد على الرغم من كل هذا شعر على الإطلاق!
فليست هناك صورة أو استعارة أو مجاز أو اشتقاق أو استخدام خاص لإيقاع الألفاظ لا يعرفه كل من هب ودب، وليست هناك رؤية شعرية أو فنية يتم تناول الموضوع من خلالها سواء بالمنظور الحداثى أو الكلاسيكى للشعر.
فمن المنظور الحداثى هناك نظم وليس هناك شعرية، أى ليس هناك استخدام لطاقات اللغة وإمكاناتها العبقرية استخدام فردى مبدع يميز الأدب عما عاداه. ومن المنظور الكلاسيكى الشعر ما أشعرك، وليس هناك شعور متضمن فى هذا النص السياسى المباشر حتى يمكن انتقاله للمتلقى.
وليسمح لى صديقى حسن طلب أن أذكره بما قاله فى هجومه على قصيدة النثر بجريدة البديل، متهما إياها بأنها أسهمت فى هروب قراء الشعر إلى أنواع أدبية أخرى، حيث قال: «إن العبرة ليست بالاقتراب من القضايا العادية، ليست القضايا العادية هى ما تجعل الشعر يقترب أكثر من الناس، إنما قارئ الشعر يريد عملا فنيا، يريد لوحة فنية، يريد لغة مدهشة ومجازا غير مألوف». فهل تحقق هذا يا سيدى فى نصك الذى بين أيدينا؟ وهل تشك فى أن هذه المتطلبات الفنية تتحقق فى كثير من قصائد النثر بقدر أكبر من هذا بكثير؟ وهل تنكر أن هذا هو جوهر الشعرية وليس الوزن والقافية؟
وتستمر القصيدة على منوالها، حيث يقول ضمن الحركة الثانية: «قالوا: سنبقى بينكم/ قلنا: فيا سماسرة السماء../ لن نترككم تغتصبون الأرض../ أو تصادرون فوقها:/ كرامة الإنسانْ!/ قالوا سنبقى حولكم/ قلنا: فلن نسمح أن تموّهوا القرآن بالدستور/ أو تستبدلوا الأديان بالأوطان!».
أعترف بالطبع باتفاقى التام مع الغاية السياسية النبيلة التى يهدف إليها النص، لكن هذا لا يعنى مطلقا التهاون فى حق الإبداع. فكما رفض الشاعر «تمويه القرآن بالدستور» وأنا معه، فإننى أرفض أيضا «تمويه الشعر بالثورة» ولابد أن يكون معى.
ولعل حسن طلب لايزال يذكر ما قاله فى أعقاب حادثة مصادرة مجلة إبداع بسبب نشر قصيدة حلمى سالم «شرفة ليلى مراد»، حيث قال: «أنا لا أحكم على نيته فهو بلا شك يريد أن يصور الله عز وجل فى صورة الكائن الأسمى الذى هو مصدر الخير والنماء، ولكن المشكلة فى التعبير المبتذل والصورة الركيكية التى صدمت الناس، والتى تعد استهتارا باللغة والشعر»، وأنا معه فيما قال بالحوار الصحفى وليس بالنص الشعرى الذى وضع فيه نفسه موضع حلمى سالم فى نبل الغاية وتهافت التشكيل الجمالى.
وهنا أجدنى مضطرا لتوجيه الخطاب لصديق عزيز آخر هو الصحفى الكبير مصطفى عبدالله رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب، مذكرا إياه بما قاله حسن طلب أيضا فى الموقف السابق ذاته، حيث قال: «أعترف أننى أخطأت عندما جاملت صديق عمرى الشاعر حلمى سالم فى نشر هذه القصيدة الركيكية».
أيها الأصدقاء الأعزاء، فلنجامل بعضنا بعضا، ولكن ليس على حساب الشعر، ولا على حساب الثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.