رسميًا.. إعلان حصول شركات المحمول على رخصة الجيل الخامس في مؤتمر غدًا    تجدد القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية    عمر مرموش يقود فرانكفورت لتعادل درامي أمام بايرن ميونيخ    محمود فتح الله: الزمالك استحق السوبر ومن لا يرى دور شيكابالا «نظره ضعيف»    خالد الغندور يكشف تفاصيل التقرير الذي يهدد بمعاقبة جوميز قبل مثوله أمام الانضباط    ضبط دقيق مدعم وصيدلية غير مرخصة وأسمدة محظورة في حملة تموينة مكبرة ب الإسماعيلية    قرار مصيري ل عبير نعمة عن حفلها بمهرجان الموسيقى العربية الدورة 32 (تفاصيل)    أحمد أبو الغيط ل"الوثائقية": المشير أحمد إسماعيل كان ذو فكر استراتيجى    خط سكك حديد الفردان – بئر العبد.. شريان حياة جديد في قلب سيناء | صور    سمير فرج يكشف جوانب من سيرة البطل الشهيد عبدالمنعم رياض    رئيس ترسانة الإسكندرية: الفرقاطة ميكو تضم 3000 طن حديد و300 ألف متر كابلات للمد    سيد علي: صبحي كابر في العناية المركزة.. والمالك الجديد يكشف تفاصيل جديدة    مدرب فرانكفورت: عمر مرموش فى حالة مثيرة للإعجاب    انطلاق الدورة العاشرة لمهرجان الفيلم الوثائقي والروائي القصير بتونس 15 نوفمبر    حظك اليوم 7 أكتوبر 2024 لمواليد برج العذراء    بعد إشعالها حفل زفاف ابنته مريم.. دينا توجه رسالة ل علاء مرسي    اشتغلت كومبارس.. صبحي كابر يحكي كيف تحول إلى عامل في مطعمه    أحمد أبو الغيط ل الوثائقية: المشير أحمد إسماعيل كان ذو فكر استراتيجى    صندوق مكافحة الإدمان ينظم زيارة للمتعافين من أبناء المناطق «بديلة العشوائيات»    العبور الثالث إلى سيناء.. بعد 50 عاما من التوقف انطلاق أول قطار إلى سيناء من الفردان إلى محطة بئر العبد غدا الاثنين.. (صور)    بالتزامن مع بدء تركبيها.. ما أهمية مصيدة قلب المفاعل النووي؟    جيش الاحتلال: لا صحة للإشاعات التي تتحدث عن إنقاذ بعض الأسرى في غزة    القبض على سائق "توك توك" تعدى على طالبة فى عين شمس    رسالة نارية من نجم الزمالك السابق إلى حسام حسن بشأن إمام عاشور    أمين الفتوى: 6 أكتوبر من أيام الله الواجب الفرح بها    إحالة فريق"المبادرات" بالإدارة الصحية بطوخ للتحقيق    تداول 3200 طن بضائع عامة و418 شاحنة بميناء نويبع البحري    احتفالات وزارة الثقافة بذكرى انتصارات أكتوبر.. فعاليات فنية وأدبية متنوعة    في الذكرى ال140 لتأسيسها.. البابا تواضروس يدشن كنيسة "العذراء" بالفجالة    وكيل الأوقاف محذرًا من انتشار الشائعات: "كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع"    بالفيديو.. رمضان عبدالمعز: النصر دائما يكون بالتمسك بالكتاب والسنة    ديتر هالر: خريجو الجامعة الألمانية سفراء لعالم أكثر سلامة واستدامة    إطلاق دليل الحلول والممارسات الناجحة للاستثمار بمجال الطاقة المتجددة    مطار الملك سلمان الدولي يشارك في معرض ومؤتمر روتس وورلد 2024 في مملكة البحرين    برشلونة يضرب ألافيس بهاتريك ليفاندوفسكى فى شوط مثير بالدوري الإسباني    فكري صالح يطالب بإلغاء الترتيب بين حراس منتخب مصر    أحد أبطال حرب أكتوبر: القوات المسلحة انتهجت أسلوبا علميا في الإعداد لحرب أكتوبر المجيدة    الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال دمَّر 611 مسجدا كلّيًا بغزة واقتحم الأقصى 262 مرة خلال عام    إصابة سيدة وابنتها في انهيار حائط منزل ببني سويف    سوريا:غارة جوية إسرائيلية استهدفت 3 سيارات تحمل مواد طبية وإغاثية    جلسة تصوير للتونسى محمد علي بن حمودة أحدث صفقات غزل المحلة.. صور    أكاديمية البحث العلمي تعلن إنتاج أصناف جديدة من بعض الخضراوات    أستاذ بالأزهر: يوضح حكم الصلاة بدون قراءة سورة الفاتحة    خبير استراتيجي: الحق لا يرجع بالتفاوض فقط.. يجب وجود القوة    عمار حمدي: كنت أتمنى العودة ل الأهلي.. وأحب جماهير الزمالك    استشاري تغذية: الأسس الغذائية للاعبي كرة القدم مفتاح الأداء الرياضي    إعلام إسرائيلى: إصابة 7 أشخاص أحدهم بحالة حرجة فى عملية إطلاق نار ببئر السبع    الوادي الجديد.. تنظيم قافلة طبية لمدة يومين في قرية بولاق بمركز الخارجة    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 105 ملايين خدمة مجانية خلال 66 يوما    الداخلية تقدم تسهيلات للحالات الإنسانية بالجوازات    دعاء الذنب المتكرر.. «اللهم عاملنا بما أنت أهله»    غرق طالبين وإنقاذ ثالث بأحد الشواطئ بالبرلس فى كفر الشيخ    إدارة الموسيقات العسكرية تشارك فى إقامة حفل لأطفال مؤسسة مستشفى سرطان 57357    ضبط 3 عصابات و167 سلاحا وتنفيذ 84 ألف حكم خلال يوم    تشاهدون اليوم.. مواجهات قوية للمحترفين في الدوريات الأوروبية    رسميًا.. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك    نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    الحياة المأساوية للنازحين من ذوي الإعاقة والأطفال في مخيم خان يونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسلحة الذرية.. ما بين الطلاسم والابتزاز
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 05 - 2009

إذا جاء ذكر معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، تهز الغالبية رءوسها أسفا لأن هذا الموضوع خاص بالكبار فقط ممن يتحكمون فى إنتاج الأسلحة النووية ولا حاجة لنا إطلاقا لأن نشغل أنفسنا بهذا الموضوع.
صحيح أنه إلى جانب الدول الخمس المالكة للأسلحة النووية، الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، هناك بعض الدول التى ضربت عرض الحائط بالمعاهدة، وأفلتت من هذا الحظر وأصبحت أيضا أعضاء فى النادى الذرى؛ مثل إسرائيل فى المقام الأول التى تلقت مساعدات غربية هائلة، ثم الهند التى كافأتها الولايات المتحدة لتحديها معاهدة الحظر لكى تكون ندا للصين، ثم باكستان التى فعلت المستحيل لكى تمتلك التكنولوجيا النووية حتى لا تكون أقل من جارتها وعدوتها اللدودة الهند. إلا أن كل هذه الدول مجتمعة تريد أن يظل النادى النووى حكرا عليها ولا يدخل فيه أحد آخر، حتى إيران التى تقول لهم: «ولماذا ليس أنا؟» وتغلف ذلك بأنها لا تسعى إلى إنتاج قنابل نووية ولكن لامتلاك تكنولوجيا استخدامها فى الأغراض السلمية مثل إنتاج الكهرباء.
وحتى هذه الدول لا تريد أن تسمح لبقية العالم الدخول فى ميدان استخدام الذرة فى توليد الطاقة، وهو أمر تسمح به اتفاقية الحظر نفسها، ولذلك تضع كل العراقيل أمام بناء المفاعلات النووية فى دول العالم الثالث بصفة خاصة. وأنشأت ما يسمى بتكتل الموردين الذين يتحكمون فى توريد الوقود النووى اللازم لتشغيل المفاعلات الجديدة، أو حتى منع بناء المفاعلات نفسها. تختلف هذه الدول عن بعضها البعض بدرجات متفاوتة حيث إن صناعة بناء المفاعلات تؤدى إلى أرباح هائلة.
منذ أيام نسمع عن الاجتماعات التحضيرية التى تعقد فى نيويورك بين الأعضاء فى معاهدة الانتشار النووى، وتحضرها أيضا عدد من المنظمات غير الحكومية. وتشارك مصر باعتبارها عضوا فى المعاهدة إلى جانب دول أخرى مثل الولايات المتحدة والدول الغربية وإيران، التى تسلط الأضواء على نشاطها النووى وتزمع إدارة أوباما إجراء مباحثات معها وتهدد إسرائيل بقصف منشآتها النووية. الغرض من هذه الاجتماعات هو التحضير لجدول أعمال مؤتمر مراجعة المعاهدة الذى سيعقد العام المقبل 2010، وهو موضوع يعتقد الكثيرون أنه معقد للغاية.
ببساطة نشرح المبادئ الأساسية للمناقشات الحالية وهى: استعراض عمل المعاهدة وهل نجحت فى تحقيق أى من أهدافها أم لا ولماذا؟ مناقشة المبادئ والأهداف التى تؤدى إلى تحقيق وتنفيذ المعاهدة حيث تشتكى الكثير من الدول أنها لا تطبق على الجميع وهناك استثناءات عديدة تؤدى إلى مكافأة المخالفين بدلا من معاقبتهم بل ومعاقبة المنضمين بدلا من مكافأتهم.
المناقشات كذلك ستبحث إنشاء سكرتارية دائمة للمعاهدة وإنشاء آلية لنزع السلاح النووى وهو موضوع قديم وأصبح من الممل تكراره ولو أن الرئيس أوباما أحيا بعض الأمل فى إمكانية السعى إلى إنشاء عالم خال من الأسلحة الذرية وذلك فى الخطاب الذى ألقاه فى براج الشهر الماضى.
ولنستعرض معا ما هى معاهدة حظر الانتشار النووى تلك التى كثر الحديث عنها وفقدت مصداقيتها بين شعوب العالم الثالث. أساسا هذه الاتفاقية وقعت فى الأول من مايو 1968 ودخلت بعد مفاوضات طويلة حيز التنفيذ فى 5 مارس 1970. أتذكر جيدا خلال عملى بوزارة الخارجية أن الاتحاد السوفييتى تعهد بدفع أو «إقناع» الدول الصديقة له بالانضمام للاتفاقية، وتعهدت الولايات المتحدة بنفس الشىء مع «أصدقائها» و«حلفائها». بالطبع اتصل الاتحاد السوفييتى بمصر، وأعلن الرئيس عبدالناصر فى خطاب عام انضمام مصر للاتفاقية دون أن نضع أى شروط حول انضمام الدول الأخرى فى المنطقة إليها، خصوصا إسرائيل، بعد أن وصل إلى علم مصر التحضيرات الإسرائيلية لصناعة أسلحة ذرية بمساعدة فرنسا وسكوت واشنطن على ذلك. افترضت القاهرة وكان افتراضا خاطئا أن واشنطن ستضغط على إسرائيل وهى التى وعدت أيضا عند تصديق مصر على الاتفاقية عام 1982 بأنها ستدفع إسرائيل عاجلا إلى الانضمام إليها، وهو ما لم يحدث.
هدف المعاهدة الرئيسى هو منع انتشار الأسلحة الذرية والسعى إلى نزع سلاح نووى شامل لكل العالم وهو بالطبع هدف لم يتحقق ولا تريد الدول النووية تحقيقه. وتعتمد المعاهدة على ثلاثة محاور أساسية هى:
منع الانتشار نزع السلاح النووى الاستخدام السلمى للطاقة النووية. وكان هناك منذ اللحظة الأولى تفرقه بين الدول المنضمة للمعاهدة إلى فئتان:
الأولى: الدول النووية الذين حددتهم الاتفاقية بأنهم خمس دول هى الولايات المتحدة وروسيا (خليفة الاتحاد السوفييتى) وبريطانيا وفرنسا والصين، أى الدول التى أجرت تجارب نووية عسكرية قبل يناير 1969.
الثانية: الدول غير النووية وتحددهم الاتفاقية بأنها الدول التى لم تجر أى تجارب نووية فى الماضى أو تلك التى أعلنت تخيلها عن برنامجها النووى.
وتقضى المعاهدة بعقد مؤتمر مراجعة كل خمس سنوات. وتمهيدا لذلك عقدت ثلاث اجتماعات تحضيرية قبل المؤتمر الشامل الذى سيعقد فى العام المقبل من أجل تقدير مدى ما تم تنفيذه فى كل مادة من مواد المعاهدة على حدة، وكذلك إجراء مناقشات ومباحثات بين الدول المنضمة للمعاهدة لتسهيل عقد مؤتمر المراجعة المشار إليه أو الاتفاق على توصيات فى هذا الصدد. ولذلك فإن دورة اجتماعات نيويورك الحالية مهمة حيث إنها الأخيرة قبل مؤتمر العام المقبل.
وسأتعرض هنا بإيجاز إلى أفريقيا والمعاهدة وهو موضوع لا يبحث جيدا. بالطبع سيقول الكثيرون إن أفريقيا أبعد ما تكون عن إمكانية أو احتمال الحصول أو تجربة تكنولوجيا نووية عسكرية. وهذا غير صحيح، إذ كان هناك تعاون وثيق بين النظام العنصرى فى جنوب أفريقيا وإسرائيل فى الماضى فى ميدان الأسلحة النووية، وتم ذلك سرا بعلم الولايات المتحدة، التى تظهر وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التى أفرج عنها مراقبتها اللصيقة لتطورات هذا التعاون، بل وتم إجراء تجربة نووية عسكرية إسرائيلية جنوب أفريقية مشتركة فى السبعينيات من القرن الماضى. وكان ذلك قبل انتهاء نظام الفصل العنصرى. وكان من اشتراطات الغرب للتحول إلى الأغلبية السوداء فى نظام الحكم هو تخلى النظام الجديد عن كل البرنامج النووى لجنوب أفريقيا. وهو ما فعلته حكومة بريتوريا، ولو أننى أعتقد أن لدى حكومة جنوب أفريقيا المعرفة التكنولوجية لاستئناف هذا البرنامج لو أرادت، وهو ما تنفيه بشده بعد أن فكك برنامجها عام 1990. ويلاحظ هنا أن الذى قام بالإجراء هى حكومة الفصل العنصرى، حتى لا يكون هناك مجال أمام حكومة الغالبية السوداء لبحث الأمر. الدولتان الأخرتان فى أفريقيا هما مصر وليبيا، والأخيرة تخلت طواعية عن برنامج للأبحاث النووية دفعت فيه أموالا طائلة لا داعى لها بحجة أنه لا طائل من ورائه، وسلمت كل المعدات والأجهزة إلى الولايات المتحدة وليس إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
كل الدول الأفريقية وقعت على المعاهدة بما يعكس التزاما من جانبها بالأسس الثلاثة لها. وقد أبدت الدول الأفريقية معارضتها للأسلحة النووية فى القارة أو تجربتها فى الأراضى الأفريقية منذ إدانتها للتجارب النووية الفرنسية فى صحراء الجزائر عام 1960 فى بداية الستينيات من القرن الماضى (قبل استقلال الجزائر) وكذلك فى التوقيع على اتفاقية أفريقية لجعل أفريقيا منطقة خالية من الأسلحة النووية والتى لم تدخل حيز التنفيذ بعد. فمصر وقعت على الاتفاقية ولكن لم تصدق عليها حتى الآن.
وتنص هذه الاتفاقية على تعهد الدول الأفريقية بعدم صناعة أو الحصول على أسلحة نووية مع التأكيد على تسهيل استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية. الاتفاقية تتضمن ملحقا إضافيا يطالب الدول النووية خاصة الخمس بالتوقيع والتصديق على هذا البروتوكول واحترام وضع أفريقيا كمنطقة خالية من الأسلحة النووية، خاصة أن الولايات المتحدة تحتفظ فى جزر «ديجو جارسيا» الأفريقية التى كانت قد استولت عليها بريطانيا من دولة موريشيوس الأفريقية وسلمتها أو «أجرتها» للولايات المتحدة التى أقامت فيها قاعدة من أكبر القواعد الأمريكية فى العالم بها فيها من أسلحة ذرية.
ويرأس أفريقى من زيمبابوى هو السفير «تشيد باسيكو» اجتماعات نيويورك الحالية، وقد تم انتخابه بموافقة جميع الأعضاء، وهو موضوع مهم خاصة أنه سيرأس أيضا اللجنة العامة الرئيسية فى المؤتمر الشامل القادم عام 2010. وبعض الدول الأفريقية خاصة مصر وجنوب أفريقيا تشارك بنشاط كبير فى أعمال اللجنة التحضيرية.
أما إسرائيل فهى كما يقال على رأسها ريشه!! أى أنها الدول الوحيدة المستثناة، التى لا يتم التعرض إليها، فى حين أن كل التركيز حاليا على إيران التى تنفى كل يوم أنها لا تسعى لإنتاج أى أسلحة ذرية، ولكنها لن تتنازل عن حقها فى الاستخدام السلمى للطاقة الذرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.