تتابع القدس عن كثب الصراعات الدائرة فى البلدان المجاورة لنا، ولاسيما الصدامات الدامية فى سورية. وهنا يطرح السؤال: هل سقوط الأسد أمر جيد بالنسبة إلى اليهود؟ وهل يمكن أن يحل مكان نظام الأقلية العلوية متدينون متشددون؟ وما مصير اتفاق فصل القوات فى هضبة الجولان؟ وماذا ستكون على سياسة النظام الجديد إزاء الحل السياسى للنزاع الإسرائيلى العربى؟ وما هى انعكاسات انقلاب سياسى فى سورية على علاقاتها الوثيقة بإيران وحزب الله و«حماس»؟ من الصعب أن تجد معلقا جديا يخاطر بالإجابة عن هذه الأسئلة. فى المقابل، وبعد مرور ستة أسابيع على سقوط نظام حسنى مبارك، لم يعد حتى الأكثر تشاؤما يتحدثون عن احتمال تجدد المواجهة العسكرية مع مصر، كذلك لم تنتقل الاضطرابات الداخلية هناك إلى الحدود مع إسرائيل. وقد امتاز رد الحكومة المصرية المؤقتة فى القاهرة على هجمات سلاح الجو الإسرائيلى على غزة بضبط النفس. وتصادف اليوم ذكر مرور تسعة أعوام على مبادرة السلام العربية التى أقرها مؤتمر القمة العربية. يومها اقترحت الدول العربية كلها، بما فيها سورية، وتبعتها الدول الأعضاء فى منظمة الدول الإسلامية، أفضل اقتراح للسلام حصلت عليه الدولة اليهودية منذ إعلان وعد بلفور. وقد تضمنت المبادرة: إنهاء العداء مع العالم الإسلام، علاقات جوار طبيعية مع الدول العربية، دولة فلسطينية ضمن حدود يونيو 1967، تقسيم القدس، حل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين استنادا إلى القرار 194. كذلك فتحت المبادرة المجال أمام تبادل للأراضى، الأمر الذى يسمح لإسرائيل بضم الأحياء اليهودية فى القدس وقسم من المستوطنات، بالإضافة إلى الترتيبات الخاصة بالأماكن المقدسة. فى اليوم التالى لهذه القمة العربية، شن أريئيل شارون حربا ضد الفلسطينيين ردا على مقتل 30 إسرائيليا فى هجوم ل«حماس» على فندق فى نتانيا عشية عيد الفصح، فأرسل الجيس الإسرائيلى لاحتلال الضفة الغربية من جديد «فى عملية السور الواقى»، واقترح يومها «اتفاقا مرحليا بعيد المدى». لو كان فى إسرائيل رئيس حكومة مشغول بغير الحفاظ على بقائه فى الحكم، لما سمح بتضييع الفرصة التى تتيحها المبادرة العربية، والتى قد لا نحظى بمثلها مرة أخرى.