نفدت المياه المعبأة من المتاجر في العاصمة اليابانية طوكيو، اليوم الخميس، بعد أن أصبحت مياه الصنابير غير آمنة بالنسبة للرضع لفترة قصيرة، وذلك من جراء التسرب الإشعاعي من مفاعل نووي تضرر نتيجة الزلزال العنيف الذي شهدته اليابان، وأمواج المد العاتية التي تبعته، في حين أوقفت المزيد من الدول استيراد الأغذية من اليابان. ويحاول مهندسون احتواء الموقف في محطة فوكوشيما التي تتكون من 6 مفاعلات، وتقع على بعد 250 كيلو مترا شمالي العاصمة، بعد نحو أسبوعين من الزلزال وأمواج المد اللذين ألحقا أضرارا بالمحطة النووية، وخلفا دمارا في شمال شرق اليابان، ونحو 26 ألفا بين قتيل ومفقود. وحذرت السلطات سكان طوكيو البالغ عددهم 13 مليون نسمة من شرب الأطفال الذين لم يبلغوا عامهم الأول مياه الصنبور، وذلك عقب أن بلغ التلوث ضعف المستوى الآمن هذا الأسبوع، لكن المستويات تراجعت إلى كميات مسموح بها اليوم. وعلى الرغم من مناشدة الحكومة المواطنين بألا يصابوا بالذعر، فإن المياه المعبأة نفدت من المتاجر الكبيرة. كما تم رصد إشعاعات أعلى من المستويات الآمنة في الحليب والخضروات القادمة من فوكوشيما، حيث تقع المحطة النووية المتضررة على ساحل المحيط الهادي. وانضمت سنغافورة وأستراليا إلى الولاياتالمتحدة وهونج كونج في فرض قيود على واردات الأغذية والحليب من المنطقة، في حين أصبحت كندا أحدث دولة تشدد إجراءات الفحص بعد أسوأ كارثة نووية منذ كارثة تشرنوبيل. من ناحية أخرى قال مسؤول في قطاع الشحن: إن بعض السفن التجارية ربما تتجنب ميناء طوكيو، بسبب مخاوف من تعرض أفراد الطواقم للإشعاع. ورصدت جسيمات مشعة في مناطق بعيدة وصلت إلى أيسلندة غير أن اليابان تصر أن المستويات لا تمثل خطرا على البالغين. وفي شمال اليابان الذي شهد دمارا كبيرا هناك أكثر من ربع مليون شخص يعيشون في دور الإيواء، وما زال عمال الإنقاذ يفتشون وسط الطمي والأنقاض، حيث كانت توجد بلدات وقرى قبل الزلزال. وارتفع العدد الرسمي للقتلى من جراء الكارثة إلى 9523، لكن من المتوقع أن يرتفع أكثر، لأن هناك 16094 مفقودا. غير أنه وسط المعاناة كان هناك شعور بأن الوضع آخذ في التحسن، وتدفقت المساعدات على النازحين، وبدأت خدمات الهاتف والكهرباء والبريد والخدمات المصرفية تعود إلى الشمال، وإن كان بوسائل مؤقتة في بعض الأحيان. وما زالت التوابع تتوالى، وهزت عدة توابع طوكيو اليوم الخميس. وقالت هيئة الإذاعة والتليفزيون اليابانية، إن زلزالا بلغت قوته المبدئية 6.1 درجة هز شمال اليابان اليوم الخميس. وفي محطة فوكوشيما التي تشهد أسوأ كارثة نووية منذ كارثة تشرنوبيل عام 1986 نجح الفنيون في توصيل كابلات الكهرباء بالمفاعلات الست كلها، وقاموا بتشغيل مضخة في أحدها لتبريد قضبان الوقود التي ارتفعت حرارتها بشدة. وأصبح نحو 300 مهندس إبطال قوميين لمواجهتهم الخطر داخل المنطقة التي أجلت السلطات سكانها، وهم يسابقون الزمن لتبريد قضبان الوقود في مفاعلات المحطة. وقالت وكالة كيودو للأنباء، إن المهندسين استأنفوا العمل، اليوم الخميس، في المفاعل رقم 3 الذي يعتبر الأكثر خطورة بعد تعليق العمل ليوم واحد حين تصاعد الدخان الأسود. وتحاول شركة طوكيو إلكتريك باور (تيبكو) التي تدير المحطة النووية إعادة تشغيل الأنظمة، للمحافظة على برودة الوقود، ومنع المزيد من التسرب الإشعاعي أو انصهار قضبان الوقود، وهو ما سيمثل كابوسا. وأصيب ثلاثة موظفين في (تيبكو) بالإشعاع أثناء محاولتهم توصيل كابل، اليوم الخميس، ونقل اثنان إلى المستشفى إثر إصابتهما بحروق، وفقا لما ذكرته الوكالة المعنية بالأمان النووي. وحثت اليابان العالم على عدم المغالاة في رد الفعل تجاه الاحتياطات إزاء التسرب الإِشعاعي، وأيد الكثير من الخبراء هذا فيما يبدو. وقال جيم سميث من جامعة بورتسماوث البريطانية: إن العثور على 210 "بيكرل" من اليود المشع أي ضعف الحد الآمن في محطة تنقية المياه بطوكيو، أمس الأربعاء، يجب ألا يسبب الذعر، المستوى الآمن بالنسبة للبالغين هو 300 "بيكرل". وأضاف، "التوصية بعدم إعطاء الأطفال مياه الصنبور إجراء وقائي رشيد، لكن يجب التأكيد أن الحدود موضوعة عند مستوى منخفض لضمان أن يكون الاستهلاك آمنا على مدى فترة طويلة". وتابع، "هذا يعني أن استهلاك كميات صغيرة من مياه الصنبور لنقل بضعة لترات بمستوى ضعف المستوى الموصى به لن يمثل خطرا كبيرا على الصحة".