وصف المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية، كمال عباس، إعلان المبادئ الذى أصدرته مصر أمس الأول، والذى يضمن حق العمال فى إنشاء نقابات عمالية مستقلة، بأنه «إعلان تاريخى وأحد أهم منجزات ثورة الخامس والعشرين من يناير». مستدركا فى تصريحات ل «الشروق»، أن هذا الإعلان «يحتاج لبعض الإجراءات لتفعيله، حتى لا يصبح حبرا على ورق». وقال : «أول إجراء يجب اتخاذه هو إلغاء قانون النقابات العمالية المقيد للحريات والمتعارض مع اتفاقيات الحريات النقابية، وحتى يحدث هذا فلابد من إيقاف العمل بعدة إجراءات كارهة». عدد عباس المقصود بالإجراءات الكارهة: «يعطى القانون الحق للعمال فى الخروج من التنظيمات النقابية من خلال التقدم بطلب لرئيس مجلس الإدارة لإيقاف استقطاع اشتراكات النقابة من رواتبهم. إلا أن ما يحدث هو أن المسئولين لا يستجيبون ويستمر استقطاع الاشتراكات كما حدث فى حالة آلاف العاملين فى غزل المحلة والضرائب العقارية. أما الإجراء الثانى فهو الخاص برفض إعطاء تراخيص ممارسة بعض المهن دون عضوية النقابات، خصوصا فى حالة السائقين وعمال البناء. آخر هذه الإجراءات هو الخاص بربط عضوية صناديق الزمالة بعضوية النقابة، وهو ما يعنى أن الخروج من النقابة مرتبط بترك عضوية صندوق الزمالة، وأما آخر مطالبات الحركة العمالية المستقلة فهى تنفيذ أحكام القضاء الخاصة بإبطال الانتخابات النقابية الأخيرة فى 2006». كان الثانى من مارس الحالى، شهد الإعلان الرسمى عن تأسيس الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة والذى ضم نقابات الضرائب العقارية والفنيين الصحيين وأصحاب المعاشات ونقابة العاملين فى التعليم. «هذا الإعلان، على أهميته، ليس الإعلان الأول عن وجود حركة عمالية قوية فى مصر، لعبت، وما زالت، أدوارا مهمة فى التمهيد لثورة الخامس والعشرين من يناير، وفى انتصارها» يقول عباس. وفى رده على الانتقادات التى وجهها البعض للعمال بضعف المشاركة فى ثورة 25 يناير قال: «نستطيع أن نتحدث عن ثلاث مراحل لمشاركة العمال فى ثورة يناير. الأولى هى الإضرابات العمالية التى تصاعدت منذ إضراب شركة غزل المحلة فى ديسمبر 2006 وحتى الثورة، ويقدر عددها بنحو 3000 إضراب شارك فيها ملايين العمال، وهو ما كسر حاجز الخوف لدى المصريين». المرحلة الثانية والكلام لعباس «كانت مع بداية أحداث الثورة ففى مناطق مثل حلوان والمحلة والسويس، خرجت مظاهرات من عشرات الآلاف. إلا أن الأهم هو ما حدث يوم 30 يناير، عندما اجتمعت 4 نقابات مستقلة بالإضافة لممثلى عدد من المناطق الصناعية المهمة كالمحلة، فى ميدان التحرير للاتفاق على إنشاء اتحاد نقابات مستقل، وأطلقوا بيانهم الأول الذى تحدث عن مطالب الثورة والعمال. وجاء البيان الثانى، للاتحاد فى الثامن من فبراير وطالب العمال المصريين بالمشاركة فى الثورة». وتابع: «المرحلة الثالثة والحاسمة فى المشاركة، كانت دخولهم (العمال) كطبقة منظمة، فى 9 فبراير، إذ أضرب نحو 40 ألف عامل، فى معظم القطاعات المهمة، ويوم 10 فبراير عمت الإضرابات كل القطاعات بما فيها السكة الحديد، ومصانع تابعة لقناة السويس». الاتهامات التى وجهت للعمال بعدم المشاركة فى الثورة، ليست الوحيدة التى صوبت تجاههم. فما إن تحقق الانتصار وتنحى مبارك، حتى بدأت الانتقادات لتحركات العمال والموظفين، باعتبارها «ثورة مضادة»، بل وصل الأمر بالبعض للادعاء بأن من يقف وراءها هم فلول نظام مبارك الساعين لإجهاض الثورة. أمام هذه الاتهامات جاء رد عباس: «تم التعامل مع موضوع الاحتجاجات العمالية بشكل خاطئ من قِبَل بعض المسئولين والقوى السياسية، الذين قالوا إن المحرك وراءها هم بعض أيادى النظام السابق. السؤال المطروح هو، هل توجد ثورة فى العالم بدون بُعد اجتماعى؟ ماذا ننتظر من ناس يعيشون تحت خط الفقر منذ سنوات طويلة، وفى لحظة يكتشفون أن هناك من وصلت ثرواتهم لمليارات الدولارات، فى الوقت الذى رفضوا فيه رفع الحد الأدنى للأجور ل1200 جنيه.. العمال الذين تحركوا وما زالوا، خرجوا من أجل مطالب مشروعة». وقال المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية: «فى تصورى أنه حتى تكون المرحلة الانتقالية مؤهلة بشكل صحيح للوصول بنا لمجتمع الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فلابد من ضمان حق التنظيم والتعبير والحياة الكريمة. فما فجر الثورة كان الاستبداد والفقر. نحن بحاجة الآن لضمان مجتمع الفرص المتساوية بعد عقود من الحياة فى ظل نظام غير عادل كان يجعل من ابن الرئيس رئيسا ومن ابن الطبيب طبيبا، الخ». بعد انتصار الثورة بدأ السعى لتأسيس عدة كيانات عمالية من أجل تنظيم حركة الطبقة العاملة والضغط من أجل تحقيق المطالب الاجتماعية للثورة. فظهرت مبادرة لتأسيس حزب العمال الديمقراطى، وأُعلن عن ائتلاف عمال الثورة، بالإضافة لاتحاد النقابات المستقلة. عباس يرحب بكل مبادرات تنظيم الطبقة العاملة، إلا أنه يرى أن الاتحاد المستقل هو الفكرة الأقوى. «فكرة الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة أمل بعيد سعى له آباؤنا وأجدادنا، واليوم جاءت فرصة قوية لتحقيقه، خصوصا بعد الاعتراف الرسمى بحق تكوين النقابات المستقلة». كان الإعلان عن تأسيس النقابة المستقلة للعاملين بالضرائب العقارية فى ديسمبر 2008 هو بداية لمرحلة جديدة من العمل النقابى العمالى فى مصر، حيث تعد أول نقابة مستقلة عن اتحاد النقابات الرسمى الذى أنشئ فى 1957. ومنذ بدء فكرة إنشاء النقابات المستقلة، وهناك صراع مشتعل بينها وبين اتحاد العمال، الذى يتهمها بعدم الشرعية، فيما تتهم النقابات والحركات العمالية الاتحاد بعدم التعبير عن عمال مصر وبالفساد. «بعد انتصار الثورة قدمنا بلاغا للنائب العام معززا بالمستندات ضد رئيس اتحاد عمال مصر، حسين مجاور. أما عمال مصنع الحديد والصلب فقدموا بلاغا ضد رئيس النقابة العامة للصناعات الهندسية، صلاح هيكل. نحن نطالب المجلس العسكرى بالتحفظ على مستندات وأموال ومقار اتحاد العمال».