السيدة انتصار السيسي فى ذكرى نصر أكتوبر: أبطال سطروا بدمائهم أعظم ملاحم البطولة    في ذكري النصر .. تعرف علي استعدادات القوات المصرية لسحق جيش الاحتلال فى أكتوبر 1973    السيسي يوجه تحية ل الزعيم «السادات»: «ما وهبت حياتك من أجله.. لن يضيع هدرًا أو هباءً»    أكرم القصاص: كلمة الرئيس السيسى خلال ذكرى نصر أكتوبر تحمل رسائل مهمة    155 جنيها لكيلو البوري .. أسعار السمك اليوم الأحد في سوق العبور    أسعار السلع التموينية اليوم الأحد 6-10-2024 في محافظة الدقهلية    فيديو.. إرسال أطنان من المساعدات الإنسانية إلى لبنان    بمشاركة طارق شوقي.. تكني الإسكندرية تناقش بناء نظام تعليمي مرن    «الإسكان»: إعادة فتح باب التقدم لاستيفاء طلبات تقنين الأوضاع في صحراء الأهرام    البنوك إجازة اليوم بمناسبة ذكرى نصر 6 أكتوبر    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقى السفير السويدي وكبرى الشركات السويدية لدى مصر    ماذا يحدث في أمريكا بسبب إعصار هيلين؟.. رسائل كاذبة انتقدها البيت الأبيض (فيديو)    سفير فلسطين : التاريخ سجل موقف الرئيس السيسي الصلب أمام مخطط تهجير شعبنا    اكتشاف كبير.. اثنان من القتلة شاركا في تدمير الحياة قبل 66 مليون سنة    ميقاتي يشيد بدعوة الرئيس الفرنسي إلى الكف عن تسليم الأسلحة لإسرائيل    "عمر مرموش أساسياً".. موعد مباراة آينتراخت فرانكفورت وبايرن ميونخ والقنوات الناقلة    تشاهدون اليوم.. مواجهات قوية للمحترفين في الدوريات الأوروبية    "يصعب موقفه".. قرار صارم من حسين لبيب بشأن تجديد عقد زيزو    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 49 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    سحب منخفضة شمالًا.. الأرصاد تعلن توقعات حالة الطقس اليوم    مصرع 3 عناصر شديدة الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع الشرطة في قنا    ريهام عبد الحكيم تطرح أغنية «جيش وشعب» احتفالا بذكرى نصر أكتوبر    داخلية فلسطين تطالب المواطنين بعدم الاستجابة لتهديدات الاحتلال بالإخلاء    تجمع نجوم الفن.. 10 صور جديدة من حفل زفاف ابنة علاء مرسي    القاهرة الإخبارية: صفارات الإنذار تدوى فى مستوطنات شمال غلاف غزة    ابنة شقيق جورج قرداحي تكشف حقيقة مقتله في غارة إسرائيلية على بيروت    متصلة: خطيبي بيغير من الشحات في الشارع؟.. وأمين الفتوى يرد    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية كوم أشفين في قليوب ضمن مبادرة «أنت الحياة»    «الدواء» تحذر من عقاقير غير مطابقة للمواصفات.. بينها واحدا لعلاج نزلات البرد    أطعمة تخلصك من حموضة المعدة.. تعرف عليها    تفاصيل تفعيل دور صندوق الرعاية الاجتماعية للمعلمين    البالون الطائر يحلق بصور الرئيس السيسي للاحتفال بالذكرى 51 لنصر أكتوبر غرب الأقصر    تحرير 112 محضرًا تموينيًا بمركزي القوصية والبداري بأسيوط    دور الأهلى والزمالك فى مباراة الكرامة بذكرى نصر أكتوبر    اللواء المنصوري.. أطلق عليه الإسرائيليون «الطيار المجنون»    الإسكان: حملات على وصلات المياه الخلسة وتحصيل المتأخرات بالمدن جديدة    تبون: الجزائر دخلت في طريق التغيير الإيجابي وستواصل مسيرتها بثبات نحو آفاق واعدة    قوات الاحتلال تقتحم حي رأس العامود في سلوان وأغلقت مدخل عابود برام الله    الدكتور    مفتي الجمهورية: التيسير ورفع الحرج من أهم مبادئ الفتوى في دار الإفتاء المصرية    «ترانسفير ماركت» يكشف عن صفقة جديدة تقترب من صفوف الأهلي.. وقرار مفاجئ من سيراميكا بعد أزمة أحمد قندوسي| عاجل    «الإفتاء» توضح.. هل يجوز الأكل على ورق جرائد به آيات من القرآن؟    اليوم انطلاق معسكر منتخب مصر استعدادا لمواجهة موريتانيا.. تفاصيل برنامج الفراعنة.. موعد انضمام محمد صلاح.. و"بركة يا جامع" سبب أزمة بين أكرم توفيق وحسام حسن    نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    الأزهر: الأسلحة الدقيقة مصطلح صهيونى يستخدم فى تبرير جرائم القتل الجماعى .. من غزة إلى لبنان.. جرائم الكيان الصهيونى مستمرة    طريقة عمل البيتزا في البيت زي المحلات، وبأقل التكاليف    المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض: لقاح جدري القرود آمن تماما ولم يتسبب في حالات وفاة    الكشف موقف أحمد فتوح من المشاركة في السوبر الإماراتي    برج الميزان.. حظك اليوم الأحد 6 أكتوبر: جدد أفكارك    الكويت.. سحب جنسية 63 شخصا بينهم مزدوجان متهمان في قضية سرقة القرن العراقية    من دعاء النبي | اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي    رسميًا.. رابط منهج العلوم رابعة ابتدائي pdf والخريطة الزمنية للشرح    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المساكن بمنطقة حدائق القبة    جيسوس: الهلال السعودي قوي بدون نيمار    مصرع وإصابة 3 أطفال في تصادم دراجة بخارية وسيارة ملاكي بقنا    البيع تم قبل شهور.. مصدر مقرب يكشف مصير مطعم صبحي كابر    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسنى مبارك.. بطلًا
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 03 - 2011

هل يمكن أن تتحول مشاعر المصريين تجاه الرجل الذى ما زال يدعى حسنى مبارك؟ بعد كل ما فعله بنا طوال الثلاثين عاما الماضية، هل يمكن أن يظفر هو وعائلته بنظرة متعاطفة؟ الأمر غاية فى الصعوبة، خاصة بعد أن رأينا تغير قلوب الذين كانوا يعشقونه إلى كارهين له، فحتى المتظاهرون المصابون بمرض عشق الاضطهاد الذين خرجوا إلى ميدان مصطفى محمود وهم يهتفون له: «سامحنا يا والدنا»، تحولوا جميعا ضده بعد أن اكتشفوا حجم المبالغ التى سرقها وأخذوا يصرخون: «هات فلوسنا يا حرامى»، رغم ذلك كله فما زال من الممكن أن يفعل مبارك شيئا يبيض به وجهه كما يقول المثل، ويغير من مشاعرنا تجاهه.
ليس بالمظاهرات المضادة، ولا بمؤامرات رجال الحزب الوطنى الذين يخططون للعودة، ولا بفلول مباحث أمن الدولة الذين لا يكفون عن التحرش والوقيعة بين الثوار ورجال الجيش، ولكن أن يفعل الرئيس السابق شيئا يؤكد به الكلمات التى يتشدق بها كثيرا عن شرفه العسكرى، وعن شخصه كمقاتل لا يتخلى عن موقعه، ولا عن الأمانة التى يحملها، إضافة لكلماته الباكية عن رغبته فى أن يدفن فى ثرى مصر، كل هذا الهراء الذى كان يقوله فى أيامه الأخيرة، بينما كان فى الواقع مشغولا مع نجليه العزيزين بتحويل الأموال الكثيفة التى حصدها من قوت الشعب المصرى، إلى أماكن لا يمكن تعقبها، وتقول الرواية المتداولة إن مبارك اتصل بملك السعودية، ورئيس دولة الإمارات فى منتصف الليل ليقول لهم باكيا إن هناك مؤامرة على حياته، وإن الجيش يهدده حتى يترك السلطة، وكأنه كان لا يسمع جموع الشعب التى تطالب بخلعة، وطلب منهما أن يسمحا له بتخبئة نقوده فى خزائن بنوكهم بديلا عن البنوك الأوروبية التى تخضع للرقابة ولا تسمح القوانين لها بإبقاء أموال الطغاة دون تجميدها، وقد استجاب الحاكمان لهذا الرجاء، وسمحا بأن تفتح البنوك أبوابها فى منتصف الليل لتستقبل هذه الأموال التى تم تحويلها فى نفس الليلة، ووضعت تحت أسماء خفية بضمانة هذين الحاكمين، ربما لم تكن هذه الرواية دقيقة فى تفاصيلها ولكنها مؤكدة فى مضمونها، ولابد أنه حدثت فى العديد من الدول التى لا تخضع بنوكها للرقابة.
إن ثروة الرئيس مبارك وأسرته، حسب ما تقوله مصادر غربية، تتجاوز 70 مليار دولار، وهو مبلغ يفوق طاقة أى بشر، وهى أكبر من الأموال سلبتها أسرة محمد على بأكملها وعلى طول تاريخها، وهى أضعاف الغطاء الذهبى الذى سرقته بريطانيا من بنوك مصر أثناء الحرب العالمية الثانية، وأكبر مما استنزفته طوال سنوات احتلالها، من المستحيل أن تقدر أسرة مبارك على إنفاق حتى ولو عاشوا طويلا، يكفى أقل من عشر من هذا المبلغ ليعيشوا فى رغد، ولكننا حتى الآن لم نسمع ردا من هذه الأسرة ولا الذين يحيطون بها، لم ينفوا أنهم أخذوا، ولم يعترفوا أنهم يملكون، الرد الوحيد جاء هزليا من طرفين، من طرف مبارك عندما قدم عن طريق محاميه إقرار الذمة المالية الخاصة بالرئيس الذى يتضمن مبالغ مضحكة عن مرتبه الذى لا يتجاوز ال24 ألف جنيه، كأنه ما زال يعتقد أن هناك من يمكن أن يصدق هذا الهراء، ومن طرف الحكومة المصرية ومدعيها العام عندما أعلن عن تجميد أموال أسرة مبارك دون أن يتبع هذا القرار الصورى بأمر يمنع الأسرة الكريمة من السفر أو إلقاء القبض عليها، تصرف هزلى مضاد هدفه إلهاء الناس وليس السعى لتحقيق العدل واقتناص الحق الضائع.
أيا إن كان المبلغ المقدر لثروة الرئيس، فإن الجزء الأكبر منها مهدد بالضياع، سيضيع علينا كوطن وعليهم كأسرة، فضياع السلطة يستتبعه بالضرورة ضياع جزء كبير من هذه الأموال، ولعلنا نذكر ما حدث مع الملك السابق فاروق، ففى اليوم الذى تنازل فيه عن العرش، كانت ثروته فى بنوك أوروبا تقدر ب20 مليون جنيه، وعندما وصل إلى إيطاليا بعد ليلة واحدة كانت 10 ملايين من الجنيهات قد طارت من هذه الثروة، رغم أنها كانت متواضعة، ولا يمكن مقارنتها بالهرم الأكبر من الدولارات التى أخذتها أسرة مبارك من مصر.
فعملية تحويل مثل هذه المبالغ الضخمة فى الخفاء وبعيدا عن طائلة القانون تهددها دائما بالتسرب بعيدا عن مسارها وعن أيدى أصحابها، وعلى سبيل المثال فهناك مبالغ ضخمة من الأموال كانت الأسرة توظفها فى مشروعات تحت أسماء أناس يعملون تحت إمرتهم، وضمانهم الوحيد لاسترداد هذه الثروة هو بقاؤهم فى سدة السلطة، وكذلك الأمر مع السماسرة الذين كانوا يضاربون بأموال الأسرة فى البورصات العالمية، والعديد من الودائع الموجودة فى خزائن البنوك تحت أسماء أفراد أو شركات أو مؤسسات مالية، كل هذه الاستثمارات مهددة بالضياع بعد أن فقدت أسرة مبارك أنيابها، ماذا يمكنها أن تفعل عندما يستأسد عليها شركاؤها السابقون، ماذا تملك للدفاع عن أموالها وهى مطاردة بجرائم الفساد السياسى وقتل العزل ونهب الشعب، وكلها جرائم ضد الإنسانية وسوف تطال أفرادها إن عاجلا أو آجلا، فجرائم ثلاثين عاما من الإذلال للشعب المصرى لن تنقضى بهذا الأمر من السهولة، وخطورة الصمت والإنكار اللذين تعتصم خلفهما أسرة مبارك سيتسبب فى ضياع كمية ضخمة من الأموال التى سيتلقفها النصابون، ولن يطولهم أحد، وستسمح الأسرة بذلك بسرقة مصر مرتين، مرة حين قاموا هم بسرقتها، ومرة أخرى حين سمحوا لحفنة من السماسرة والوسطاء أن يسرقوها مرة أخرى.
إن أمام مبارك وأسرته فرصة نادرة لأن يبيضوا وجوههم، ويبيضوا أموالهم أيضا، عليهم أن يكشفوا للشعب المصرى عن مكان هذه الأموال وكيفية استردادها، وإذا كان الرقم المطروح 70 مليار دولار فيمكنهم أن يحصلوا منه على نسبة 20 % كما يقضى القانون أى حوالى 14 مليار دولار على سبيل مكافأة نهاية الخدمة أو عمولة من يدل على شىء، وهو ما زال مبلغا بالغ الضخامة، أقل من المبلغ الأصلى حقا، ولكنها نقود حلال، وبيضاء من غير سوء.
كل الذين قاموا بسرقات كبرى تركوا خلفهم شيئا يكفرون به عن ذنوبهم، المماليك الذين كانوا من أكبر اللصوص الذين حكموا مصر تركوا خلفهم آثارا من المساجد والتكايا والأسبلة والمدارس والمستشفيات، الرئيس حافظ الأسد الذى كان زميلا فى الطيران لحسنى مبارك تكفل بإعادة إعمار المسجد الأموى على نفقته الخاصة، وهو واحد من أعظم وأكبر مساجد العالم، وقد أنفق عليه مبالغ هائلة لدرجة أنه وضع أجهزة تدفئة تحت بلاط الأرضية البارد لتظل دافئة فى عز الشتاء، وزين العابدين بن على، رفيق درب الديكتاتورية، ترك خلفه خزائن ممتلئة بالأموال السائلة ما بين يورو ودولار، فماذا ترك لنا مبارك وأسرته، هل قاموا بمشروع خيرى، هل وهبوا من أموالهم صدقة تزكيهم وتطهرهم، حتى جائزة السيدة سوزان مبارك فى مهرجان القراءة للجميع عرفنا مؤخرا أن السيدة سوزان كانت تأخذها من خزائن الدولة على صورة جنيهات ذهبية، ولا أذكر أن أحدا من الفائزين قد تلقى جنيها واحدا من هذه السيدة الكريمة.
يمكن لمبارك يمكن أن يكون بطلا إذا كشف لنا عن أماكن هذه الأموال وترك لنا أمر استردادها، فهو فى موقف ضعيف لن يمكنه من ذلك، وسيسرقه الجميع عينى عينك لأنه لن يجرؤ على فتح فمه أو ملاحقة من يسرقه، فهذه الثروة أكبر من أن تختبئ وأكثر من أن تؤمَّن، وهو ليس فى حاجة فقط لأن ينقذ هذه الأموال التى ستضيع عليه، ولكن فى حاجة أيضا لأن ينقذ سمعته وشرفه العسكرى، فهو لن يستطيع أن يقيم دعوى قضائية أمام أى محكمة إذا سرقت نقوده لأنها أصلا مسروقة، نحن الشعب المصرى الذين لنا الحق الوحيد فى استردادها من أى كائن ما كان، لأننا نملك قوة الحق والشرعية التى ضاعت منه، يمكن لمبارك أن يسترد هذا الشرف الضائع، ويستطيع أولاده أن يستثمروا نصيبهم من الثرة التى ستبقى لهم بعيدا عن البنوك المشبوهة التى يتعاملون معها حاليا، ومن يدرى ربما يتذكر الشعب لمبارك هذه اللمسة من حب الوطن ويقابله بلمسة من التعاطف تخفف كثيرا من الحنق الذى نشعر بها جميعا تجاهه وتجاه أسرته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.