«آلاف الشباب والفتيات يتساءلون: البرادعى جاى واللا لأ؟، لجنة تفتيش على أبواب النقابة تطوعا من بعض الصحفيين».. كان هذا هو المشهد خارج نقابة الصحفيين مساء أمس الأول بالتزامن مع انعقاد ندوة «خريطة لمستقبل مصر بعد ثورة 25 يناير»، وهو المشهد الذى تشهده النقابة للمرة الأولى فى تاريخ ندواتها. فإعلان لجنة الشئون العربية والخارجية بالنقابة عن حضور مرشح الرئاسة، محمد البرادعى، أدى لتدافع الآلاف للدخول وحضور الندوة، رافضين ما تردد عن اعتذار البرادعى عن عدم الحضور وهو ما أكده الكاتب الصحفى، أحمد طه النقر، دون الإفصاح عن سبب غيابه. بدأت الندوة، التى شهدت مشادات كلامية بمعدل اشتباك كل دقائق، بإعلان منسق الجمعية الوطنية للتغيير، عبدالجليل مصطفى، رفضه التعديلات الدستورية، مبديا رغبته فى وضع «دستور جديد يكون عنوانه الأعلى هو الشعب»، حسب قوله. وطالب مصطفى بتكوين مجلس رئاسى يضم مدنيين وعسكريين، ثم انتخاب لجنة وطنية لوضع دستور جديد، ثم إجراء انتخابات برلمانية، تليها رئاسية. موضحا أنه كان من الممكن أن تقبل القوى الوطنية بالتعديلات الدستورية قبل 25 يناير، لكن بعد نجاح الثورة أصبح وضع دستور جديد مطلبا لا تراجع عنه. «أنا أختلف مع عبد الجليل مصطفى، وأؤيد التعديلات الدستورية خلال الفترة الانتقالية، بشرط إجراء الاستفتاء عليها بوجود مجلس رئاسى عسكرى ومدنى لإنهاء حالة الرعب التى تسيطر على الشعب من عدم إلزام الرئيس القادم بوضع دستور جديد»، رأى مخالف قاله السفير محمد رفاعة الطهطاوى، وكان الحلقة الأولى فى سلسلة الاشتباكات التى شهدتها الندوة. حيث سادت حالة من الضيق وبدأ عدد من الشباب فى الوقوف لإعلان رفضهم رأى السفير، فاضطر الروائى علاء الأسوانى إلى التدخل: «لازم نحترم رأى بعض، عشان ثورتنا كان هدفها نشر الديمقراطية». وبرر الطهطاوى رأيه هذا بأن الظرف لا يسمح لوضع دستور جديد، كما انتقد اللجنة القانونية التى قامت بالتعديلات الدستورية متسائلا: «كيف يعطون لأنفسهم حقا إلهيا للتحدث باسم الشعب وهو لم يخترهم من الأساس، بل فُرضوا عليه». وطالب الطهطاوى الشعب بالتزام الهدوء ومنح الجيش ومجلس الوزراء فرصة للعمل وتحقيق المطالب لفترة تتراوح ما بين أسبوعين وشهر، وأن تعود الشرطة إلى الشارع بعد إصلاحها ومحاسبتها على الجرائم التى ارتكبتها خلال حكم النظام السابق. مؤكدا أن قوى الثورة مازالت متأهبة للعودة إلى ميدان التحرير فى حال عدم تنفيذ مطالب الثوار «فالقدرة على النزول إلى الشارع ما زالت موجودة». وضجت الصالة بالتصفيق عندما وصف أحد الحضور الأسوانى ب«الرجل الذى أسقط شفيق أقوى صامولات النظام السابق» فرد عليه النقر: «عندما ترى أحد الأشخاص يتحدث بإخلاص متجرد وحب البلد يملأ قلبه فحينها يستقيم الموقف رغم اختلاف الألفاظ». «أحيى محمد البرادعى زعيم الثورة وأكثر المساهمين فى ثورة 25 يناير وملهم شبابها».. جملة مقتضبة قالها النقر كانت كفيلة بإشعال حالة غضب وفوضى فى القاعة، حيث رفض عدد من الشباب ما سموه ب«سرقة مجهود شباب الثورة ونسبه للبرادعى وتحويل الندوة التى غاب عنها إلى دعاية له كمرشح للرئاسة»، كما انسحب الفنان إيمان البحر درويش اعتراضا على النقر. لكن النقر لم يعبأ بثورة الغضب داخل القاعة وارتفع صوته: «أعتذر للبرادعى عن كل الإهانات التى تعرض لها فى الصحافة المصرية فهو إنسان محترم»، وحينها تطور الأمر إلى صعود شابين إلى المنصة محاولين الاشتباك بالنقر والأسوانى وعبد الجليل، وحاولت الناشطة والصحفية نور الهدى زكى تهدئة الشباب الذين هتفوا «سلمية.. سلمية» وقالت: «الندوة مش هتبوظ وهتكمل غصبا عن أى حد ومش هنجّح مخططكم». ثم أحاط بعض الشباب بالمنصة وأنزلوا الشابين بالإكراه، ونجح علاء الأسوانى فى تهدئة الوضع حينما قال: «الثورة دى بتاعت شباب مصر وهما اللى عملوها وكل الفضل يعود لهم، وأطالب الشباب بعمل لجان شبابية لحماية الندوة من الفشل زى ما كانوا بيحموا التحرير من بلطجية النظام السابق»، وبالفعل عاد الهدوء إلى القاعة. واتهم الأسوانى من وصفهم ب«المدسوسين من الحزب الوطنى أمن الدولة» بمحاولات إفساد الندوة، محذرا من الثورة المضادة التى تحاول إفساد صورة الثورة المصرية والإيقاع بين الجيش والشعب من خلال تحريك أجهزة الأمن للكتلة غير الفعالة فى المجتمع لإجهاض الثورة. وحذر الأسوانى مما سماه بإطلاق سراح ضباط أمن الدولة فى الشارع الذين يمتلكون الأسلحة والبلطجية وأموال الحزب والتنظيمات السرية وملفات سرية عن المؤسسات الحيوية فى مصر، بالإضافة إلى عملاء منتشرين فى كل النواحى، منوها إلى إطلاعه على وثائق رسمية من أمن الدولة تؤكد وجود عملاء للجهاز داخل حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين والسلفيين والكنيسة وحركة كفاية. وطالب الروائى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالقبض الفورى على أفراد الجهاز «القمعى» قبل أن يتحولوا إلى ميليشيات، لأن كل المنتمين له يعانون أزمة شعور بالامتياز عن بقية الشعب، ويحاربون بكل قوتهم لضمان وجودهم فقط ولاسترداد كرامتهم. وأشاد بوزير الداخلية الجديد ووصفه بالمحترم. وتساءل: «لماذا خرجت علينا تلك الأفاعى بعد يوم واحد من استقالة شفيق، وإشمعنا افتكروا موضوع الولد والبنت بتوع أطفيح دلوقتى؟». وانتقد الروائى ما يتردد عن صعوبة انتخاب لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد فى الوقت الراهن والظروف التى تشهدها البلاد، متسائلا: «أمال إزاى هيعملوا استفتاء شعبى على التعديلات الدستورية فى نفس الظروف؟». وطالب الأسوانى الشعب بالمشاركة فى الاستفتاء لكن أن يعلنوا رفضهم لها «لأنها الطريقة الوحيدة التى ستجبر المجلس العسكرى ورئاسة الوزراء بعمل دستور كامل». معتبرا تلك التعديلات تبعث دستور 1971 من القبر وتمنح الصلاحيات الكاملة للرئيس الجديد وهو ما يعنى صناعة فرعون جديد. ووصف التعديلات الحالية بالمشوهة والمليئة بالعيوب، مطالبا بانتخاب لجنة تأسيسية لدستور جديد والدعوة لتشكيل مجلس رئاسى.