بلينكن يبحث مع نظيريه القطري والسعودي مرحلة ما بعد اغتيال السنوار    هل يمكن إلغاء الجزاءات التأديبية على الموظف؟.. القانون يجيب    تعيين د. حمدى إبراهيم عميداً مؤقتاً لكلية الزراعة بجامعة المنيا    خطوات تحميل الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية لجميع المراحل الدراسية    شعبة المواد البترولية تنفي زيادة أسعار الوقود وتؤكد عدم صدور قرارات رسمية    عيار 21 يرتفع لأعلى سعر.. أسعار الذهب اليوم الجمعة بالصاغة عقب قرار البنك المركزي    إنهاء كافة الاستعدادات للاحتفال بمولد العارف بالله إبراهيم الدسوقي    الأزهر ينعى أبطال المقاومة الفلسطينية ويدين صمت المجتمع الدولى    ماكرون يطالب إسرائيل بوضع حد لعملياتها العسكرية في لبنان    "حزب الله" يعلن الانتقال إلى مرحلة جديدة ويكشف عن خسائر الجيش الإسرائيلى    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 5 من القوات الخاصة بكتيبة جولاني في لبنان    خالد الغندور يكشف كواليس استبعاد حسام أشرف وندياى من قائمة الزمالك المشاركة فى السوبر المصري    رابطة الأندية تكشف ملامح لائحة عقوبات الدوري للموسم الجديد    رسالة نارية من كولر للاعبي الأهلي قبل السوبر المصري.. خالد الغندور يكشف    اليوم انطلاق مباريات الجولة الثانية بمجموعتي الصعيد في دوري القسم الثاني «ب»    السيطرة على حريق أسفل كوبري خزان إسنا الجديد جنوب الأقصر (صور)    «عودة الأمطار».. الأرصاد تكشف موعد وصول نوة رياح الصليب مصر وتحذر من الطقس اليوم    «بوست دماغها».. أول تعليق من محمود شاهين على إحضار زوجته «راقصة» في عيد ميلاده    بعد ساعة من طرحها.. حذف آخر أغاني ألبوم شيرين عبدالوهاب الجديد (تفاصيل)    نجوم الأوبرا يتألقون بألحان الموسيقار محمد الموجى فى مهرجان الموسيقى العربية    سوسن بدر تتحدث عن تجربتها مع التدخين: «خدت القرار إني أبطل في ثانية» (فيديو)    أمين الفتوى: تركيب الرموش والشعر "الاكستنشن" للزوج فقط    طريقة عمل كوكيز الشوكولاتة، باحترافية زي الجاهز    «عكاوي» يناقش خطوات تفعيل النظام الألكتروني لحجز تذاكر العيادات الخارجية    أستاذ باطنة: ارتجاع المريء يتحول لمرض مزمن فى هذه الحالة    لجنة تقييم المتقدمين لشغل الوظائف القيادية تتختم أعمالها    2 مليون زائر في الليلة الختامية لمولد السيد البدوي    من" يحيى عياش" إلى يحيى السنوار ..أبرز قادة حماس الذين اغتالهم الكيان الصهيونى    دينا عن تعدد زيجاتها: "مش أكتر من تحية كاريوكا واتجوزت كتير عشان مصاحبتش"    دلالة على قوة مصر.. وزير الري الأسبق يكشف لمصراوي مكاسب أسبوع القاهرة للمياه    نشرة التوك شو| تصفية السنوار وأصداء الافتتاح التجريبي للمتحف المصري الكبير    ضبط شخص يدير كيانًا تعليميًا بدون ترخيص في الدقي    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارتين على طريق بنها الحر    محافظ الإسماعيلية يشهد احتفال العيد القومي (صور)    تحرك برلماني بشأن قصور مركز المعلومات في أداء دوره المنوط به    النيابة العامة تذيع مرافعتها في قضية مقتل «رضيعة» على يد والديها| فيديو    خاص| ماذا قال مساعد القائد العام للجيش السوداني عن الإسلاميين في السودان؟    استمرار غياب طارق حامد حتى نهاية أكتوبر    يد - انتصارات مصرية في دوري أبطال أوروبا.. وإصابة مرعبة    محمد فاروق: الاستعانة بخبير أجنبي لرئاسة لجنة الحكام «مشروط»    وزارة الرياضة: وجدنا مخالفات في بعض الاتحادات تم تحويلها إلى النيابة    وزارة الصحة الفلسطينية تدين اعتداء المستوطنين على سيارة إسعاف قرب قلقيلية    تقرير أممي: ما يقرب من نصف فقراء العالم يعيشون في مناطق الصراع    البنك الدولي: ألبانيا تحافظ على نموها الاقتصادي في 2024    الإمارات تطلق مسرّع تكنولوجيا التجارة العالمية    لمدة 30 يوماً.. غلق كلي لنفق محمد نجيب أسفل الدائري الأوسطي    السجن المشدد 6 سنوات لعامل مدان بالإتجار في المخدرات بكفر الشيخ    المتسابق موريس يبهر فريق برنامج كاستنج.. وعمرو سلامة: "هايل.. ايه الحلاوة دي"    حذف أغنية "ابتسمت" ل شيرين عبد الوهاب بعد طرحها بدقائق    بطريرك الروم الأرثوذكس يختتم زيارته الرسمية بقبرص.. صور    أسعار الفراخ الساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 18 أكتوبر 2024    أشهر جزار في الدقي "سارق كهرباء".. ما القصة؟ (صور)    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 18 أكتوبر 2024    محمد ممدوح: محمود عبد العزيز بكى بعد دوري ب«جراند أوتيل».. ومنى زكي مدرسة في التمثيل    أستاذ بجامعة الأزهر: هذه الأمور لتفوز بساعة الاستجابة يوم الجمعة    هل تزين المرأة بالرموش والاكستنشن جائز شرعًا؟.. أمين الفتوى يوضح    حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 122 مليون خدمة مجانية خلال 77 يوما    تقسيم ذهب الأم بعد وفاتها: الأحكام الشرعية والإجراءات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نحن على مشارف تعديلات دستورية جديدة؟
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 05 - 2009

خضع الدستور المصرى الدائم منذ إعلانه فى 11 سبتمبر 1971 بتوقيع الرئيس السابق أنور السادات، لمرات ثلاث من التعديل: الأولى فى 22 مايو 1980 فى عهد الرئيس السادات، والثانية فى 25 مايو 2005 والثالثة فى 26 مارس 2007 وكلتاهما فى عهد الرئيس حسنى مبارك. وتعد المرة الأخيرة هى الأكبر والأوسع بين المرات الثلاث، حيث تم تعديل 34 مادة من الدستور مرة واحدة بدون إضافة أى مواد جديدة، فقد ظل عدد مواده 211 مادة، مع تغيير عنوان الفصل السادس من الباب الخامس الذى يدور حول «نظام الحكم» من «المدعى العام الاشتراكى» إلى «مكافحة الإرهاب». أما التعديل الأول فقد شمل إضافة 18 مادة جديدة للدستور ليرتفع عدد مواده من 193 مادة إلى الرقم السابق بعد إضافة باب سابع إليه بعنوان «أحكام جديدة» شمل فصلين أحدهما مخصص لمجلس الشورى والثانى لسلطة الصحافة، بينما تم تعديل 5 مواد أخرى كانت قائمة فيه. وأتى التعديل الثانى ليكون أضيق التعديلات الثلاثة التى عرفها الدستور المصرى الدائم، حيث شمل فقط المادة 76 المتعلقة بطريقة اختيار رئيس الجمهورية وتحويلها من الاستفتاء على مرشح واحد إلى الانتخاب بين عدد من المرشحين.
وفى المرات الثلاث التى عدل فيها الدستور كانت هناك دوما خصائص ثلاث أيضا تلازم التعديل: الأولى، أن اقتراحه يأتى دوما من رئيس الجمهورية ولم يأت فى أى مرة من جانب أعضاء مجلس الشعب الذين تعطيهم نصوص الدستور نفسه حق التقدم باقتراحات لتعديله، واقتصر دورهم فى كل مرة على «تنفيذ» اقتراحات الرئيس دون أى تغييرات تذكر فيها كما حدث فى المرة الأخيرة حيث تمت إضافة فاصلة إليها وإضافة بعض الفقرات إلى بعضها الآخر. أما الخاصية الثانية التى لازمت التعديلات الدستورية الثلاثة فهى انخفاض نسبة المشاركة الشعبية الحقيقية فى الاستفتاء عليها بما لا يزيد أبدا على 10% من الناخبين المقيدين بالرغم من ادعاءات الحكومة أنها كانت تزيد دوما على 50% منهم وأن غالبيتهم الساحقة بما يتجاوز دوما حاجز التسعين فى المائة قد وافقوا على التعديلات، بما يعنى أننا كنا دوما أمام تعديلات دستورية لا سند لها فى الواقع الاجتماعى المصرى وأن دور الناخبين فقط هو منحها الشرعية الشكلية التى تبرر تمريرها.
من ناحية ثالثة كانت التعديلات الدستورية فى المرات الثلاث تصب فى جوهرها الحقيقى، وهو ما يجعله سببها أيضا الحقيقى، فى تدعيم صلاحيات السلطة التنفيذية وعلى رأسها بصورة أخص صلاحيات رئيس الجمهورية بصورة من الصور. ففى إعلان الدستور الدائم نفسه كان الغرض الرئيسى هو أن يؤسس الرئيس السادات لسلطته الجديدة بعد انقلابه على خصومه فى 15 مايو 1971 ويضع ملامح مختلفة للنظام السياسى الجديد الذى يقوده وتتباين بوضوح مع ملامح النظام السياسى للرئيس جمال عبدالناصر. كذلك كان الأمر فى التعديل الأول الذى كان الهدف الرئيسى منه هو فتح عدد مدد تولى الرئاسة أمامه بعد أن كان النص القديم قد حصرها فى مرتين فقط، وهو ما استلزم تمريره أن يغرى الرئيس السادات المصريين للموافقة عليه بتعديل نص المادة الثانية من الدستور لتصبح الشريعة الإسلامية «المصدر الرئيسى للتشريع» بعد أن كانت واحدة من مصادره فى النص القديم. وفى المرة الثانية التى جرى فيها تعديل المادة (76) لتجعل اختيار رئيس الجمهورية بالانتخاب بين عدة مرشحين وليس بالاستفتاء، تم إغلاق باب هذا الانتخاب عبر النص الجديد بالغ الطول والتعقيد والغرابة والذى بات فى حقيقته يحظر الترشيح للرئاسة أكثر مما يبيحه، مما جعل رئيس الجمهورية الحالى ومن سيخلفه هو المرشح الوحيد الواقعى لأى انتخابات رئاسية. وفى التعديل الثالث والأخير تدعمت ليس فقط سلطات رئيس الجمهورية، بل أيضا السلطة التنفيذية كلها فى مواجهة السلطتين التشريعية والقضائية، بل الشعب نفسه، فأضحى للرئيس على سبيل المثال سلطة حل مجلسى البرلمان دون أى استفتاء شعبى أو رقابة من أى نوع وأضحى رئيس الوزراء هو الذى يتولى صلاحيات رئيس الجمهورية فى حالة غيابه المؤقت أو الدائم كما أقصى القضاة عن أى إشراف أو رقابة حقيقية على العمليات الانتخابية.
وعلى الرغم من أن التعديلات الدستورية الأخيرة قد حققت حتى الآن لحكومة الحزب الوطنى ونظامه السياسى الأهداف الرئيسية التى مثلت الأسباب الحقيقية لها، فإن هناك فى الآونة الأخيرة عديدا من الإشارات القادمة من داخل الحزب والحكومة بأننا على مشارف تعديل دستور رابع لاستكمال بعض الأهداف نفسها أو لتحقيق أهداف جديدة.
فالإشارات توضح أن التعديلات هذه المرة سوف تتجه أيضا إلى المادة (76) الشهيرة لإضافة نصوص جديدة إليها تغلق من ناحية أى إمكانية لتقدم مرشحين جادين لرئاسة الجمهورية سواء من جانب الأحزاب التى تعطيها المادة الحالية هذا الحق أو من جانب المستقلين الذين تضيق عليهم الخناق إلى درجة التعجيز، وهو على الأرجح الهدف من التعديل القادم الذى سيتجه أكثر إلى مزيد من الشروط التعجيزية لتشريح المستقلين. والواضح أن الكامن الحقيقى وراء مثل هذا التضييق المحتمل على ترشيح المستقلين هو ما تتداوله حاليا بعض الأوساط العليا فى الحزب الحاكم من أن جماعة الإخوان المسلمين، التى وضع النص الحالى الخاص بترشيح المستقلين خصيصا لها، قد باتت أقرب مما يتصوره الكثيرون من تخطى حاجز ال250 توقيعا المطلوبة لتقديم مرشح مستقل تابع لها من أعضاء مجلسى الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية. كذلك فإن إشارات أخرى توضح أنه ربما يمتد تعديل المادة (76) إلى منح الحزب الذى يتولى الحكومة بعض الاستثناءات فيمن يحق له ترشيحهم لانتخابات الرئاسة بضم بعض المسئولين التنفيذيين وبخاصة رئيس وأعضاء مجلس الوزراء إلى أعضاء الهيئة العليا للحزب الذين يعطيهم النص الحالى حق الترشيح بشرط مرور عام على الأقل على عضويتهم فيها. وربما يكون الهدف من ذلك التعديل هو فتح الباب أمام ترشيح واحد من هؤلاء لانتخابات الرئاسة القادمة باسم الحزب الحاكم عوضا عن أن يضطر إلى الترشيح مستقلا بسبب نص المادة الحالى، بما قد يؤدى إلى أن يصبح الرئيس الجديد «مستقلا» وهو ما يمثل خطرا حقيقيا على بقاء الحزب الوطنى نفسه فى المستقبل. وقد يكون وراء هذا التعديل بذلك المعنى تصور لمستقبل رئاسة الدولة مخالف لسيناريو التوريث الشائع ولعدم وجود من يصلح للترشيح لها بعد الرئيس مبارك من بين أعضاء الهيئة العليا للحزب الوطنى والبالغ عددهم 39 شخصا.
كذلك فمن الوارد أن تتجه التعديلات الدستورية القادمة إلى إعادة صياغة المادة (62) التى تم تعديلها فى المرة الأخيرة بما يفتح الباب أمام تعديل النظام الانتخابى ليكون فرديا أو بالقائمة الحزبية وبإضافة نسبة تمثيل للمرأة فى مقاعد البرلمان. والأرجح أن هذا التعديل سيكون من أجل تفادى التناقض المحتمل بين «تخصيص» مقاعد للمرأة وبين نص المادة (40) من الدستور التى تنص على أن: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة»، بما قد يجعل أى مجلس برلمانى منتخب على أساس نصها الحالى موضعا لمطاعن دستورية يمكن فى حال قبولها أن تطيح بهذا المجلس. والأرجح أن الهدف الحقيقى من وراء هذا التعديل المحتمل هو تأكيد نسبة مقاعد المرأة المشار إليها بما يوصل رسائل يبدو أن النظام الحالى حريص للغاية عليها إلى الأطراف الخارجية وبخاصة الإدارة الأمريكية بأنه جاد فى الإصلاحات السياسية وبخاصة ما يتعلق بعدم التمييز بين الرجل والمرأة وهو ما يحتل أولوية أمريكية وغربية يعلمها ذلك النظام جيدا.
فى كل الأحوال تظل التعديلات الرابعة فى الدستور الدائم منذ إعلانه حتى الآن مجرد إشاعات وتخمينات لن يحسم حقيقتها سوى أن يعلن عنها كالعادة رئيس الجمهورية بصورة مفاجئة. والسؤال الذى يظل دوما قائما هو: هل يمكن للنظام السياسى المصرى أن يحترم ولو لمرة واحدة شعبه وقواه السياسية ويفصح عن حقيقة تلك الإشاعات والتخمينات وأن يعلن على المصريين فى وقت مبكر إذا ما كنا بالفعل على مشارف تعديلات دستورية جديدة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.