بينما تسقط المدن الليبية واحدة تلو الاخرى فى ايدى الثوار، يبدو المشهد فى العاصمة طرابلس مختلفا، حيث يسود هدوء حذر المدينة التى تشهد قبضة امنية حديدية من قبل كتائب معمر القذافى الأمنية، فيما لا يبدو امام اهالى طرابلس العزل من السلاح اى حيلة للاطاحة بالزعيم المتحصن فى قلعة باب العزيزية سوى انتظار «ضربة جوية» لهذه المنطقة. ففى اتصال هاتفى مع «الشروق» من طرابلس، قال شاهد عيان، يدعى طلال عبدالحميد، إن الوضع فى المدينة هادئ جدا مع حذر، حيث يفضل معظم السكان المكوث فى بيوتهم؛ خشية استهدافهم من قبل الكتائب الامنية والمرتزقة. ومضى قائلا إن الكتائب الأمنية أقامت نقاط تفتيش فى اماكن كثيرة داخل العاصمة كما تنتشر فرق استطلاع على تخوم المدينة لمنع تسرب السلاح الى الداخل، مضيفا أن طرابلس خالية من السلاح تماما، فيما عدا ذلك الذى بيد المرتزقة والكتائب الأمنية المحيطة بقصر العزيزية المحصن. وشدد على أن «الوضع غير متكافئ تماما.. فالناس العزل يواجهون قوات مسلحة بعتاد ثقيل.. الشباب ليس أمامه سوى التظاهر سلميا وبحذر، فيما يقبع الاهالى فى دوامة من الرعب بسبب المرتزقة المنتشرين فى كل مكان». ونقل عبدالحميد: «أحاديث كثيرة تدور بين الاهالى حول ضرورة تدخل دولى لانقاذ طرابلس من قبضة القذافى.. ليس لدينا أمل سوى أن يقوم المجتمع الدولى بقصف باب العزيزية، هذه القلعة المدججة بالسلاح، عبر غارة جوية»، مشيرا فى الوقت ذاته الى أن «اى تدخل دولى برى سيعتبره الليبيون احتلالا وسينتفضون ضده». وحول الجموع المؤيدة للقذافى، التى ظهرت فى آخر فيديو أذيع له، قال إن «معظم هؤلاء ليسوا من ابناء طرابلس.. و ألف سجين جنائى تم اطلاقهم من السجون فى العاصمة وتم تسلميهم سيارات وأموالا لتأييد القذافى ومهاجمة المتظاهرين». وأضاف أنه رأى بعينه «طائرات هليكوبتر عليها العلم الجزائرى تنقل مرتزقة افارقة الى داخل العاصمة، كما ينتشر مرتزقة من ذوى البشرة البيضاء وتماثل هيئتهم الصرب أو اليوغسلاف»، على حد قوله. وقد اعترفت كينيا أمس الأول على لسان قائد قواتها الجوية، رجيب فيتونى، بارسال خمسة آلاف من المرتزقة على متن طائرات عسكرية ليبية منذ الرابع عشر من الشهر الجارى، بحسب صحيفة «ناشن» الكينية. من جانبه، أعرب رئيس جهاز المراسم الليبية العامة السابق نورى المسمارى عن اعتقاده بأن القذافى يشعر بتهديد على حياته من بعض المقربين منه. وأضاف المسمارى فى مقابلة مع مجلة «فوكوس» الألمانية إن «القذافى ارتدى فى خطابه التليفزيونى الأخير سترة واقية من الرصاص وخوذة واقية للرأس تحت عمامته.. يبدو أن القذافى لا يشعر بالأمان أمام حاشيته وفريق التليفزيون الرسمى». وحذر المسمارى من «عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات القذافى»، مضيفا أن «هناك مذابح تحدث فى ليبيا فى كل يوم وكل لحظة.. القذافى لا يعرف شيئا سوى العنف عندما يتم تضييق الخناق عليه، يبدو عليه حاليا التوتر الشديد ويعانى مشكلات صحية ويتصرف مثل شخص فقد القدرة على التفكير السليم». يذكر أن المسمارى فر إلى فرنسا فى ديسمبر الماضى بعد خلاف مع أبناء القذافى، ولم يستبعد المسمارى استخدام القذافى أسلحة كيميائية فى التصدى للمظاهرات الشعبية فى بلاده. وفى أحدث حلقة من مسلسل الانشقاقات عن النظام الليبى، انضم قائد عمليات القوات الخاصة فى الجيش الى الثوار، داعيا ضباط وجنود سلاحه الى الانضمام للثورة. كما أعلن المندوب الليبى الدائم فى الاممالمتحدة عبد الرحمن شلقم تبرؤه من نظام القذافى، وهو ما فعله أيضا مساعده ابراهيم الدباشى. ودعا المندوب، الذى كان حتى الجمعة الماضية وفيا للقذافى، ومجلس الامن الى انقاذ بلاه، قائلا: «ارجوكم، ارجوكم، اعتمدوا قرارا شجاعا». ولا تزال المشاورات مستمرة فى مجلس الامن لاقرار مشروع قرار لفرض عقوبات على النظام الليبى، يشمل حظرا للاسلحة ولسفر العقيد القذافى وتجميدا لارصدته، ويتوعد بإحالة مرتكبى اعمال العنف فى ليبيا الى المحكمة الجنائية الدولية.