قد تدفع الثورات التي يشهدها العالم العربي المستثمرين إلى تقليص مراكزهم في دول الخليج الغنية والمنتجة للنفط في الأجل القصير، لكن دولا أكثر استقرارا مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر قد تستفيد من التحول في تدفقات رأس المال. وتجتاح احتجاجات حاشدة دولا عربية تعاني فقرا مدقعا وبطالة، حيث أطاحت برئيسي مصر وتونس، وباتت تهدد الزعيم الليبي معمر القذافي الذي يحكم منذ أكثر من 40 عاما، كما أوقدت شرارة احتجاجات للأغلبية الشيعية في البحرين على حكامهم السنة. وتسببت أسابيع من عدم التيقن الآخذ بالاتساع في ارتفاع تكاليف التأمين على الديون وعوائد السندات الحكومية في أنحاء الخليج أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم، في حين تشهد الأسهم والعملات -ومعظمها مربوط بالدولار الأمريكي- تقلبات. وقالت دينا أحمد، محللة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى "بي. إن. بي باريبا": "تتعرض المنطقة ككل لدرجة من التدفقات الرأسمالية إلى الخارج، من الصعب تقدير حجمها، لأن البيانات تأتي متأخرة جدا". وقال جابرييل سترن، كبير الاقتصاديين لدى أكزوتيكس في لندن: "هناك خطر محدود لتدفقات متواضعة إلى الخارج، لاحظنا عوائد سندات البحرين ترتفع قليلا". وقفز عائد السندات الإسلامية للبحرين استحقاق 2014 إلى 3.9%، وهو أعلى مستوياته منذ مايو الماضي، في حين يقول مصرفيون، إن من المرجح أن تؤجل المملكة إصدار سندات سيادية، مزمعا بقيمة مليار دولار. ودفعت المخاوف من استمرار الاضطرابات والمظاهرات السياسية في البحرين ستاندرد اند بورز إلى خفض تصنيفها الائتماني للدولة يوم الاثنين. وحتى قطر التي تتمتع بأحد أكبر معدلات نصيب الفرد من الناتج الاقتصادي في العالم، يبلغ نحو 75 ألف دولار، والتي لم تشهد احتجاجات مناهضة للحكومة ارتفعت تكاليف التأمين على الديون لمدة 5 سنوات إلى أعلى مستوياتها في عام، عندما سجلت 113 نقطة يوم الاثنين. وقال سايمون وليامز، كبير الاقتصاديين لدى بنك "إتش. إس. بي. سي" في دبي: "رغم أن مخاوف (المستثمرين) ستنصب على الدول التي تشهد اضطرابات أتوقع أن يراجع البعض خططه للمنطقة ككل." وتشهد أسواق الأسهم الخليجية توترات، وقد عاودت التراجع صوب المستويات المتدنية التي سجلتها في يناير، مع اتساع نطاق الاضطرابات الشعبية لتشمل البحرين وليبيا، بينما مرت الأسواق الآجلة للعملات بتقلبات حادة. ويتوقع المحللون تفاقم الضغوط على العملات إذا استمرت المصادمات الدموية في ليبيا، ومع قيام سفن حربية إيرانية بعبور قناة السويس. لكن الأخطار السياسية المرتفعة في بعض أجزاء العالم العربي وأسعار النفط القوية البالغة نحو 90 دولارا للبرميل قد تجعل أيضا بعض المستثمرين يحولون استثماراتهم إلى الدول الخليجية الأكثر استقرارا. وقال مستثمر سندات مقيم في لندن: "وجهة نظرنا هنا هي أن علاوة سعرية للأخطار السياسية قد ارتفعت بوضوح في أنحاء المنطقة، لكننا نفرق بقوة بين أماكن مثل الإمارات، حيث النظام السياسي بوجه عام أكثر استقرارا بكثير، ومثل قطر أيضا." وقال: "إذا أردت البقاء في الشرق الأوسط فإنك تنتقل من البحرين إلى الإمارات أو إلى قطر، لكنني لست واثقا من أنك مضطر إلى الانتقال بالكامل." وارتفعت عوائد السندات القياسية لكل من قطر وإمارة أبو ظبي رغم بقائهما بمعزل عن الاضطرابات، حيث تعيش أعداد السكان الصغيرة في رغد بفضل إيرادات النفط. وقال مسؤول مصرفي كبير في البحرين: "نتلقى بالتأكيد بعض الاستفسارات وخاصة من المستثمرين الأجانب بشأن تحويل الاستثمارات إلى أجزاء أخرى من الخليج".