أثارت محاولة «بو عزيزى المصرى» المواطن عبده عبدالمنعم الذى أقدم على الانتحار حرقا أمس الأول احتجاجا على حرمانه من حصة الخبز المدعم لمطعمه، ردود فعل متباينة داخل أوساط رموز المعارضة، والنشطاء الحقوقيين، ففى حين حذر البعض من تكرار سيناريو الثورة التونسية فى مصر استبعد آخرون هذا الطرح، مؤكدين أن الحالة المصرية مختلفة. ووصف البرلمان الشعبى الحادث بأنه بمثابة تكذيب عملى لكل ادعاءات النظام حول تحسن الأحوال الحياتية للمصريين، والتطور الإيجابى المزعوم بمؤشرات الاقتصاد المصرى فى الفترة الأخيرة. ودعا «الشعبى» فى بيان صدر أمس إلى مواجهة ما سماه ب«بؤس الواقع المصرى الراهن، من خلال اتحاد كل أبناء الشعب فى النضال من أجل تغيير جذرى للأوضاع المتردية الراهنة، ومن أجل بناء نظام سياسى قادر على وضع حلول عملية حقيقية لما تواجهه البلاد من كوارث وتحديات». عضو البرلمان الشعبى، سعد عبود، أرجع إشعال عبدالمنعم النيران فى نفسه لزيادة الفقر والتفاوت الطبقى الكبير، مشيرا إلى أن الاحتجاج فى مصر تأخر كثيرا، ونافيا أن يكون الحادث فتيلة إشعال ثورة مصرية مشابهة لثورة تونس. وقال عبود «على الرئيس مبارك ألا يرشح نفسه أو نجله فى انتخابات الرئاسة المقبلة وذلك قبل أن يرحل ولا يجد عاصمه تستقبله، وعليه أن يشكل جمعية منتخبة لوضع دستور توافقى يوافق عليه الشعب أيضا على أن تجرى هذه الجمعية انتخابات نزيهة بضمانات دستورية». واتفق معه نائب رئيس حزب التجمع، أنيس البياع، الذى أكد أن سيناريو ثورة الياسمين لا يمكن تكراره فى مصر لاختلاف الظروف بين الدولتين. ودعا البياع قوى المعارضة المصرية إلى الدعوة لجبهة ديمقراطية تضم جميع التيارات، مطالبا إياها بتحديد بعض المطالب ورفعها مباشرة لرئيس الجمهورية يكون فى مقدمتها وضع دستور جديد للبلاد وتشكيل حكومة انتقالية تضم جميع التيارات السياسية، بالإضافة لحل مجلسى الشعب والشورى والدعوة لانتخابات جديدة. كما استبعد عضو المجلس الرئاسى بحزب التجمع، حسين عبدالرازق، تكرار سيناريو الثورة التونسى فى مصر بسبب اختلاف الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بين الدولتين. وانضم أيضا عضو الجمعية الوطنية للتغيير، جورج إسحاق، للرافضين لإمكانية تكرار سيناريو تونس فى مصر، مرجعا ذلك لارتفاع نسبة الأمية فى مصر عن تونس ولوقوع النقابات العمالية تحت الإشراف الحكومى فى مصر. ونفى إسحاق أن يستجيب النظام لمبدأ التغيير بعد حادثة المواطن المصرى الذى حرق نفسه قائلا: «النظام فى غيبوبة ومفيش حاجة بتأثر فيه خالص». واعتبر رئيس دار الخدمات النقابية والعمالية، كمال عباس، أن الأسباب التى دعت عبدالمنعم، لإشعال النار فى جسده، هى نفسها الدوافع التى جعلت مئات المصريين يتجهون إلى البحر فى زوارق للخروج إلى أوروبا ونسبة نجاتهم من هذه الرحلة لا تتجاوز 50%، مشيرا إلى حالة الإحباط واليأس السائدة. وقال: «المصريون لا يمرون فقط بأزمة اقتصادية اجتماعية لكن للأسف لا يوجد لديهم أمل للخروج من الأزمة». وأشار عباس إلى الفوارق الطبقية التى وصفها بالشاسعة فى المجتمع المصرى، وعدم وجود تكافؤ فرص، مشيرا إلى الشاب عبدالحميد شتا، خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، الذى انتحر قبل سنوات لعدم قبوله فى وزارة الخارجية بسبب تواضع مستوى أسرته الاجتماعى. وقال «هذه هى نفس الأسباب التى جعلت بوعزيزى التونسى يشعل النار فى جسده». أما المحامى بالنقض ورئيس المجموعة المتحدة، نجاد البرعى، فاعتبر أن الحدث صاحبه نوع من المبالغة فى تقييمه واعتباره شرارة للثورة المصرية، وقال «دعونا لا نبالغ، فهذا ليس أول شخص ينتحر، 20 شابا انتحروا من فوق قصر النيل لدرجة أن البوليس منتشر على الكوبرى ويمنع الناس من الوقوف والنظر إلى النيل خشية إلقاء أنفسهم». إلا أن البرعى أكد أيضا أن الحدث مؤشر على ما سماه ضيق المواطنين بشكل غير مقبول، وقال «إذا لم يقدم النظام حلولا جذرية سنكون مقبلين على ما هو أسوأ من تونس». وأضاف «الناس تتحرك فجأة ومن الممكن أن تحدث أمور مفاجئة من إسكندرية لأسوان نتيجة فتنة طائفية أو خلاف مع الشرطة أو غيرها من المشاكل». وأشار إلى التجربة التونسية التى تحمل الرئيس فيها كل شىء داعيا الرئيس مبارك لإجراء إصلاحات قبل فوات الأوان، وقال «بن على قال فهمتكم متأخر جدا». وقال البرعى «المبادرة لابد أن تأتى من الرئيس وستكون خطوة مقبولة ومثمنة لو حاكم مزورى الانتخابات الآن، قبل الانتظار للحظة الأخيرة فلن يكون لها قيمة». وأعرب مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، عن تمنيه أن يكون عبدالمنعم شرارة لحركة شعبية مصرية، إلا أنه استبعد ذلك. وقال «مصر ليست بعيدة عن ما يحدث فى تونس، وليس بالضرورة أن تتطابق سيناريوهات التغيير». واستبعد أن يكون عبدالمنعم شرارة لبدء انتفاضة شعبية فى مصر وقال «أتمنى أن يكون محرك لكن أكثر من شخص أشعل النار فى نفسه ولم يحدث شىء». من جهته، وصف جهاد عودة، عضو أمانة السياسات بالحزب الوطنى، ربط قوى المعارضة حادثة المواطن المصرى بالثورة التونسية بأنه «تزيد» وقال إنه يجب على المعارضة عدم استغلال هذا الحادث لأنها مجرد مأساة فرد. مرجعا ما حدث فى تونس لشدة القمع وغلق منافذ الحرية. فى سياق متصل، أعلنت حملة دعم حمدين صباحى مرشحا شعبيا للرئاسة عن مشاركتها فى الدعوة التى أطلقها شباب ونشطاء مصريون فى أعقاب انتفاضة الشعب التونسى ضد نظام زين العابدين بن على للتظاهر يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 ضد النظام المصرى. وقالت الحملة فى بيانها إنها «تريد أن يكون يوم 25 يناير عنوانا لبدء مرحلة جديدة فى مسيرة التغيير الجذرى فى مصر، داعية الآلاف من المصريين للخروج فى شوارع القاهرة والمحافظات والتوحد تحت علم».