توقع محللون أن يتبلور مشهد سياسي ديمقراطي جديد غداة انهيار نظام الرئيس التونسي السابق، زين العابدين بن علي، لكن دون أن يتمكن أي حزب على الفور أن يدعي القيام بدور قيادي. واعتبر المحلل السياسي العربي شويخة، أن "في الوقت الراهن وفي غياب منافسة انتخابية سليمة وقانونية يصعب رسم خريطة القوى السياسية في تونس". وأضاف: "غير أنه يمكن إفراز ثلاث مجموعات كبرى على الساحة السياسية، من خلال انتخابات حرة وديمقراطية"، مشيرًا إلى الإسلاميين والقوى العلمانية والقوميين العرب المتحالفين مع عناصر من اليسار. ويرى شويخة أن على الهامش هناك اليسار المتطرف الذي يتمتع بشعبية في الأوساط النقابية، في حين يظل مصير حزب بن علي "التجمع الدستوري الديمقراطي" مجهولاً. وأضاف أن "في هذا المشهد يجدر تحديد مصير التجمع، والأرجح أن يغير اسمه ليظهر باسم جديد وقادة جدد"، في حين يطالب الشارع بحله ليس إلا. ولم يتشاور رئيس الوزراء المكلف محمد الغنوشي لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية مع الإسلاميين (حركة النهضة) واليسار المتطرف (حزب العمال الشيوعي التونسي)، لأنهما حزبان غير قانونيين. وأعيد تعيين الغنوشي المنبثق عن التجمع الدستوري الديمقراطي رئيسًا للحكومة الجديدة. وقالت مية الجريبي، زعيمة أحد هذه التيارات الثلاثة، والأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي، لوكالة "فرانس برس": "تقرر بالإجماع استبعاد الأحزاب الموالية للحكومة. وستكون الحكومة الجديدة مكونة من حركة التجديد (الشيوعي سابقًا)، والحزب الديمقراطي التقدمي (تحالف قوميين عرب ويساريين)، والتكتل الديمقراطي للعمل والحريات (يسار ديمقراطي)، إضافة إلى شخصيات مستقلة". وبإشارتها إلى الأحزاب الموالية للحكومة تقصد مية الجريبي عددًا من التشكيلات الحزبية الوفية لبن علي، والتي كانت تشكل معارضة شكلية للنظام السابق، مقابل منحها مقاعد في البرلمان وامتيازات. وقال أحمد أونيس، الدبلوماسي السابق والمحلل بشأن الحكومة الانتقالية المدعوة إلى قيادة البلاد نحو تحول ديمقراطي: "إننا نريد فريقًا منسجمًا مقتنعًا بهذه المبادئ". وينص الدستور على تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في مهلة أقصاها شهرين، لكن فكرة إرجائها، بالرغم من أن الدستور لا ينص على ذلك، بدأت تطرح لتمكين الطاقم الانتقالي من تحضيرها على أفضل وجه. ويرى أونيس أنه بشكل عام لا بد من قطيعة مع الماضي، وتقاليد "المهدي المنتظر" التي شخصها الحبيب بورقيبة ثم خليفته بن علي، واتسم بهيمنة حزب رئاسي. وفي هذا الاتجاه استبعد المحلل دورًا مهيمنًا للإسلاميين الذين أعلن زعيمهم التاريخي راشد الغنوشي المنفي في بريطانيا عودته قريبًا إلى البلاد. وقد حظر النظام السابق هذا الحزب وزج بناشطيه في السجون.