"يا أيها المختصون بالقانون أرجوكم طبقوا القانون"، هذا النداء وجهته المحامية بالنقض، أميرة بهي الدين، خلال حديثها عن الصعوبات التي تمنع المرأة من التعيين في النيابة العامة والوصول لمنصب الادعاء العام. وأكدت بهي الدين -خلال مشاركتها في الندوة التي عقدها المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة أمس، بعنوان "المرأة والنيابة العامة في مصر"- أن الدستور المصري والقوانين المنظمة للسلطة القضائية لا تتضمن أي نصوص تحول دون وصول المرأة للمناصب القضائية المختلفة، وقالت "لا توجد تشريعات تميز ضد النساء في التعيين، ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد مشكلة، فيوجد واقع ثقافي وقناعات ذكورية دفينة بعدم قدرة المرأة". وانتقدت بهي الدين الأسباب التي تقال بشأن عدم تولي المرأة الوظائف القضائية، "كون أن النساء تحمل، هذا ليس مشكلة تطرق لها القانون، ولم يقل إن المرأة التي تحمل نعاقبها ونخرجها من وظيفتها"، مشددة على خلو الدستور والتشريعات المصرية من أي نصوص تميز ضد المرأة لأسباب بيولوجية. أما بخصوص عواطف المرأة قالت: "يقولون إن النساء عاطفيات وبتعيط، ولكننا الآن نراها وزيرة وسفيرة وتعمل في الطب الشرعي وما بتعيطش". أما الظروف الاجتماعية التي تستخدم حجة لعدم عمل المرأة في القضاء والنيابة وعدم تقبل العمل لتأخرها وسفرها، قالت: "النساء تعملن طبيبات وتعملن في نبطشيات وتعملن مضيفات والمجتمع يتقبل غيابهن"، متسائلة "لماذا تستخدم هذه الحجة عند الحديث عن القاضيات". وأكدت أن المرأة قادرة على العمل في القضاء والنيابة العامة ومناظرة الجثث، "توجد نساء تعاين الجثث في المستشفيات وفي الطب الشرعي، وتوجد نساء يرتكبن الجرائم ويصنعن الجثث صناعة محلية". ووصفت بهي الدين تعيين القاضيات في القاهرةوالإسكندرية فقط بالكمين الذي تقع فيه الناشطات النسويات، وقالت هذا تمييز حميد، ولكنه يهزم القضية من جذورها. وأضافت "حتى لا تتحول القاضيات إلى وردة في عروة الجاكيت لتجميل وجه مصر، يجب أن نصدم المجتمع، ومثلما نعين قاضيات في عروة الجاكيت الإسكندرية نعينهن في أسيوط، ويجلسن على المنصات أسود بدون روج، في البداية سيتوجس منهن المجتمع وبعد ذلك سيتقبلهن". من جانبها شنت نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، المستشارة تهاني الجبالي، هجوما على النخبة في مصر، واعتبرتها عائقا أمام تطور المرأة، وقالت "النخبة أصابها العطب، ولم تعد قادرة على أن تكون قاطرة تقدم بل أصبحت معوقا للمجتمع، وعبئا لتبنيها ثقافات مغايرة لما يحتاجه المجتمع". وقالت: "الحقوق الدستورية يجب ألا تخضع لابتزاز التمييز على أساس النوع أو الجنس أو العقيدة"، مؤكدة أن المساواة والعدل هما مفتاح حل عدد من القضايا المجتمعية في مصر، ومن بينها تولي المرأة للمناصب القضائية المختلفة. وقالت تهاني: "أشعر بحزن وطني أن نكون مضطرين لمناقشة هذه القضية بعد مرور أكثر من 8 سنوات على اعتلائي منصة المحكمة الدستورية العليا، أعلى منصة قضائية، وبعد 5 سنوات من تولي 45 زميلة في القضاء العادي، وأحدهم رأست دائرة جنائية"، مؤكدة حق المرأة في دخول النيابة العامة والتدرج في المناصب القضائية المخلتف. وأعلنت المدير التنفيذي للمركز العربي، هدى عبد الوهاب، عن تدشين حملة لعمل المرأة في النيابة العامة، وقالت سنشكل وفدا من قانونيين وحقوقيين وإعلاميين مستنيرين للقاء النائب العام، ومناقشته في تولي المرأة منصب الادعاء العام، وتحديد الخطوات التي تمكنها من الحصول على هذا الحق. المحامي بالنقض، عصام الإسلامبولي، شن هجوما على مجلس الدولة واتهمه بالتسبب في تأخر وصول المرأة لمناصب قضائية مختلفة، ووصفه بصانع الأزمة، وأشار إلى عام 1952 عندما رفض طلب عائشة راتب بالالتحاق بمجلس الدولة لاعتبارات المواءمة على حساب المشروعية، وفقا لتعبير الإسلامبولي. جدير بالذكر، أن الدعوة إلى تولي المرأة منصب الادعاء العام تأتي بعد مرور نحو عام على أزمة مجلس الدولة الذي انقسم بشأن تعيين المرأة في قضاء مجلس الدولة، وانتهى الأمر بتأجيل نظره لأجل لم يحدده.