كم كان قاسيا ما حدث فى الإسكندرية، فهو إرهاب من غير شك، لا احتقانَ طائفيًا، ولكن من يدرى، ربما تكون هذه الجريمة سببا فى انفجاره. بعد الحادث، اضطرب الجميع، ودخلهم خوف عظيم، ارتجفت مصر، وباتت تمسك بالنار، وتمشى على حواف الجمر. حتى كتابة هذه السطور لم تحدث تفجيرات أخرى. واليوم الجمعة نحتفل بعيد ميلاد السيد المسيح المجيد، فماذا نفعل فيه: نصرخ ونبكى، أم ننكر ما حدث، أم نشد من أزر بعضنا، لنتجاوز سحابة الغبار التى تثيرها أقدام التعصب، فإذا تأزّر النّبت، كما يقال، قوى واشتد. فى محاولة للشد، نقرأ فى السطور التالية تلخيصا لأجزاء من دارسة «ملامح القبطى فى الأدب المصرى». وهى دراسة أعددتها منذ فترة. كان المفترض أن تنشر مع أبحاث أخرى، ضمن موسوعة «الأقباط فى القرن العشرين» تحت إشراف المفكر سمير مرقس. لكن المشروع توقف. ثم تحمس الكاتب حلمى النمنم نائب رئيس الهيئة المصرية للكتاب. لكن النشر تأخر؛ لأن الدراسة كان ينقصها استعراض الروايات التى صدرت خلال السنوات القليلة الماضية مثل «عزازيل»، و«أسطاسية»، و«شيكاجو». يلاحظ المهتم بالدراسات التى تتناول الشأن القبطى، ندرة أبحاث الجوانب الثقافية والإنسانية مقارنة بأبحاث الجوانب السياسية والاقتصادية، ما يعنى أن الجوانب الظاهرية تحتل حيزا أكبر عند الباحثين، مع أنها مجرد تعبير متفجر عن العلاقة الحياتية بين المسلمين والمسيحيين، والتى تظهر فى أشكال أدبية تعد مصادر رئيسية لدراسة الشعوب. للدكتورة نيفين مسعد دراسة مهمة ورائدة فى هذا المجال، تحت عنوان «الشخصية القبطية فى الأدب المصرى»، منشورة بمجلة «الكتب وجهات نظر»، وهو البحث الذى اعتمدت عليه بشكل كبير فى كتابة دراستى، وكذلك استفدت من كتاب الدكتور نبيل راغب «الوحدة الوطنية فى الأدب». يظهر القبطى فى الأدب المصرى، بحسب مسعد وآخرين، بغير ملامح خارجية تميزه، فعندما يصف صنع الله إبراهيم فى روايته «ذات» الشغالة أم عاطف بالقصر والضمور، وبأنها (ذات قدمين مليئتين بالشقوق والجروف.. وعيون شبه مغمضة بهدف تحسين الرؤية، وبشرة سمراء/ صفراء ذابلة مليئة بالتجاعيد وعمر بين الأربعين والسبعين) فإنه فى الواقع يرسم ملامح كل بنات هذه الطبقة من العاملات المهدودات المشغولات بقوتهن. ولا يتضح أن أم عاطف هذه قبطية، إلا عندما يشير المؤلف إلى الصليب الموشوم بالأخضر فوق باطن رسخها. وعدم وجود ملامح تميز بين المسلم والمسيحى جعل إبراهيم فى قصة «لا إله إلا الله» لإحسان عبدالقدوس حائرا بين أبيه المسلم وأمه المسيحية، كما ظن أهل القرية فى رواية «الحرام» ليوسف إدريس أن الخواجة زغيب مسيحى، ولكنهم اكتشفوا أنه تركى ومسلم، ولا يتبين لنا أن باشكاتب القرية من الأقباط إلا عندما يذكر إدريس فى «الحرام» أن له أخا اسمه دميان «العبيط». وتفعل العلاقة العاطفية بين إيليا وسامية فعل الصليب فى لفت نظر القارئ إلى ديانة سامية، وبخلاف ذلك كان يتعذر عليه التمييز، فسامية كما يصفها يحيى الطاهر عبدالله فى قصته «أغنية العاشق إيليا» بأنها (حلوة متوسطة الطول سمراء بخديها حمرة خفيفة وغمازتان، ليست قصيرة وليست سمينة وشعرها الأسود الناعم اللامع يصلح ضفيرتين طويلتين، إلا أن وجهها يصبح صغيرا وتتضح الظلال الزرقاء تحت جفونها العلوية والسفلية). أيضا لا يتبين لنا أن السيدة بطة، وهى (امرأة ممتلئة تتهادى فى مشيتها كالبطة وأردافها الضخمة تعلو وتهبط بانتظام) مسيحية إلا عندما يذكر الروائى نعيم صبرى فى روايته «شبرا» إنها زوجة المهندس أميل فرنسيس، كما يصف صبرى ألين أخت الست بطة بأنها (تصغر أختها الست بطة بعامين ولم تتزوج، تضع عينا زجاجية بعد أن فقدت إحدى عينيها فى الصغر. لها أنف عظيم يملأ صفحة وجهها النحيف فيصبغه ببعض الدمامة)، وهى أوصاف لا تملكها فقط البنت القبطية، أو عندما يصف الروائى إدوار الخراط ناظر محطة إدفو بأن (وجهه ناعم الغضون، صابح وغض فى تجاعيده، وعينان يقظتان من وراء النظارة المدورة العدستين، قائم العمود، صلب، عظمة زرقاء صحيح، وكله طيبة قلب) فلولا ذكره أنه عضمة زرقاء لما كان لنا أن نعرف أنه مسيحى فهذا الوصف يشير إلى الشخصية المصرية، التى تجمع بين النقيضين: (صلابة الإرادة، ورقة القلب)، كما تذكر نيفين مسعد فى دراستها. وكما تخلو الأعمال الأدبية من خصائص شكلية ينفرد بها الأقباط، فإنها تخلو بالمثل من صفات ذاتية تلازمهم. فالأخلاق لا دين لها، وهذه الحقيقة تتجسد فى شخوص الروايات المختارة هنا، فشخصيتا متى وعبدالسميع فى رواية «بقطر» لنعيم تكلا كالصاغ ممدوح (المسلم) فى رواية لويس عوض «العنقاء أو تاريخ حسن مفتاح»، والطالب رمسيس (القبطى) فى قصة رءوف مسعد «حكاية بائعة السمك وابنتها المدهشة»، فهم نماذج للازدواجية السلوكية، فمتى (قد فتح باب داره عن فرجة ضيقة وقبع متخفيا يرقب النسوة يرقصن فى مولد الوزيرى)، أما عبدالسميع فارتفعت صرخاته تحت ضربات السياط؛ لأنه تحرش بالنساء فى مولد جاورجيوس، وفرض إتاوات على الباعة. وكان الصاغ الشربينى يبطش بالمعتقلين السياسيين ويكتب التقارير الملفقة، ولا يتأذى فهذا واجبه، لكنه كان يتضرر من الحنث بالقسم؛ لأن هذا ضد الدين. لم يقرب الزنا؛ لكنه تعاطى المخدرات التى ما من نص يحرمها. لم يختلس أموال المسلمين، لأنه على ملّتهم، لكنه لم يمانع فى الاختلاس من حصة الأقباط، والأجانب لأنهم مختلفون. كما فعل الصاغ الشربينى اعتنق الطالب رمسيس فى قصة مسعد قول السيد المسيح: (أعطوا ما لله لله وما لقيصر لقيصر). والتزم بها لكن بتفسير مختلف، فكان يذهب ويمارس الطقوس الدينية ويقول: (هذا ما لله)، ثم يمارس الرذيلة مع بنات الهوى، ويقول: (هذا ما لقيصر). ولمزيد من التفصيل يجب أن تقرأ كتاب نبيل راغب «الوحدة الوطنية فى الأدب المصرى». يوسف إدريس نجح فى روايته «الحرام» أن يلصق صفة الدقة وإتقان العمل إلى شخصية مسيحية أفندى الباشكاتب الذى تعلم الحرص والحذر من المعلم قيصر. إتقان العمل نجده أيضا مع الخواجة نظير فى قصة يحيى الطاهر عبدالله «طاحونة الشيخ موسى»؛ لأنه (فكر أى الخواجة نظير وبنصف عين فقط عثر على ماكينة طحين نصف عمر). لكن ذلك لا يعنى أن جميع الأقباط صالحون، فهذا ضد طبيعة البشر، فنجد من يصف بعض الأقباط بصفات غير محمودة مثل أبوحنين (المنافق) فى رواية حمدى البطران «يوميات ضابط فى الأرياف»، وحنين (المخادع ) فى رواية «خالتى صفية والدير» لبهاء طاهر، والأخ (الحقود) فى قصة «اللحم والسكين» ليوسف الشارونى، والخواجة جرجس (الجشع والطماع والقذر) فى رواية جميل عطية إبراهيم «النزول إلى البحر»، وأبونا توما (القاتل) فى قصة إدوار الخراط «أبونا توما»، وبولا (المشوش والرافض لقبطيته) فى رواية «وصايا اللوح المكسور» لغبريال زكى، والمقدس فوزى (الجشع) فى قصة شحاتة عزيز «وقائع ما جرى فى الدير»، والمقدس جرجيوس (الغشاش)، وأيوب جرجس (المهرب) فى رواية رءوف مسعد «مزاج التماسيح». صداقات حميمة هناك أعمال أدبية تعرضت للصداقة الحميمة بين المسلمين والمسيحيين، وأكاد أجزم أن معظم الروايات التى قرأتها، وبشكل مكثف تعرض هذه الصداقات الحميمة، فهناك صداقة المقدس دميان والشيخ مجد الدين فى رواية «لا أحد ينام فى الإسكندرية» لإبراهيم عبدالمجيد، وكذلك صداقة إبراهيم وهمام، وصداقة سليم الذى تدخل لإنقاذ بقطر صديقه من أيدى الرجال المتشحين بالسواد الذين أرادوا قتل بقطر وجميع الأقباط حيث (تعانق الصديقان بشوق حار) فى رواية «بقطر»، وصداقة بولا وحسين الذى ساعد بحق بولا لإعداد بعض الكتب المسيحية فى رواية غبريال زكى غبريال «وصايا اللوح المكسور»، وهناك صداقة حسن مفتاح وفؤاد منقريوس فى «عنقاء» الدكتور لويس عوض، وصداقة رياض قلدس وكمال عبدالجواد فى «الثلاثية» لنجيب محفوظ، وصداقة أم ميخائيل والست وهيبة فى رواية «ترابها زعفران» للخراط، وصداقة المقدس فوزى والحاج جعفر فى قصة «وقائع ما جرى فى الدير» للقاص شحاتة عزيز، وصداقة رورو ومجدى فى رواية «شبرا» لنعيم صبرى. كما تظهر أيضا فى هذه الروايات العلاقات الحميمة بين الأسر المصرية، ومن أوضح تلك الصداقات صداقة عائلات شبرا فى رواية نعيم صبرى «شبرا»، وصداقة عائلة قلدس أبوميخائيل مع عائلة السيد حسنى فى رواية «ترابها زعفران» لإدوار الخراط الذى نجح فى وصف العائلة القبطية التى لا يمكن انفصالها عن العائلات المصرية الأخرى. وتلك العلاقات الحميمة، لم تمنع الأديب المصرى من عرض ما يشعر به الأقباط من تمييز، مثلا، كتب صنع الله إبراهيم فى روايته «شرف» قائمة بهموم الأقباط على لسان الدكتور رمزى القبطى، وتشتمل على شكاواهم ومنها: تدنى مستوى تمثيل الأقباط بالجيش والشرطة ومدارس المعلمين، وتجاهل تدريس الحضارة القبطية فى المناهج التعليمية، وتقييد بناء الكنائس وتأميم أملاك الكنيسة. ويظهر صنع الله فى روايته «ذات» كيف يضطهد المتعصب الأهوج من يختلف عنه، فيصور أن ذات بطلة الرواية انقادت وراء انفعال عاطفى نازح للتعصب فبدأت تضطهد نادية (المسيحية)، وافتعلت شجارا مع خادمتها «أم عاطف» المسيحية لمجرد رفع صوتها بالتراتيل والترانيم، وراحت تضايقها لدرجة طردها وقطع قوتها. كما سئل بقطر صديقه سليم حين واجه الأقباط عمليات قتل بسبب قدوم الحملة الفرنسية على مصر (هل وجب أن نعامل كأعداء يا سليم؟). من أكثر الروايات التى لمست مع هموم الأقباط، رواية «المسرنمون» لحسنى حسن الذى جسد فيها شعور القبطى فى كلمات ناجى (المسيحى): «ذهبت لألعب الكرة فى الشارع معكم يقصد المسلمين وأسهر على الناصية إلى منتصف الليل غير عابئ بتنبيهات أبى ومخاوف أمى، لكن كنت كلما اقترب من عالمكم أجدكم تستغربون وجودى كما أستغرب وجودكم بالضبط، صحيح أن أحدا لم يطردنى أو يمنعنى من المجىء، غير أن معاملتكم كانت تتسم بالحذر مما يزيد من إحساسى بالغربة بينكم، ونادرا ما كان يتحمس أحد لضمى إلى فريق الكرة الشراب، كنت آخر لاعب يتم اختياره للفريق، وكنت غالبا حارس المرمى الذى لا يلمس الكرة، وبرغم كل شىء كنت أقبل ذلك، وأفرح به أحيانا، على الأقل كان أفضل من الحبس وراء جدران البيت الساكن كل الوقت). ويتضح من كلمات ناجى التى تبدو بسيطة ولكنها عميقة شعور بعض الأقباط، من خلال لعبة كرة القدم، بأنهم اقل مرتبة فى الحضور أيا كان شكله، ثانيا من خلال التعامل الحذر من زملائه المسلمين، ما زاد شعوره بالغربة ومن أنه أقلية لم يطردها أو يمنعها أحد ولكنها أقل، ثالثا أن مبادرة اللعب تأتى نادرا عن طريق الحماس من أحد الأطراف، وليس لأنه حق مشروع، رابعا وإذا تم اختياره يكون آخر لاعب، بل لاعب فى موقع حارس المرمى. تظهر أيضا هموم الشخصية القبطية فى رواية «المرايا» لنجيب محفوظ حين يتساءل كمال ابن السيد عبدالجواد: (هل التعصب فى الدين أم فى الطبيعة البشرية المتطلعة دوما للخصام، كما بين الشيعى والسنى، والحجازى والعراقى، والوفدى والدستورى، وطالب الآداب وطالب العلوم، والنادى الأهلى والترسانة؟). ويأتى صوت صديقه المثقف القبطى رياض قلدس يؤكد بعض النقاد أن رياض قلدس هو المفكر القبطى سلامة موسى فيقول (إن مشكلة الأقباط اليوم هى مشكلة الشعب، إذا اضطهد اضطهدنا، وإذا تحرر تحررنا، أى الأمر فى الأول والآخر يتعلق بالديمقراطية). ويستطرد رياض قلدس قائلا: (إنى حر وقبطى فى آن... إننا نشأنا فى بيوت لا تخلو من ذكريات سود محزنة، لست متعصبا ولكن من يستهين بحق إنسان فى أقصى الأرض لا فى بيته فقد استهان بحقوق الإنسانية جميعا). كتب غبريال زكى فى روايته «وصايا اللوح المكسور» عن هموم الشخصية القبطية، ويتجلى ذلك فى حوار مريم ابنة بولا بطل الرواية مع والدتها ناهد: (انتخابات الصيادلة يوم الجمعة العظيمة، هل هذه مصادفة أيضا؟ الحادث أن الأقباط يشكلون ثقلا فى نقابة الصيادلة، لما الجمعة الكبيرة بالذات؟، ولدى امتحان عملى يوم خميس العهد ويوم العيد). أما الروائى عبدالحكيم قاسم يرسم فى روايته القصيرة «المهدى» حكاية إعلان إسلام القبطى الفقير المعلم عوض الله صانع الشماسى فى القرى على أيدى شعبة الإخوان المسلمين فى قرية محلة الجياد بطنطا، ويجسد كيف يضغط القوى على الضعيف، وكيف لا يطيق طلعت وكيل الإخوان المسلمين والقائم بمعظم الأعمال وجود المخالف له، وهو المعلم عوض الله القبطى. جماعات التطرف والأقباط وتسأل الكاتبة المتميزة نيفين مسعد كيف انعكست ممارسات جماعات التطرف والإرهاب فى أوراق الأدب المصرى المعاصر؟. الواقع أن الأديب المصرى انشغل دائما بسؤال: لماذا يتعصب الإنسان؟ وذلك قبل أن تنشط جماعات التطرف منذ مطلع سبعينيات القرن الماضى. فرواية «السكرية» لنجيب محفوظ سبق أن طرحت هذا السؤال قبل أربعين عاما مع صدور الطبعة الأولى للرواية، وتحديدا فى عام 1957 فلقد سأل كمال السؤال المذكور آنفا. وقد نوهت أعمال الأديب الكبير نجيب محفوظ ببعض نماذج هذا التعصب غير المبرر وغير المقبول، ففى روايته «المرايا» يرد نموذج لكاتب (مسلم) يرفض أن يشير بكلمة واحدة فى مجلته إلى موهبة (قبطية) شابة حتى لا يشترك فى بناء قلم سيعمل غدا على تجريح تراثنا الإسلامى بجميع السبل الملتوية. هكذا يتصور، وهكذا يقول. ويتردد هذا التأكيد على الديمقراطية كعامل طارد للتعصب فى روايات أخرى بعضها كتبه مسلمون، والآخر كتبه أقباط، وإن لم يأت التأكيد صريحا مباشرا بالضرورة. فعندما يسخر إدوار الخراط فى روايته «يقين العطش» من تبويس الذقون بين المشايخ والقساوسة (وتوزيع الكوكاكولا والشربات فى سرادقات الحكومة) نفيا للفتنة، وينتقد التجهيل بالآخر إعلاميا وتعليما، فإنه فى الواقع يضع يده على رافدين أساسيين من روافد تغذية التعصب، وبالتالى تغييب الديمقراطية، وعدم المصارحة ورفض التعددية. وعندما يتساءل رجائى ونيس فى روايته «خطوط الألم وألوان الابتسام» عن سر الشرخ الكبير الذى حدث لمجتمع مسالم ومتسامح، فإنه فى الواقع يوسع مساحة النظر والتحليل أمام قارئه، ويلفته إلى بعض المدخلات الإقليمية للتشدد. ومن الغريب، أن مثل هذا الجو المشحون بعدم التسامح، لا يؤثر فقط بجعل المتعصب يتمادى فى تعصبه، لكنه يضغط على بعض عناصر الاعتدال ويحول مسارها. وإدوار الخراط الذى يترحم على الزمن الفائت عندما كان الأقباط يشاركون فى بناء المساجد، وكان المسلمون لا يتحرجون من الكلام باللغة القبطية، وكانوا يعيشون أولئك وهؤلاء لا فرق بين قبطى ومسلم، يكتب بحزن عن العلاقة التى وصلت بينهما فى روايته «يقين العطش»، حسبما ذكرت نيفين مسعد. كانت ساحة الأحداث هى المنيا «بلد طه حسين والشيخ على عبدالرازق، وهدى شعراوى.. يحدث فيها ذلك؟ والتى أصبحت مستودع الفتنة الطائفية» فى السبعينيات من القرن الماضى، مرت رامة حبيبة ميخائيل بالمنيا فى مهمة عمل، فوجدت البلد يغلى بعشرات الشائعات ضد الأقباط، لكن الشائعة التى فجرت الأزمة كانت من اختلاق ميادة طالبة الثانوية العامة (المسلمة)، التى اقتبست مقتطفات من بعض مجلات الأطفال (ميكى وفلاش)، وأحداثا من البرنامج الإذاعى (أجراس الخطر) وألفت منها قصة عن شقة يديرها أقباط للدعارة ويستدرجون إليها مسلمات.