جرفتها السيول، لكنها استطاعت أن تتمسك بصخرة كبيرة، حتى أغمى عليها من فرط التعب، ثم قضت ليلة كاملة بلا ملابس تحت المطر والبرد، وفى الصباح سارت 30 كيلو مترا، حتى وجدت من ينقذها ويعيدها لأهلها.. ملخص لسيناريو يوم كامل عاشته ياسمين أنور إمام، الطالبة بالصف الثالث الإعدادى، وإحدى الناجيات القليلات من حادث انقلاب أتوبيس الموت فى المنيا، والذى راح ضحيته 15 شخصا، وأصيب فيه 53 آخرون. «ياسمين» كانت شاهد عيان على الحادث، وقالت إنه أثناء عودتها نحو الساعة الخامسة والنصف مساء من مدينة المنيا إلى أسيوط، وقبيل كمين «البرشا» بمركز ملوى، ساءت الأحوال الجوية بشكل مخيف، حيث زاد انهمار المطر، واشتد صوت الرعد، وضوء البرق، وبدأت السيول والثلوج تسقط من السماء، فأوقف سائق الأتوبيس، عم سيد، الأتوبيس لعدة دقائق على جانب الطريق، أملا فى استقرار الأوضاع، ولكن الوضع لم يستقر، فأقدم على قيادة الأتوبيس مرة أخرى. لم يتحرك الأتوبيس، كما تقول ياسمين، إلا عدة خطوات، فقد انهارت الأرض من تحته، وانحرف إلى أحد المخرات، ليسقط بركابه وسط الماء والرمال.تحكى ياسمين: مال الأتوبيس على جانبه الأيمن، فما كان منى وصديقتى منار جمال، «إحدى الضحايا» إلا أن قفذنا من الشباك، وأخذنا فى السباحة، لكن المياه جرفتها بعيدا عنى، قبلها خرجت المديرة وعدد من المشرفين ونجوا بأنفسهم، وتركوا باقى زملائى فى الأتوبيس. رأت ياسمين زميلاتها ممسكات بباب الأتوبيس، قبل أن تجرفها المياه بعيدا عنهن، وأخذت تعوم على ظهرها، وتقطعت ملابسها من شدة المياه، فخلعت «بالطو» كانت ترتديه، حتى تستطيع السباحة، ثم تمكنت من الإمساك بإحدى الصخور، واستطاعت الجلوس عليها وسط المياه، وبعدها أغمى عليها من فرط التعب. استيقظت ياسمين بعدها بدقائق، حسبما تحكى، لتقضى ليلتها وسط الصحراء والمياه وحيدة بدون غطاء أو كساء، حتى كادت تهلك من شدة البرد، ومضى عليها الوقت بطيئا حتى السابعة صباحا، كان وقتها منسوب المياه قد انخفض، فأخذت فى السير لمسافة 30 كيلو مترا حتى وصلت إلى منطقة المحاجر، وهناك قابلها أحد العمال راكبا سيارة، فأخذها إلى المحجر، واتصلت من هاتفه المحمول بوالدها، والذى أرسل إليها أشقاءها وأعمامها ليعودوا بها إلى المنزل. اتهمت «ياسمين» المسئولين بالتقصير، لأنهم تركوها وزملاءها المفقودين فى العراء دون بذل أية جهود لإنقاذهن، وهو ما أدى إلى فقدانها أعز صديقاتها «منار»، وطالبت بمحاسبة جميع المقصرين من أجل القصاص لزميلاتها الضحايا، واللاتى مكثن طول الليل فى العراء دون أن ينقذهن أحد، على حد قولها. أنور إمام حسانين، مهندس زراعى، والد الطالبة ياسمين، قال إن الحكومة أهملت بشكل غير عادى فى هذا الحادث، وليس هناك غرفة عمليات بأسيوط تدل على وجود إمكانية لدى المحافظة لإنقاذ الناس من الكوارث، كما أن هناك تقصيرا شديدا من قبل مديرية الأمن ومحافظة المنيا التى لم تحاول إنقاذ الطالبات بشكل سريع، مما أدى إلى فقد العديد منهن: «حسبى الله ونعم الوكيل فى المسئولين اللى تسببوا فى وقوع الحادث»، قالها ثم شكر الله على عودة ابنته سالمة مرة أخرى إلى حضنه. هناء فتحى أحمد، موظفة بفرع ثقافة أسيوط، والدة الطالبة ياسمين، قالت إنها تلقت نبأ الحادث من ابنيها اسلام وأحمد اللذين رفضا فى البداية إخبارها، ولكن بعد محاولات منها، أخبرها أحمد إنه سوف يذهب إلى أبنوب بسبب وقوع حادثة لأخته «ياسمين». «كنت فاكرة الحادثة بسيطة»، تضيف الأم، «لكنى عرفت بعدين انه حادث بشع، بسبب تقصير المسئولين اللى معندهمش إنسانية ولا رحمة». مطالبة بالقصاص من المسئولين المتسببين فى الحادث، وخاصة المديرة إلهام التى لم تقم بإلغاء الرحلة رغم علمها بسوء الأحوال الجوية. ووجهت والدة الطالبة الشكر إلى ربها الذى أنقذ ابنتها من الموت المحقق، وإلى عامل المحجر الذى ساعد فى عودتها إليهم.