بدأ العد التنازلى للترشيحات النهائية لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبى 2011، الذى تنافس فيه مصر بفيلم «رسائل بحر» للمخرج داوود عبدالسيد، حيث يأمل صناع الفيلم كسر حالة الخروج المبكر من الترشيحات، التى عانت منها الأفلام المصرية طويلا. وتأمل الأوساط السينمائية فى استعادة بريق النجاح، الذى كان قد حققه فيلم «سهر الليالى» لهانى خليفة، الذى وصل للتصفيات الثانية ضمن عشرين فيلما قبل أن يخرج خاسرا فى النهائية ولكن بعد تمثيل مشرف. وتعكف حاليا جمعية مراسلى هوليوود الأجانب، المؤلّفة من نحو 86 عضوا من أنحاء العالم يكتبون فيما لا يقل عن أربعين لغة ومجموع قرائهم يتجاوز الخمسين مليون قارئ، على مشاهدة الأفلام المعروضة تمهيدا لتحديد الأعمال المتنافسة على الجائزة. ويمثل الدول العربية فى الترشيحات الأولية ثلاثة أفلام ضمن خمسة وستين فيلما من مختلف دول العالم، سيصل خمسة منها فقط للحفل، الذى سيقام فى مارس المقبل، وهى ضرورية لمحاولة رؤية فرصة كل منها للترشيح. فإلى جانب فيلم «رسائل بحر» هناك فيلم «خارجون عن القانون» الجزائرى، الذى شارك من قبل فى مهرجان «كان» السينمائى، وكذلك الفيلم العراقى «ابن بابل»، الذى نال جائزة أفضل سيناريو مناصفة فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الأخيرة. ويعد فيلم «رسائل البحر» الوحيد فى الأعمال العربية الثلاثة، البعيد عن السياسة، ويحكى قصة إنسانية عن الطبيب «يحيى» الذى يعانى مشكلات فى النطق تجعله عاجزا عن التواصل طوال حياته، ويقرر عند هجرة أهله أن يسافر إلى الإسكندرية كى يبدأ حياته من جديد، وهناك يتعرف إلى الحبيبة «نورا» والصديق «قابيل»، الذى يكتشف من خلاله عالما لم يره من قبل. غير أن فرص الفيلم المصرى تبقى ضئيلة فى ظل اكتفاء لجنة المشاهدة، التى كونتها وزارة الثقافة بترشيح الفيلم، دون متابعة أو دعاية حقيقية له داخل أمريكا، كما حدث من قبل مع أغلب الأفلام إلى خرجت من الترشيحات الأولى لغياب الدعاية والترويج لها. وينافس على الترشيحات أيضا الفيلم الجزائرى الفرنسى المشترك «خارجون عن القانون» لمخرجه رشيد بوشارب، وهو الفيلم الذى أثار جدلا كبيرا فى الأوساط الفرنسية عند عرضه فى مهرجان «كان» بدورته الماضية. ويعد الفيلم الجديد استكمالا لثلاثية «التاريخ الجزائرى غير المروى» كما يسميها، بدأها مع «بلديون» واستمرت فى «خارج عن القانون» كجزء ثان، ويتناول هذه المرة العنف الفرنسى أثناء فترة احتلال الجزائر، عن طريق ثلاثة إخوة يرون أن المقاومة هى الطريقة الوحيدة للاستقلال، ويؤسسون حركة كفاح مسلح ضد الفرنسيين. وفى المقابل، يقرر المسئولون الفرنسيون تأسيس فرقة سلاح مضادة غير رسمية باسم «اليد الحمراء» للتصدى لما سموه «الإرهاب الجزائرى» بإرهاب مضاد بكل الوسائل، حتى لو أدى ذلك إلى قتل المدنيين. أما الفيلم الأكثر حظا لعبور الجائزة فهو العراقى «ابن بابل»، ويحكى واقعا من تاريخ العراق الحديث، وتدور أحداثه فى شمال العراق، عام 2003، بعد مرور ثلاثة أسابيع على سقوط صدام حسين، حول قصة أحمد الطفل الكردى الذى يبلغ من العمر 12 عاما ويعيش مع جدته، التى تسمع أن بعض أسرى الحرب وجدوا أحياء فى الجنوب، فتقرر أن تعرف مصير ابنها المفقود، والد أحمد، الذى لم يعُد إلى منزله قط منذ حرب الخليج عام 1991. وطول الرحلة من جبال الشمال إلى أراضى بابل، كانا يستوقفان العربات ليركبوا مجانا متطفلين على الأغراب، والتقوا بالكثير من الرحالة مثلهم، يقومون برحلات مشابهة، فأخذ أحمد يتبع خطى منسية لأب لم يعرفه قط محاولا فهم ما تبحث عنه جدته، وأثناء الرحلة، ينمو الولد وينضج. وجاء منح مجلة «فاريتى» الأمريكية لمحمد الدراجى جائزة «مخرج الشرق الأوسط» لعام 2010، ليعبر بشكل واضح عن تحيز ورضا إعلامى أمريكى عن الفيلم، خاصة حينما تصفه المجلة بأنه «المخرج الأكثر اجتهادا فى المنطقة، ويقدم أفلاما تجعلنا ننظر إلى العالم من منظور مختلف»، وكل تلك مؤشرات على أن «ابن بابل» هو الأقرب لتمثيل العرب فى جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبى لعام 2011.
