حركة غير عادية تشهدها أروقة وزوايا وجدران مجلس الشعب المصرى، قبيل بدء كل دورة برلمانية، والسبب: أن الرئيس مبارك يأتى لافتتاحها، ويلقى خطابا يدعو فيه مجلسى البرلمان للانعقاد. وفى موعد كل خطاب رئاسى، يحتشد نواب مجلسى الشعب والشورى فى القاعة الرئيسية لمجلس الشعب، وهى التى تكاد بالكاد تكفى نواب الشعب فقط، وتطلق مدفعية المجلس 21 طلقة نارية، كإجراء رسمى يعلن من خلاله افتتاح الدورة البرلمانية. قبلها بأيام، تبدأ الجهات الأمنية إجراءاتها المعتادة لتأمين المكان، فتقوم بتمشيط كل شبر فى البرلمان، بالاستعانة بكلاب بوليسية مدربة وأجهزة الكترونية دقيقة للكشف عن المفرقعات، كما يقوم عمال الصيانة فى المجلس بطلاء أعمدة الإنارة والأبواب والمقاعد والمنصة التى سيطل منها الرئيس على أعضاء البرلمان. كما يتم دهان أسوار المجلس وجدرانه الخارجية. باختصار يتم تجديد كل شىء قبل حضور الرئيس. فى صباح يوم الافتتاح، وقبل وصول الرئيس للمجلس بساعات تبدأ قوات الأمن فى الانتشار فى شارع قصر العينى وكل الشوارع المجاورة، ويسارع النواب بالذهاب إلى البرلمان وقبل وصول الرئيس بساعات ليجدوا لهم مقعدا يجلسون عليه. يلقى الرئيس خطابه أمام مجلسى الشعب والشورى، بينما عدد مقاعد القاعة الرئيسية لمجلس الشعب يكفى لاستيعاب نواب الشعب بالكاد، خاصة مع زيادة أعضاء المجلس 64 «نائبة» يمثلن كوتة المرأة لأول مرة فى تاريخ البرلمان، بخلاف الوزراء والمسئولين الذين يشغلون ثلث مقاعد القاعة تقريبا. لهذا، من المتوقع أن يشهد خطاب اليوم، أزمة خانقة بسبب ضيق القاعة وعدم قدرتها على استيعاب الضيوف الجدد. فيما سبق، كان عدد كبير من نوب الإخوان يعزفون عن الذهاب للمجلس يوم زيارة الرئيس، حتى لا «يتعرضوا للبهدلة والزحام»، حسب قولهم، لكن هذه المرة يبدو حرص جميع النواب بلا استثناء على الحضور، خاصة فى ظل التركيبة الجديدة للبرلمان والتى يسيطر عليها الحزب الوطنى بالكامل «إلا قليلا». فى العادة، تبلغ أمانة المجلس نواب البرلمان بأن عليهم الحضور إلى القاعة قبل موعد وصول الرئيس بثلاث ساعات على الأقل، إذا أرادوا حضور الخطاب الرئاسى، وعند وصولهم مباشرة، يتم تحديد مقعد لكل منهم، ويصير مغادرة القاعة أو التحرك من موقعه ممنوعا عليه لأى سبب، ولو حتى الذهاب إلى دورة المياه، ولهذا، وبعد انتهاء الرئيس من خطابه، تجد العشرات منهم يتجمعون أمام دورات المياه، خاصة المصابين منهم بالسكر. فى هذا اليوم، يصير ممنوعا على النواب دخول المجلس بسياراتهم، فيضطر جميعهم إلى أن يركن سيارته بعيدا عن المجلس، ويسير مسافات طويلة على الأقدام، وعلى البوابة يسلم كل منهم أجهزة المحمول الخاصة به، على أن يتسلمها بعد انتهاء زيارة الرئيس، ثم يخضعون لتفتيش ذاتى، ويمرون على أكثر من بوابة إلكترونية. النواب المخضرمون الذين سبق لهم حضور خطابات الرئيس هم الذين سيذهبون إلى المجلس مبكرا، لأنهم يعرفون مجريات الامور فى ذلك اليوم، أما النواب الجدد فقد يفاجأ الكثير منهم بأن الوقت المسموح به لدخول القاعة انتهى، فيضطر إلى العودة إلى بيته دون رؤية الرئيس.