أكد رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، والقائم بأعمال وزير الاستثمار، أن الحكومة تستهدف مضاعفة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 15 مليار دولار، كما قال فى حوار له مع وكالة بلومبرج، مساء أمس الأول. «نعلم أن هذا يعتمد على عوامل كثيرة لا نسيطر عليها ولكن هناك عاملا واحدا نسعى إلى تفعيله بصورة أكبر من أجل تحقيق ذلك، وهو فتح مجالات أكثر للاستثمار. ومن هنا تبرز أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى الاستثمار فى البنية الأساسية»، يقول رشيد. وترى عالية ممدوح، محللة الاقتصاد الكلى فى بنك الاستثمار سى آى كابيتال، أن هذا الرقم «كبير جدا» يصعب تحقيقه خلال عامين فقط من الآن، قائلة: «هناك مشاكل كثيرة تعوق تحقيق ذلك، لا ترتبط فى الجزء الأكبر منها بوضع الاقتصاد المصرى، وإنما بشكل الاقتصاد العالمى»، كما جاء على لسانها، مشيرة إلى أن أمريكا (29% من حجم الاستثمارات الأجنبية) وأوروبا (33% منها)، وهما أكبر موردين للاستثمار فى مصر لايزال بهما مشاكل كبيرة. «الطلب لايزال منخفضا جدا فى هذه الدول، ومعدل البطالة مرتفع، وليس معنى أن هناك بعض الدول الأوروبية نجحت فى أن تتعافى، أن المشكلة قد تم حلها. فهذا غير صحيح، مشكلة الديون قائمة ولم تحل بعد، ولا نعلم متى سيتم التغلب على هذه الأزمة»، تضيف ممدوح. وبرغم اتفاق رشيد على أن استمرار الأزمة فى أوروبا سيكون له، بشكل ما، تأثير سلبى على الاستثمارات الأجنبية فى مصر، فإنه كما أوضح فى حوار مع الفايننشيال تايمز، قد يمثل «فرصة لمصر»، موضحا أن بعض الشركات الأوروبية، التى تتمتع الآن بملاءة جيدة، تبحث عن أماكن النمو للاستثمار فيها، ومصر من ضمن هذه الأماكن. و«لذلك جاءت بعض الشركات إلى مصر مثل الكترولوكس السويدية، وماكرو الألمانية، فى الأسابيع الأخيرة للاستثمار لدينا»، يقول الوزير. وقد تراجع حجم الاستثمار الأجنبى على خلفية الأزمة العالمية من 13 مليار دولار فى 2007/2008 إلى 8.1 فى 2008/2009، و6.8 مليار دولار فى 2009/2010. ولم يتجاوز حجم الاستثمارات الأجنبية التى دخلت مصر فى النصف الأول من العام المالى الجارى 2009/2010، ال2.63 مليار دولار، ولكن الحكومة، تتوقع أن تصل إلى 7.5 مليار بنهاية العام المالى الجارى، على أن تزيد الاستثمارات إلى 10 مليارات دولار فى العام المالى المقبل. «لقد تراجعت نسبة الانخفاض فى الاستثمارات بالفعل ولكن هذا لا يعد مؤشرا كافيا لتوقع هذا الرقم المتفائل»، بحسب قول ممدوح، مشيرة إلى أن توقعات سى آى كابيتال لا تتفق مع هذه الأرقام. ويتوقع سى آى كابيتال أن يصل حجم الاستثمارات الأجنبية بنهاية 2010/2011 إلى 7.7 مليار دولار، على أن تصل فى 2011/2012 (العام الذى استهدفه الوزير) إلى 9.8 مليار دولار. «لن نستطيع أن نصل إلى هذا الرقم قبل 4 سنوات، خاصة إذا كنا سنعتمد على الاستثمارات القادمة من أوروبا والولايات المتحدة»، وفقا لممدوح، مشيرة إلى أن سى آى كابيتال توقع 15.5 مليار دولار للاستثمار فى 2013/2014. ويشير رشيد فى حواره إلى أنه من المتوقع استمرار اعتماد الاستثمارات الأجنبية على كل من أمريكا وأوروبا كمصدرين رئيسيين للاستثمارات الأجنبية، ولكن مع ظهور دول جديدة فى الأفق مثل الصين، والهند، وغيرها من الدول الآسيوية. ويعتمد رشيد فى توقعاته على مضاعفة الاستثمارات على نمو عدد السكان فى مصر، الذى بحسب قوله، يفتح آفاقا للاستثمار فى مجال البنية الأساسية، خاصة أن مصر تريد أن تفتح المجال أمام الاستثمار الأجنبى فى الصحة والتعليم. «إذا استمر الاقتصاد المصرى فى النمو ب6% سنويا، سيكون لدينا طلب كافٍ للدفع بعجلة الاستثمار»، يقول رشيد، مدللا على كلامه بحجم الاستهلاك فى مجال السلع المعمرة، الذى تضاعف 10 مرات فى الفترة ما بين 2000/2010، ليصل إلى 10 ملايين وحدة. «هذا يحدث فقط بسبب نمو الاقتصاد فى الدولة»، بحسب قوله. ولكن هذا التفاؤل، لم يمنع رشيد من الاعتراف بوجود بعض الإجراءات الضرورية التى لابد من معالجتها من أجل القدرة على تهيئة المناخ فى مصر للاستثمار، فى حواره مع الفايننشيال تايمز «يجب أن نبذل جهدا أكبر من أجل تسهيل فرص الاستثمار الأجنبى، وتذليل المشاكل التى تعوقه فى مصر. باختصار، نجعله متاحا وأسهل»، بحسب قوله مشيرا إلى أن الحكومة أعدت بعض القوانين التى تساعد على ذلك مثل قانون الشراكة مع القطاع الخاص الذى اعتمدته مؤخرا، وقانون تخصيص الأراضى الذى نعمل عليه حاليا. ومن النقاط الأخرى، التى يراها ضرورية لإيجاد مزيد من الديناميكية فى السوق، مراجعة منظومة الدعم بأكملها، وهذا لا يعنى «أن نلغيها بل أن نجعلها أكثر فاعلية بحيث لا تقوم بتشويه السوق».