«عملاق السياسة الخارجية الأمريكية».. «المقاوم الشرس»، هكذا وصف الرئيس الأمريكى باراك أوباما الدبلوماسى الأمريكى المخضرم ريتشارد هولبروك، الذى توفى أمس الأول عن 69 عاما. هولبروك بدأ مسيرته الدبلوماسية فى فيتنام قبل نحو خمسين عاما، وفى 1995 عينه الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون مساعدا لوزير الخارجية المكلف بالشئون الأوروبية. وبصفته هذه كان مهندس «اتفاق دايتون» الذى أنهى حرب البوسنة (1992 1995)، ليطلق عليه لقب «كيسنجر البلقان» تشبيها لدور مستشار الأمن القومى ووزير الخارجية الأسبق هنرى كيسنجر فى عملية السلام بالشرق الأوسط، التى أسفرت عن وقف إطلاق النار بين مصر وسوريا وإسرائيل، وتوقيع اتفاقية الفصل بين القوات على الجبهة العربية الإسرائيلية عام 1974. قام هولبروك بعدة زيارات إلى يوغوسلافيا السابقة ولم يتردد فى اعتماد لهجة قوية مع الرئيس الصربى السابق سلوبودان ميلوسيفيتش من أجل التفاوض على اتفاق دايتون الذى لايزال يعتبر حتى اليوم من أكبر نجاحات الدبلوماسية الأمريكية. وهو ينعى هولبروك، قال رئيس لجنة الشئون الخارجية فى مجلس الشيوخ الأمريكى جون كيرى إن دوره أتاح إنقاذ «عشرات آلاف من الأرواح» فى هذا النزاع الذى أسفر عن مقتل نحو عشرة آلاف مسلم بوسنى وتدمير مئات القرى. وقد عمل هولبروك أيضا سفيرا لدى الأممالمتحدة وألمانيا ومساعدا لوزير الخارجية، وكان المبعوث الخاص للولايات المتحدة فى أفغانستانوباكستان منذ تولى أوباما الحكم عام 2009، فى محاولة لإنهاء الحرب التى بدأت أواخر 2001، وجاءت وفاته فى ظرف صعب بالنسبة للرئيس الأمريكى الذى كان يستعد لعقد سلسلة من الاجتماعات لمراجعة سياسته فى أفغانستان، وقد دعا قبيل خضوعه لعملية جراحية طويلة الأسبوع الماضى إلى وقف الحرب فى أفغانستان. وعد إعلان الخارجية أنه فى حالة حرجة عقب إجرائه عملية جراحية فى القلب بمستشفى جامعة جورج واشنطن، قال أوباما إنه يصلى هو وزوجته ميشال من أجل شفائه، مضيفا أن «أمريكا والعالم أكثر أمانا بفضل عمل هولبروك». وقد نعته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، قائلة إن «أمريكا فقدت واحدا من أعتى أبطالها وأشد موظفيها العموميين إخلاصا وتفانيا». وقد اكتسب هولبروك احترام قادة العالم حتى من يفترض أنهم أعداء لواشنطن. فقد تلقت زوجته الثالثة الصحفية كاتى مارتون اتصالا هاتفيا للمواساة من الرئيس الأفغانى حامد قرضاى، الذى وقعت بينه وبين هولبروك مشادة حامية فى عام 2009 عقب إعلان نتائج الانتخابات الأفغانية، التى شابها تزوير، وقيل وقتها إن قرضاى ناقش بغضب انتقادات هولبروك التى ركزت أيضا على صفقات أبرمها مع أمراء الحرب فى محاولة لكسب تأييدهم قبل الانتخابات. وبدوره قال الرئيس الباكستانى آصف على زردارى إن: «باكستان فقدت صديقا».