لماذا لا يبحث الدكتور محمد البرادعى عن قناة شرعية يتحرك من خلالها هو وأنصاره؟ هذا تساؤل مهم يطرحه علىّ القارئ المثقف د. مجدى طه غلاب فى رسالة طويلة تلقيتها عبر البريد العادى، ومعه الإجابة بقوله: «أصبح حتميا ولازما أن يتحرك البرادعى وأنصاره عبر قناة شرعية، وينبغى عليه ألا يبالغ فى أنه لا يريد أن يعمل من خلال حزب تمت الموافقة عليه من لجنة الأحزاب بما عليها من تحفظات كلنا يعرفها ويرفض أيضا أن يؤسس حزبا من خلالها». وتأسيسا على ذلك يرى د. غلاب أن لجوء البرادعى وأنصاره لحزب ليبرالى ليس انتهازية، لأن أفكاره ليبرالية ذات بعد اجتماعى يسعى للعدالة الاجتماعية وهو فى هذه النقطة بالذات أقرب إلى حزب الجبهة من حزب الوفد، كما أن أنصاره معظمهم من الطبقة الوسطى والشباب وهم أميل بالطبع إلى حزب الجبهة. ويدعم صاحب الرسالة اقتراحه بجملة من الأسانيد، منها أن حزب الجبهة (الذى هو عضو حديث فيه) يساند البرادعى فعليا ويعقد له المؤتمرات فى الداخل والخارج، كما أنه لا يعتقد أن د. أسامة الغزالى حرب سيرفض ذلك، هامسا فى أذن البرادعى بأن «تحالفه مع الإخوان ربما يصبح نوعا من الانتهازية من الطرفين إذ إن هناك خلافا أيديولوجيا واضحا بينهما، سيفقد البرادعى مصداقيته ولن يضر الإخوان كثيرا، وأظن أن تجربة حزب العمل لم تزل فى الأذهان» ويذهب صاحب الاقتراح أو «خارطة الطريق» كما يسميها إلى أهمية نزول البرادعى من العالم الافتراضى إلى أرض الواقع، عبر جريدة للحزب وقناة فضائية، محذرا من «أن يخطئ البرادعى أخطاء تاريخية فهو حاليا الرمز، والإحساس بمصداقيته زاد بعد أن تحقق ما تنبأ به من أنها انتخابات عبثية، وقد كان». هذا تقريبا ملخص ما جاء فى الرسالة المهمة من قارئ مثقف كان من الذين استقبلوا البرادعى فى المطار وكان يعقد آمالا كبيرة عليه ولايزال. وتبقى بعض الملاحظات على مضمونها، منها أن تكرس حالة التجاذب بين القوى السياسية حول البرادعى، فهو يريده فى حزب الجبهة، بدلا من الذهاب للتحالف مع الإخوان.. ولا شك أن هناك من بين الإخوان من يرى أنه الأجدر أن ينسق البرادعى مع الجماعة، ولا يذهب للأحزاب.. وهذا تجسيد لحالة استقطاب تنتاب الجماعة الوطنية، تدفع كل طرف إلى محاولة الاستئثار بالرجل، وظنى أن هذا من شأنه تشتيت جهود «المعارضات المصرية»، ما يعطى الحزب الحاكم طاقة إضافية للتغول والاستشراس السياسى. والسؤال: لماذا لا تكون هناك جبهة وطنية تلتئم من خلالها كل القوى السياسية الساعية للتغيير؟