رفض أزهريون وفقهاء دعوة أحد الحقوقيين أثناء انعقاد مؤتمر التعليم والمواطنة الذى نظمته جمعية «مصريون ضد التمييز» أمس الأول بحزب التجمع، لإلغاء مادة التربية الدينية من مناهج التعليم الأساسى، وبعض الدعاوى الأخرى بإلغاء مسابقات حفظ القرآن الكريم فى الأنشطة المدرسية.. تحت ذريعة دعم قيم «المواطنة». المستشار طارق البشرى الفقيه القانونى المعروف، قال إن ما تطالب به الجمعية وبعض الأصوات من حين لآخر، لإلغاء مادة التربية الدينية أمر مخالف للمادة 16 من الدستور التى تنص على أن «التربية الدينية مادة أساسية فى مناهج التعليم العام»، مؤكدا أن الدين من أهم المقومات فى المجتمع، بل يعد أساسها. وأشار إلى أن المدارس أصبحت الجهة الوحيدة التى تعلم الدين رغم ما يؤخذ على المناهج الدينية والتعليمية بوجه عام من مآخذ، إلا أن هذا الضوء الخافت يجب أن ندعمه ولا نطفئ مصابيحه تماما، وتساءل:هل نغلق الباب الوحيد الذى يتعلم منه أبناؤنا الدين بعد أن أغلقت وزارة الأوقاف مساجدها بعد أداء الصلاة؟، وقال ربما يستند بعض الأقباط فى إلغاء مادة التربية الدينية إلى تعليم أبنائهم الديانة المسيحية فى الكنائس! واستنكر المستشار البشرى محاولات إقصاء الإسلام عن الحياة السياسية والثقافية المصرية، وقال «يجب أن نركز جهودنا الإصلاحية والثقافية على دعم ثقافة التعايش بين الإسلام والمسيحية وإزالة كل ما يؤدى إلى التطرف والتعصب، ويجب ألا تنحصر الجهود على إثارة المشاعر الدينية وإقصاء الدين عن المجتمع». ورفض المستشار البشرى تخفيف الآيات القرآنية فى مادة اللغة العربية، وقال إن النص القرآنى بليغ للغاية وهو وعاء اللغة، وقال «الحذف مستحيل، فالنصوص للتعلم وليست للتعبد، وقال إن الإنجيل مترجم وليس نصا فى اللغة العربية، كما أن الأقباط لم يحكموا مصر، ولهذا فإن هذه الفترة التاريخية التى يتحدثون عنها هى مرحلة رومانية، وطالب بأن تسلك المواطنة طريقا آخر غير الإثارة الدينية. ومن جانبها، قالت الدكتورة آمنة نصير الأستاذة بجامعة الأزهر: إن ما تطالب به هذه الجمعية ليس من المواطنة فى شئ، بل إننى أذكرهم بالمواطنة الحقيقية، التى نشأت وترعرعت إبان ثورة 1919، حيث يسجل التاريخ كلمات للأب سرجيوس، الذى وقف على منبر الأزهر الشريف ليقول «إذا كان الإنجليز يتمسكون ببقائهم فى مصر بحجة حماية الأقباط فأقول ليمت القبط وليحيا المسلمون أحرارا »،وقال أيضا «اذا كان استقلال المصريين يحتاج للتضحية بمليون قبطى، فلا بأس من هذه التضحية». وأشارت إلى أن الأقباط كان لهم رواق فى الأزهر يتلقون فيه العلوم التطبيقية والشرعية، وكثيرون من مثقفى القبط درسوا فيه، مثل أولاد العسال وميخائيل عبدالسيد صاحب صحيفة الوطن ووهبى تادرس الشاعر المعروف الذى كان حافظا للقرآن الكريم ويستشهد به، وبالطبع لاننس الزعيم عمر مكرم وغيرهم كثيرين. وتضيف الدكتورة آمنة إن المطالبة بحذف آيات القرآن الكريم من مناهج اللغة العربية لا مبرر لها، فيقول تعالى «قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لانفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون»، وتتساءل: فلماذا الخوف من مثل هذه المعانى التى تحث على الإيمان بجميع الأنبياء. وكل آيات القرآن والأحاديث النبوية وسيرة الصحابة رضوان الله عليهم تؤكد على حب الآخر. وترى أن لوجود الآيات القرآنية دلالة لغوية حيث يتطابق النص القرآنى مع وعاء اللغة العربية، والجميع يدرك عظم التلاحم والتعاظم بين الدلالة البلاغية للقرآن واللغة العربية، وهى قضية يدركها جميع المثقفين القبط. ورفضت بشدة إلغاء مادة التربية الدينية من المناهج التعليمية، ووصفت هذا الطرح بأنه نوع من الأمية وسوء النية وحالة من الانتهازية فى مرحلة تختلط فيها كل الألوان دون وعى، مؤكدة أن العناية بتدريس الدين للجميع أساس لتشكيل النشء فى وقت تكالبت فيه على المجتمع كل المؤثرات السيئة. وطالبت بالكف عن مثل تلك المطالبات التى تراها من القضايا المثيرة للقيل والقال ولا يقصد بها النفع للمجتمع، وقالت «أخشى أن ندمر أجمل ما فى هذا المجتمع». بينما يرى الدكتور عبدالمعطى بيومى، عضو مجمع البحوث الإسلامية أن التعليم الأساسى هو حجر الزاوية فى بنيان الفرد، وليس من الحكمة إلغاء تدريس الدين وقال: إن أرقى الدول بدأت الآن فى تدريس التربية الدينية فى مدارسها، فهل نحدث نحن انتكاسة بالعدول عن هذا الطرح، الذى يشكل بنيان الفرد، سواء كان مسلما أو مسيحيا. وقال: إن هذه الدعوة لا تعنى المواطنة بل هى دعوة إلى «اللادينية»، لأنها تكرس للتعصب وتزيد من حدة الجرائم الأخلاقية، وطالب بتطوير مناهج التربية الدينية وليس حذفها، وانتقد أداء بعض منظمات المجتمع المدنى، وقال إنهم يبيعون الوطن مقابل «منح» من الجهات الأجنبية!.