«السحر الإنسانى». هذا أكثر ما ميز الراحل محمد حسن، المصور بجريدة «الشروق»، وسحره الطاغى على قلوب زملائه يظهر فى ذكرياته الباسمة التى تركها لديهم رغم صغر سنه، وأعوامه القليلة التى قضاها معهم. بهذه الكلمات نعى يحيى القلاش عضو مجلس نقابة الصحفيين، المصور الراحل محمد حسن، خلال حفل التكريم الذى أقامته له نقابة الصحفيين أمس الأول. محمد رحل عن عمر يناهز 23 عاما، إثر سقوط حجر عليه أثناء جلوسه بإحدى المقاهى فى وسط المدينة قبل عيد الأضحى بليلة واحدة. يقول القلاش: «فى مهنة الصحافة المصور هو ابن موت»، لأنه يجب أن يكون فى مكان الحدث، ولا يمكن أن ينقل الواقع بأى طريقة أخرى كما يفعل المحرر، فهو عين الحقيقة التى تنقلها الصورة بلا شطب أو تعديل. رغم سنه الصغيرة استطاع محمد أن يصنع لنفسه تاريخا حافلا بالأحداث المسجلة، التى نقشتها عدسته فى صوره المحفوظة داخل أرشيف جريدة «الشروق»، وترى رندا شعث رئيس قسم التصوير أنه كان مبدعا ولديه فكر مختلف، «كان دايما بيحاول يقول رأيه فى الصورة»، وتضيف أنه أبدا لم يكن «مدللا ولا أنانيا»، بالرغم من إنه كان وحيد والديه. وتمنى حسام دياب رئيس شعبة المصورين بنقابة الصحفيين، أن يكون أبناؤه فى خلق وكفاءة محمد الذى لم يقابله إلا مرات قليلة ولكنه لا ينساه. عقب وفاة محمد حسن أطلق معهد الصورة العالمى منحة دراسية للعاملين فى حقل التصوير الصحفى باسمه، لأنه كان أحد أنبغ المصورين المشاركين فى ورشة العمل، التى نظمها المعهد فى مدينة اسطنبول العاصمة التركية، كما ظهر فى بيان على موقع المعهد الإلكترونى. كلمات من القرآن فى بداية حفل التكريم أثلجت الصدور، وذكريات محمد مع كل شخص بالقاعة بدأت تطل فى عيون الحاضرين، وتجلت أعماله الكثيرة القيمة على شاشة العرض داخل القاعة، وهى حصاد تركه بعد رحلة عمل انتهت سريعا كان عمرها عامين فقط. حكى الزميل مجدى إبراهيم: الراحل زار مدبغة أكثر من 15 مرة، لأنه لم يكن يتوقف عند تصوير الأشياء والجو، لكنه كان يبحث عن انفعالات الوجوه والتعبير الإنسانى المميز للمكان. انتهى الأمر، كما أضافت هبة خليفة، إلى أن أصبحت كل لقطة فوتوغرافية من كاميرا محمد حسن «بمثابة لوحة فنية مكتملة التكوين والألوان والتعبير أيضا». كان محمد مبدعا فى صناعة القصة المصورة، حصل على الجائزة الثالثة عن موضوع القصة المصورة فى مسابقة شعبة المصورين بنقابة الصحفيين، لقصته المصورة عن صناعة «الفوطة الصفراء» لتنظيف السيارات، والتى صورها فى إحدى الورش الخاصة، ولقط صورا رائعة فى اسطنبول، صنع بها أيضا قصة مصورة عنوانها «الإسلام والعلمانية»، خلال ورشة العمل الخاصة بالمنحة الدراسية التى حصل عليها من معهد الصورة العالمى بتركيا. وقامت نقابة الصحفيين بإهداء درع تكريم للراحل محمد حسن تسلمه والده، وروى أصدقاؤه من الجريدة ومن خارجها خلال حفل التكريم ذكرياتهم مع الراحل التى لا تخلو من الحديث عن ابتسامته الدائمة وخجله، وتقبله لنصيحة الآخرين. وأكد زملاؤه فى قسم التصوير أنه كان مختلفا فى رؤيته للصورة، وقال أحمد عبداللطيف المصور بجريدة «الشروق»: «إنه كان يتعلم من محمد عندما يرى صوره»، على الرغم من أن أحمد يعمل كمصور منذ أربعة أعوام، وهنا رد مجدى إبراهيم المصور ب«الشروق»: «أنا بقى لى 15 سنة مصور وكنت بتعلم من محمد». وأشار صابر مشهور رئيس قسم الحوادث بجريدة «الشروق» خلال حفل التكريم، أن أعداد الوفيات الناتجة عن الإهمال فى زيادة يومية، سواء على الطرق أو فى حوادث مختلفة، «عدد الوفيات بالقتل العمد أصبحت أقل من وفيات الإهمال»، وطالب الإعلاميين الموجودين فى المكان «بوقفة حقيقية تجاه القتل الخطأ».