عندما طرح رئيس الفيفا جوزيف بلاتر فى سيدنى فكرته لأول مرة فى مايو 2008، إعلان البلدين المنظمين لمونديالى 2018 و2022 فى يوم واحد.. لم يكن يتصور، لا هو، ولا أعضاء الجمعية العمومية الذين أيدوه بالإجماع كالعادة، أن هذا اليوم سيأتى «أسود» على الفيفا، ملبدا بالغيوم، سيأتى والأمور معقدة بصورة لم يسبق لها مثيل على مدى الأعوام ال 106 التى تمثل عمره المديد! يكفى أن يجلس أعضاء اللجنة التنفيذية للاقتراع ومنظمة الشفافية الدولية تطالبهم بالتأجيل. غدًا مطلوب اختيار البلدين المنظمين لمونديالى 2018 و2022.. لكن بعد غد سيكون المطلوب استقالة بلاتر نفسه وأعوانه المخضرمين فى اللجنة التنفيذية.. وبعد غدٍ لناظره قريب تعقيد الموقف يأتى على صعيدين الأول على مستوى عملية التصويت نفسها، بسبب تداخل المصالح بين الملفات المرشحة للبطولتين، مما أدى إلى ظهور تحالفات معلنة، وأخرى غير معلنة لتبادل الأصوات بين البطولتين.. «أعطنى صوتك ومن معك فى اقتراع 2018، أعطك صوتى ومن معى فى اقتراع 2022»..! أما الأمر الثانى الذى يزيد من تعقيد الحسابات، فهو تلك الملابسات وشبهات الفساد التى دمرت سمعة اللجنة التنفيذية للفيفا، فاللجنة لأول مرة «ستلعب» ناقصة عضوين أدامو وتيمارى تم إيقافهما قبل شهر فى فضيحة بيع أصوات فى اقتراع الغد فجرتها صحيفة «صنداى تايمز»، ثم تلوثت أسماء ثلاثة من رموز الفيفا الكبار بفضيحة جديدة قديمة فجرتها شبكة بى بى سى البريطيانية أمس الأول، وهم حياتو وتيكسييرا وليوز، فأعلنت أرقام حساباتهم والملايين التى تدفقت عليهم على دفعات وصلت عند البعض إلى 20 دفعة..! وأصبح الجميع فى انتظار رد فعل الرئيس بلاتر الذى أصبح فى موقف لا يحسد عليه، فهو لن يستطيع تأجيل التصويت بعد أن وصل زعماء ورؤساء الدول المرشحة للتنظيم إلى زيوريخ، حيث سيتم عرض الملفات مرة أخرى فى مراجعة أخيرة قبل الامتحان، وفى الوقت نفسه أصبح على بلاتر ورموزه أن يواجهوا قادة الدول، وقد سقطت عنهم الأقنعة..! من يعرف بلاتر جيداً، يدرك قدرته الفائقة على الالتفاف حول المشكلات، وأنه اختصاصى فى معالجة خدوش الصورة! لا أتصور أنه سيبدى أى رد فعل حالياً تجاه فضيحة الثلاثة الكبار، ولكن بعد عملية التصويت عليه أن يستعد من الآن، فالأصوات ستعلو مطالبة باستقالته للفساد الذى وصل إلى عظم جسد الفيفا فى عهده..! ويبقى السؤال: تُرى هل فى ظل هذه الأجواء يمكن الحديث عن الملفات والتصويت النزيه؟! كما قلنا المال أولاً، والعلاقات ثانياً، وجودة الملفات تسعة وتسعون..! ورغم ذلك تعالوا نبحث ب «نظافة» فى سيناريوهات التصويت المحتملة فى الاقتراعين.. لكن قبل ذلك لابد من ذكر عوامل عدة ستؤثر بلا شك على سير عملية التصويت وهى: ● تحالف إسبانيا والبرتغال فى 2018 مع قطر فى 2022.. قد يكون سبباً رئيسياً فى فوزهما معاً، لأنه يضم 9 أصوات إذا لم تحدث خيانة من أحدهم، والأصوات التسعة هى: القطرى محمد بن همام، والتايلاندى واروى ماكودى (آسيا)، وهانى أبوريدة وعيسى حياتو وجاك أنوما (أفريقيا)، وأنخل ماريا فيلار (أوروبا)، وريكاردو تيكسييرا وخوليو جروندونا ونيكولاس ليوز (أمريكا الجنوبية)، كما سترتفع هذه الأصوات إلى عشرة بانضمام الكورى الجنوبى تشونج مون إلى التحالف بعد أن تخرج كوريا الجنوبية من الدور الأول أو الثانى على أقصى تقدير..! وبالتالى يمكن لكل من الملفين الفوز حتى من بداية الدور الأول، إذا ما حصل على صوتين أو ثلاثة من خارج التحالف، على أقل تقدير لاشك فى وصول الملفين إلى الدور النهائى لعملية التصويت، لكن.. وهنا يجب أن نضع أكثر من خط تحت هذه الكلمة.. هذا التحالف قد يكون سبباً مباشراً فى عدم فوز الملفين، لأن الدور قبل النهائى المتوقع سيكون بين إسبانياوروسياوإنجلترا عام 2018، وبين قطر وأمريكا وأستراليا عام 2022. ستتصدر إسبانيا وتخرج إنجلترا فى الأول، وستتصدر قطر وتخرج أستراليا فى الثاني، لكن هنا سيحدث تحالف من نوع آخر، فأصوات الإنجليز ستذهب للروس، وأصوات الأستراليين ستذهب إلى الأمريكيين، نكاية فى الحلفين قطر وإسبانيا اللذين أثارا بقية المرشحين ضدهما..! ومن هنا تتضح أهمية حاجة الإسبان والقطريين إلى فوز مبكر قبل تحالف الآخرين ضد ملفيهما..! نقطة مهمة أخرى هنا قد تؤثر على فرصة قطر على وجه التحديد، وهى الأصوات الأمريكيةالجنوبية الثلاثة، فمازالت تساورنى شكوك قوية فى أنها لن تلتزم بالتحالف بصورة كاملة، فمن المؤكد أنها ستذهب إلى إسبانيا خاصة أن الأمين العام لاتحاد أمريكا الجنوبية أعلن صراحة فى مؤتمر صحفى منذ أربعة أيام أن أمريكا الجنوبية تساند إسبانيا علانية وبقوة فى 2018. وبالنسبة ل 2022 أتصور أن الوضع سيكون مختلفاً، قد يمنح تيكسييرا صوته للقطريين، لكن صوتيّ جروندونا وليوز، الخادمين المطيعين للرئيس بلاتر، سيذهبان إلى الولاياتالمتحدة، وهنا ستكون خسارة قطر محققة..! إلا أن القطريين متأكدون من أن ليوز وجروندونا لن يذهبا شمالاً إلى الولاياتالمتحدة.. نتمنى ذلك، والأمر نفسه وارد الحدوث مع الإسبان فيما يخص أصوات أفريقيا. من المؤكد أن أبوريدة يحترم اتفاقه مع ابن همام ومع فيلار، وسيمنح صوته فى 2018 لإسبانيا، أما حياتو وأنوما فأغلب ظنى أنه ستكون لصوتيهما وجهة أخرى.. قد تكون فى الأغلب تجاه سيبيريا..! أما فى 2022 فصوت أنوما مضمون لقطر لعلاقته الوطيدة بابن همام، أما حياتو الذى اعتاد المراوغة، فلا أدرى ماذا حدث فى لقائه الرئيس أوباما الأربعاء الماضي، وهل سيفضل الأمريكيين على قطر؟ لكن ابن همام قال لى أمس: «لا.. حياتو معنا»، أيضاً.. أتمنى ذلك! عامل آخر سيؤثر فى سير عملية التصويت عنوانه «جوزيف بلاتر».. فماذا يريد بلاتر ويعمل له فى الخفاء؟، هو فى العلن مع الجميع، وفى الخفاء مع اثنين.. أتصور أنهما روسيا فى 2018 وأمريكا فى 2022، فهو مع الروس لأكثر من سبب، أولها أنه ضد التحالف الإسبانى القطري، وثانيها أنه ضد الملفات المشتركة (إسبانيا والبرتغال) و(بلجيكا وهولندا).. وأيضاً لأن مصالحه ممتدة مع الروس منذ أن كان كولوسكوف عضواً فى اللجنة التنفيذية.. كانت ومازالت..! أما دعمه للأمريكيين فى 2022 فمرجعه الرئيسى أنه لا يريد لقطر الفوز، لسببين: الأول ابن همام المرشح المحتمل دائماً لرئاسة الفيفا، والذى ستتأكد قوته إذا ما فازت قطر، والثانى اتهامات الفساد التى أصبحت تطارد الفيفا، وهو هنا يعلم أن قطر مهما كان فوزها عن استحقاق، فإن ذلك لن يوقف حملة إعلامية غربية متوقعة على قطر، وهذا حالنا دائماً مع الغرب..! أما فوز أمريكا فسيبدو مقبولاً ومنطقياً، وسيقى بلاتر شر صداع الرأس..! باختصار.. هو يسعى لخسارة قطر دون أن يظهر هو فى الصورة حتى يعفى نفسه من الحرج أمام القطريين..! أيضاً لا نغفل عوامل أخرى ونحن نبحث فى سيناريوهات التصويت منها: كتلة الكونكاكاف (ثلاثة أصوات) بقيادة الرهيب وارنر، تدعم الولاياتالمتحدة بقوة فى 2022، لأن وارنر يطمح فى منصب رئيس الوزراء فى بلاده ترينداد وتوباجو، وهو فى حاجة إلى الدعم السياسى الأمريكى لذلك التطلع..! ورغم أن الملفات المرشحة للبطولتين عددها تسعة، فلن يحصل أى ملف على «صفر» من الأصوات، لأن 8 ملفات من التسعة لديها ممثلون من بلد الملف نفسه فى اللجنة التنفيذية.. الدولة الوحيدة التى لا ممثل لها فى اللجنة التنفيذية هى أستراليا، لكن القيصر الألمانى فرانز بيكنباور قرر أن يكون ممثلها.. بإعلانه دعمه ملف أستراليا فى 2022، وبالتالى لن يحصل أحد على «الصفر» المسجل باسم الملف المصرى فى التصويت على تنظيم مونديال 2010..! وهنا يجدر ذكر أن القطريين يشعرون بمرارة تجاه موقف بيكنباور، لأن ألمانيا لم تكن لتفوز على جنوب أفريقيا فى الاقتراع على تنظيم مونديال 2006 لولا حشد ابن همام للأصوات الآسيوية الأربعة خلف ألمانيا وبيكنباور الذى يتولى مسئولية ملفها. هناك صوتان محيران، لا أحد يعلم وجهتهما الحقيقية على وجه التحديد، القبرصى ماريوس ليفكاريتيس والتركى أرزيك، لكن أغلب الظن أنهما سيذهبان إلى روسيا 2018، وفى 2022 بينما يذهب ليفكاريتيس إلى الأمريكيين، سيذهب أرزيك إلى الأستراليين، وبعدهما يأتى البلجيكى ميشيل هوج الذى أتصور أنه سيكون الصوت الوحيد الذى سيذهب لملف بلجيكا وهولندا 2018 فى الدور الأول، ثم إلى الإسبان فى الدور الثانى. أما تحديد اتجاه صوته فى 2022 فغير معلوم، خاصة أنه من النوع الكتوم..! ضربة «صنداى تايمز» وبعدها صفعة بى بى سي.. أتصور أنهما قضتا على أية بارقة أمل فى فوز الملف الإنجليزي، فأغلب الظن أن إنجلترا لن تحصل سوى على صوت ممثلها جيفرى طومسون، وربما على صوت آخر أو صوتين، لكنها أبداً لن تفوز خاصة أن موقفها من البداية صعب فى مواجهة الروس والإسبان. والآن إلى سيناريوهات التصويت: 2018 الملفات المرشحة أربعة: إنجلتراروسيا«إسبانيا والبرتغال» (ملف مشترك) «بلجيكا وهولندا» (ملف مشترك). الدور الأول: من المؤكد خروج بلجيكا وهولندا برصيد صوت واحد للبلجيكى ميشيل هوج، وقد ترافقهما إنجلترا فى الدور نفسه بالرصيد نفسه إذا ما فازت فقط بصوت جيفرى طومسون، والصدارة ستكون فى هذا الدور للإسبان. الدور الثانى: سيقام هذا الدور إذا ما حصلت إنجلترا على صوت آخر أو اثنين بخلاف صوت ممثلها، لكن فى جميع الأحوال خروجها هنا محتم. الدور الأخير: ستخوضه روسيا فى مواجهة الإسبان والبرتغاليين.. المنافسة ستكون شرسة وفرصة الإسبان أكثر نسبياً، وإذا فازت روسيا سيكون بفضل صوت الرئيس الذى يرجح الكفة فى حالة تساوى الأصوات. 2022 الملفات المرشحة خمسة: اليابان أستراليا أمريكا قطر كوريا الجنوبية الدور الأول: ستخرج اليابان بحصولها على صوت وحيد لممثلها جونجى أوجورا.. وأهمية هذا الدور تكمن فى كشفه هل ستحدث خيانة من معسكر أمريكا الجنوبية لقطر أم لا؟ فالصدارة هنا ينبغى أن تكون لقطر، أما إذا كانت للولايات المتحدة، فهذا معناه أن المنافسة ستبقى مفتوحة إلى حين خروج أستراليا. الدور الثانى: ستخرج كوريا الجنوبية، هذا إن لم تكن قد خرجت من الدور الأول بصوت وحيد لممثلها تشونج مون، لكن أغلب الظن أن الدكتور الكورى الساعى إلى رئاسة الفيفا، عليه إثبات أن علاقاته تسمح بخروج بلاده وفى رصيدها صوتان أو ثلاثة على أقل تقدير..! الدور الثالث: ستحصل قطر على صوت كوريا الجنوبية، وستخرج أستراليا، وهذا هو دور الفوز القطرى فى جميع الحالات.. أى إذا خرجت أستراليا أو إذا كان المغادر هو الولاياتالمتحدة، لأن تحالف أصوات الاثنين فى الدور الأخير سيسبب مشكلة حقيقية لقطر. الدور النهائى: أغلب الظن أن من غادر هم الأستراليون، وهنا ستتجه أصواتهم إلى الأمريكيين.. ربما باستثناء بيكنباور إذا أراد أن يرد جميل 2006، لكن فى جميع الأحوال سيكون هذا الدور ورطة حقيقية للقطريين إن لم يفلحوا فى الفوز فى الدور السابق، وقد يصل الأمر -فى أحسن الأحوال إلى تعادل سيحسمه صوت الرئيس بلاتر الذى لن يذهب إلى قطر بأية حال، أى أن الفوز سيكون حليف الأمريكيين..! الخلاصة: كلمة السر فى اقتراع 2018 هى: B3 (بلاتر بلاتينى بيكنباور). وكلمة السر فى اقتراع 2022 هى: « جروندونا تيكسييرا ليوز».